قطر و حكامها لم تصنع مجداً خلال سنوات وكل ماأفرزته الإمارة الإرهابية من أموال أو استثمارات ليس من صنع يدها، بل هي "وهم المعجزة القطرية".
وقالت مصادر أمريكية أن الإمارة هي الأكثر أستقبالاً لليد العاملة المهاجرة، فما يقراب من الــ1.64 مليون نسمة عام 2010،هو يد عاملة في قطر يشكل القطريون أقلية قليلة 180 ألف مواطن مقابل 1.5 مليون مهاجر عربي وغربي، ومهاجرين قادمين بالخصوص من الهند، باكستان، سيريلانكا، بنجلادش، النيبال، الفليبين، والصين.
هؤلاء هم من صنعوا بعرق جبينهم المعجزة القطرية، فلولاهم لما وصلت الدوحة لما هي عليه الآن.
يتم استقدام هذه اليد العاملة عبر وساطة وكالات خاصة تتكلف بعقود العمل، فيتوجب علي هؤلاء المهاجرين أن يقوموا بدفع قيمة مالية قد تصل إلي حدود بضعة آلاف دولار ،يعقد المهاجرون آمالاً كبيرة علي عقود عمل يفترض أن تجعلهم يضمنون معيشة كريمة لعائلاتهم وتوفير قليل من المال يكفيهم لمستقبل أيامهم.
لحظة وصولهم إلي الدوحة، تخيب آمالهم بسرعة كبيرة، فأول ما يتفاجئون به أن الراتب الشهري الموعود أدني بكثير مما كانوا يعتقدون، فإذا تم وعدهم براتب شهري قدره 1000 ريال مثلاً، سيكتشفون لدي وصولهم أنهم لن يتقاضوا أكثر من 800 ريال.
أغلال الــكــفــالــة
يتحول الحلم إلي فخ حقيقي حينما تتم مصادرة جواز السفر من الكفيل،قيد إداري صارم ومفروض يسعي المسئولون من خلاله إلي تذكير الأجانب بكونهم ليسوا سوي "وافدين مدعوين" بشكل مؤقت، وفقاً لصحيفة كومنتاري الأرمريكية.
في حالة ما أراد المهاجر مغادرة الإمارة لأجل قضاء عطلة أو بشكل نهائي - يتوجب عليه الحصول علي وثيقة سماح خاصة 'exit visa' يتقدم طالباً إياها من كفيله القطري قبل 48 ساعة.
وتلك أزمة العاملين في قطر الآن من العرب لأن الكفيل بعد المقاطعة أصبح يرفض مغادرتهم البلاد، فأصبحوا مسجونين داخل الإمارة لأنهم دون موافقة الكفيل لا يستطيعون الحصول علي الباسبور.
في بعض الحالات، حينما يود استبدال شركة بأخري حتي يحصل علي راتب أكبر، يتوجب عليه الحصول علي موافقة كفيله، رد الكفيل يكون في الغالب سلبياً.
يلعب قانون العمل في قطر صالح الكفيل، حيث يحصل علاوة علي ذلك علي تعويض نهاية الخدمة من المهاجر.
كما يمكن طرد المهاجر خلال سبعة أيام دون تبرير لذلك، وفي حال صدور قرار كهذا لا يعود مسموحاً له بالبقاء علي التراب القطري.
العمال المهاجرون.. ظروف قاسية
تتميز ظروف عمل المهاجرين في قطر بالقسوة، خاصة أولئك الذين كتب عليهم الاشتغال في أعمال البناء،عملياً يمنع العمل في درجة حرارة تتجاوز الـ 50° درجة، لكن وللمفارقة يبقي مؤشر الحرارة ثابتاً علي الـ49° درجة.
ووفق قانون قطر الذي لا يطبق فلا يجوز تجاوز حاجز الـ 48 ساعة من العمل أسبوعياً، فيما عدا الأعمال المستعجلة تربط فرق العمل الليل بالنهار لأجل إتمام البناء.
في هذه الحالات تكثر حوادث الشغل بشكل كبير، حيث تعد السبب الثالث في حالات الوفيات بالإمارة، رغم أن السلطات لا تنشر عادةً تلك الأرقام: سكتات قلبية، الجفاف، أو سقوط إحدي الآليات، كل ذلك صار من يوميات العمال بهذا القطاع.
العمالة الآسيوية "عبيد"
بالنسبة لليد العاملة الآسيوية بقطر، فإنه يمنع عليها أي شكل من أشكال الاحتجاج علي ظروف العمل، فما بالك لو تعلق الأمر بمطالب في زيادة الأجور.
ذل العمل
في الإمارة، أغلب عاملات النظافة بالبيوت يتلقين راتباً لا يكاد يتجاوز الـ 250 دولارا أي ما يقارب الـ900 ريال قطري.
في قطر، يُمنع تأسيس نقابات، بل أكثر من ذلك يجوز للمُشغل أن يخصم من راتب المهاجر أجرة خمسة أيام كإجراء تأديبي له، حتي لا يضطر في كل مرة إلي إزعاج السلطة خاصة إذا ضبط في حالة سكر.
لأنهم يعيشون يومياً خطر الطرد من البلاد، فإن العمال المهاجرين محرومون تقريباً من حقوقهم البسيطة.
في أغلب أوقاتهم، هؤلاء الذين يكدون مثل النمل، يقضي هؤلاء العمال أيامهم في ظروف بائسة مرميين داخل بيوت أشبه ببيوت الصفيح توجد بضواحي الدوحة.
غرف كالمقابر
رسميا، ووفقاً للقانون، فإنه يحق لكل مقيمٍ 4 أمتار مربعة. لكن الواقع خلاف ذلك، إذ أن المهاجرين يتكدسون بعدد قد يصل إلي 18 شخصاً في الغرفة الواحدة، حتي ثمن الأسرّة يتم اقتطاعه من رواتبهم. آلات تكييف متهرئة، صالات حمام جماعي صغيرة، مطبخ جد متسخ، كل هذا مجتمعاً يلخص الواقع المظلم الذي يعايشه يومياً هؤلاء المهاجرون الآسيويون.
في المنطقة الصناعية بالدوحة، قامت السلطات القطرية بإنشاء مساكن علي طول كيلومترات لإيواء مئات آلاف المشاركين في مختلف الورشات التي تسبق كأس العالم 2022، إنها مدينة العمال.
يعتبر هؤلاء العمال شبه محرومين من وقت حر يمارسون فيه هواياتهم، حيث إن الإرهاق الذي يعيشونه لا يسمح لهم بذلك. يُمنع عليهم ولوج المراكز التجارية يوم الجمعة، لأنه اليوم المخصص للعائلات القطرية. علي أية حال، حتي مرات الخروج تعد علي أصابع اليد الواحدة، إلا ما خلا ذهابهم للصلاة يوم الجمعة في المسجد، أو الكنيسة بالنسبة للمسيحيين.
الوافدون الغربيون: عندما تصبح الجنة جحيماً
حينما يكون كل شيء علي ما يرام، فإن قطر تبدو في صورة جنة في عين الوافدين الغربيين، بالتأكيد أن المناخ قاسٍ والحياة المملة نوعاً ما، إلا أن الرواتب تكون جيدة عموماً، الأمن مضموناً، ومدارس الأطفال علي أعلي مستوي.
رغم كل هذا، فإن كل ما سبق ذكره يمكن أن ينهار في ضربة واحدة لو حدث سوء تفاهم ما بين الوافد الغربي وكفيله القطري. يتحول بذلك الحلم القطري إلي كابوس حقيقي يقض المضاجع.
بعض الوافدين الغربيين يصبحون "أسري"، حبيسين للنظام الإداري وعدالة مظلمة، عموماً تبقي هذه حالات استثنائية، لكنها رغم قلتها، إلا أنها أسالت حبراً كثيراً.
البلجيكي فيليب بوكاري عاش تجربة مُرة رواها للصحيفة الأمريكية فقد عاش سجيناً مدة 328 يوماً في قطر.
وصل هذا المنتج في القطاع السمعي ـ البصري للدوحة في أبريل 2008. كان مكلفاً بتنظيم مهرجان ثقافي.
بعد مرور شهرين هناك، تم إعطاء الانطلاقة للمهرجان، وأخذتُ زمام أموره، بدت السلطات القطرية متحمسة أمام الصيغة الجديدة للمشروع.
بعد ذلك قاموا فجأةً بفسخ العقد،كان لديه كل الحق في متابعتهم قضائياً، لكن أحد المساهمين في شركتي كان يشتغل كسكرتير للشيخة موزة فتوجه نحوه ليُحمله مسئولية خسائر المشروع، وكان علي البلجيكي بالتالي تعويض المال.
تدور أحداث القصة مثل إحدي قصص فرانز كافكا، فقد تقدم كفيله بطلب لدي الشرطة بمنع فيليب من السفر.
في المطار، تم تسجيل اسمه علي لائحة سوداء، بعد ذلك، رفع الكفيل شكوي ضده أمام القضاء، تم إذاً إلقاء القبض علي فيليب بوكري، حيث تم منعه من مغادرة البلاد، كما لا يمكنه أن يعمل، فأصبح يشاهد ذوبان أمواله وكل ما يملك أمام عينيه.
أما الحاجز القضائي، التجأ إلي حمي السفير البلجيكي مُجرباً بذلك الطريق الدبلوماسي، لكن دون جدوي، فجعله ذلك يقوم بتجريب طرق للرحيل سرياً.
ربطتُ الاتصال، والكلام هنا لفيليب، ببعض القراصنة، حيث خططتُ معهم للهرب، كلفني ذلك 50 ألف يورو ثمناً.
في النهاية، تمكن فيليب بوكاري من الفرار في سبتمبر علي متن قارب. بعد رحلة مضطربة علي طول عدة كيلو مترات، استطاع أن يصل لسواحل الهند،فكانت نهاية للكابوس.