أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي ومن دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي، وعالم دين وفقيه ومجدد إسلامي مصري، وله الفضل في إعادة إحياء الأمة الإسلامية لتواكب متطلبات العصر، وكان له الفضل في إنشاء صحيفة العروة الوثقى.
يصاف اليوم الذكرى الثانية عشر بعد المئة، على وفاة رجل الدين المصري الإمام محمد عبده، الذي كان له دور في الثورة العرابية، التي خرج فيها المصريون ينددون بالاحتلال البريطاني للبلاد، ولكن فشل الثورة أدى إلى صدور حكم ضد الشيخ المجدد بالسجن 3 سنوات والنفي إلى بيروت.
ترصد "أهل مصر" في التقرير التالي مسار حياة الإمام محمد عبده ومواقفه السياسية..
- نشأته:
ولد محمد بن عبده بن حسن خير الله عام 1849، في قرية محلة نصر بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة، لأب تركمانى وأم مصرية تنتمي إلي قبيلة بني عدي، ودرس في طنطا إلى أن أتم الثالثة عشرة، والتحق بالجامع الأحمدي.
- حياته العلمية:
درس الإمام محمد عبده بالجامع الأزهر عام 1866، ولتفوقه الدراسي، حصل على الشهادة العالمية عام 1877، وفور تخرجه، عمل مدرسًا لمادة التاريخ في مدرسة "دار العلوم"، وذلك عام 1882.
- انشغاله بالسياسة:
كان للإمام عبده نشاط سياسي، بجانب انشغاله بالدين والدعوة، فاشترك في ثورة أحمد عرابي، التي خرج فيها المصريون بمظاهرات ضد الاحتلال البريطاني، ولكن لم يحالفه الحظ، فحكم عليه بالسجن عقب فشل الثورة في تحقيق أهدافها، ومن ثم نفي الإمام إلى بيروت لمدة 3 سنوات.
وفي عام 1884، توجه الإمام عبده إلى باريس بدعوة من أستاذة جمال الدين الأفغاني، وكان للإمام الفضل في تأسيس صحيفة العروة الوثقى، وفي عام 1885، غادر عبده باريس متوجهًا إلى بيروت، وفي ذات العام أسس جمعية سرية بذات الاسم، العروة الوثقى.
- جهوده في مجال الثقافة:
يعد الإمام محمد عبده، واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة؛ فقد ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون.
وشارك عبده في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر، وبث الروح الوطنية في النفوس، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية.
- حياته العملية:
اشتغل الإمام بالتدريس في المدرسة السلطانية، وفي عام 1889، عين قاضيًا بمحكمة بنها، ثم انتقل إلى محكمة الزقازيق، ثم محكمة عابدين، إلى أن حصل على منصب مستشار في محكمة الاستئناف عام 1891.
في الخامس والعشرين من يونيو 1890 عين الإمام عبده عضوًا في مجلس شورى القوانين، وأسس جمعية إحياء العلوم العربية عام 1900، بهدف نشر المخطوطات، واستطاع في يونيو 1899، أن يصل إلى منصب المفتي، وبذلك أصبح عضوًا في مجلس الأوقاف الأعلى، وقضي الشيخ محمد عبده مفتيًا للديار المصرية ست سنوات كاملة حتى وفاته عام 1905.
- عودته من المنفي:
عاد محمد عبده إلى مصر بعفو من الخديوي توفيق، ووساطة تلميذه سعد زغلول وإلحاح نازلي فاضل على اللورد كرومر، ليعفو عنه ويأمر الخديوي توفيق أن يصدر العفو وقد كان، وقد اشترط عليه كرومر ألا يعمل بالسياسة عقب عودته، ووافق الإمام على هذا الشرط.
- الفتاوي التي قالها:
كان للإمام محمد عبده العديد من الفتاوي، في عدة مجالات، منها الوقف وقضاياه والميراث والمعاملات ذات الطابع المالي، والوصاية والشفعة والولاية على القصر، والحكر،
كما أصدر فتاوي لها علاقة بالمشاكل الآسرية، من زواج وطلاق وحضانة الأطفال.
ووصل عدد الفتاوي التي أصدرها الإمام الراحل محمد عبده في الميراث والمعاملات المالية 728 فتوي، أما عن الفتاوي المتعلقة بقضايا الأسرة، فوصلت إلى 100 فتوي، والفتاوي الخاصة بالقتل والقصاص وصلت إلى 29 فتوي، ويصبح بذلك 80% من الفتاوي الخاصة به متعلقة بالحياة المالية والاقتصادية والقضايا المتعلقة بهم.