اعلان

الحرب غير النمطية

كتب :

ظل المتآمر على مدار التاريخ يستخدم نفس أساليبه لتمرير الخداع على عقول ضحاياه. وحين تبحث فى صفحات التاريخ ستجد كيف كان يدرس ذلك المتآمر مدخله المناسب بعناية ليتمكن من خلاله أن يغلف أطماعه فى صورة مستحبة مقبولة يقدمها لضحيته.

أحيانًا كان يستخدم شعارات الدين، وأحيانًا أخرى يستخدم شعارات الحرية والعدل، وأحيانًا شعارات مساندة المقهور والمظلوم ضد الغاصب والمحتل.

لقد استخدم الخيانة والعمالة وأجاد توظيفهما لصياغة أحداث محددة مكنته من فرض حلول تخدم أهدافه، واستخدم مغريات الفتنة من مال ونفوذ وخلافه فى اصطياد عناصر تعينه على تنفيذ تحركاته.

ظل المتآمر -باختلاف توجهاته- قابعًا فى الظلام يعمل فى خفاء، إلا أنه ومع تطور العالم واستحداثات التكنولوجيا أصبح وجوده جليًا، يومًا بعد يوم، لكل مبصر.

وهنا نحن نتحدث عن الحروب غير النمطية، وهى بالمناسبة ليست بالحروب المكلفة إذا ما تمت مقارنتها بالحروب التقليدية المسلحة، أبحاثها ودراساتها تكون معدة مسبقًا ولا تحتاج سوى ترتيب الأولويات وآلية التحرك المناسبة.

الحرب غير النمطية ساحتها (العقل) وأدواتها مدخلاته سواء كانت مرئية أو مقروءة أو مسموعة.

ببساطة، اصنع الحدث ثم صدره إعلاميًا، ثم حرك أدواتك على ساحة الرأى العام، وأخيرًا افرض مقترحاتك التى تتناسب مع مصالحك بعد أن تكون قد هيأت أوضاع مناسبة لتقبلها.

فى الحرب غير النمطية، يتم دراسة جوانب المجتمع وأهم صفاته بما فيها من إيجابيات وسلبيات، تتم دراسة مكتسباته الاجتماعيه من موروثات القيم والمباديء والعادات باختلاف الشرائح العمرية والدينية والجغرافية.

من خلال الدراسة، يتم وضع آلية علمية لاختراق الواقع المجتمعي بمجموعة من المدخلات المحددة، تمهيدًا لاستقبال موجة لا نهائية من التوجيه غير المباشر للبعد الإدراكي.

استعانت الحرب غير النمطية بمواقع التواصل التي وفرت مجموعة كبيرة من قنوات الاتصال فى صورة صفحات عامة وكتائب إلكترونية بعضها كانت ولا زالت تتم إدارتها من الخارج. استعانت الحرب غير النمطية، باستراتيجية الإشاعة التى لم يعد شرطًا أن يكون مصدرها الشارع فقط مع توافر مصادر أخرى للترويج.

بدون مبالغة، إن أخطر ما يمكن أن يسقط به البعض هو افتراض المثالية على واقع افتراضى يقدم أسهل وسيلة للاستدراج عبر محطات اللاوعى والانسياق، وتتح للبعض أن يقدم مدخلاته الخبيثة لعقلك بالطريقة التى اعتقدت أنت أنها من اختيارك وبإرادتك فى بادئ الأمر.

من ذلك يبقى لزامًا علينا جميعًا أن ننتبه فى معترك حرب غير نمطية تستهدف بالأساس الوعى ألا نصبح طليعة جيش أعدائنا، ألا نجعل من عقولنا مطية لأهواء الآخرين يحركونها كيفما شاءوا وقت ما أرادوا. يجب علينا دائمًا أن نتحرى من صحة مصادر معلوماتنا وألا نساهم ولو بحسن النوايا فى ترويج أو نشر شائعات مغلوطة أو أفكار هدامة تحقق للمتربصين مآربهم من جبهتنا الداخلية لبلدنا الحبيب مصر.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً