تقدم ائتلاف دعم مصر والذي يمثل الأغلبية بجلس النواب بمشروع قانون جديد لتعديل بعض نصوص قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية وبدوره أحاله الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية برئاسة المستشار بهاء أبو شقة لدراسته والتصويت عليه.
التصالح في القتل
ويسمح القانون بالتصالح فى جرائم القتل العمد من غير سبق إصرار وترصد عدا الجرائم المُنفذة لغرض إرهابى.
وبحسب المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، فإن الأصل فى العقوبات الناشئة عن جرائم القصاص إنما تتناول شفاء غليل ولى الدم أو المجنى عليه فيما دون النفس، والجريمة قد تكون عمدية وفى هذه الحالة يجب القصاص أو الدية، وإذا وقعت بغير عمد، وهى القتل والجرح الخطأ، فتجب الدية فقط، مستشهدا بقوله تعالى: "ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليّه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا".
القصاص من حق العبد
وأكد الائتلاف أنه فى حالة القتل العمد يسقط القصاص بالعفو، إذ يعتبر القصاص من حق العبد، والعفو معروف بإسقاط بلا مقابل، أما الصلح يتم دوما بمقابل، ويعتبر الصلح فى جرائم القصاص محل اتفاق الفقه، مشيرا إلى أن الأئمة أحمد ومالك وقول للشافعى، توجب القصاص أو الدية، فولى الدم له الخيار بين أمرين، أن يقتص عينا من الجانى أو يأخذ الدية، ويجوز له العفو عن القصاص أو العفو عن القصاص والدية معا.
تقنين الصلح في القتل
وأشار ائتلاف دعم مصر، إلى أن كل الدول تتجه لتقنين أحكام الصلح فى جرائم القتل والجرح العمدية، لا سيما أن الصلح فى القصاص يقود لتهدئة النفوس وإزالة أسباب الاضطراب بين أطراف النزاع، وحسمه وسقوط العقوبة بإجراءات ميسرة دون حاجة لنفقات، ويقود إلى تحقيق أهداف العقوبة المتمثلة فى الردع العام والخاص، كما يؤدى لتحقيق غرض العدالة من خلال إعطاء حق الصلح للمضرور شخصيا للتنازل عن حقة بإرادته الحرة.
وفى ضوء تطبيقه فى مصر، تضمن القانون مادتين، الأولى بتعديل المادة 234 من قانون العقوبات، لتنص فى صيغتها الجديدة على أن: "من قتل نفسا من غير سبق إصرار ولا ترصد، يُعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة. ومع ذلك يُحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، أما إذا كان القصد منها التأهب أو مساعدة شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة، فيُحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة. وتكون العقوبة بالإعدام إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 234 تنفيذا لغرض إرهابى. (الفقرة الأخيرة عملا بالفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القانون رقم 79 لسنة 1992 بتعديل بعض نصوص قانون العقوبات وقوانين أخرى) وللمحكمة أن تقضى بانقضاء الدعوى الجنائية أو الحكم بعقوبة تعزيرية بالسجن من سنتين إلى 5 سنوات فى حالة تحقق الصلح المسقط للقصاص مع أولياء الدم، فيما عدا الجرائم المنفذة لغرض إرهابى، ويسرى هذا النص على الجرائم المنصوص عليها فى المادة 236 من قانون العقوبات".
وتتضمن المادة الثانية من مشروع القانون نصا مستحدثا فى قانون الإجراءات الجنائية، برقم 18 مكرر (ب)، وتنص على أنه: "لورثة المجنى عليه أو وكيلهم الخاص، إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة، بحسب الأحوال، وذلك فى الجنايات الواردة بالمادتين 234 و236 من قانون العقوبات. ويجوز الصلح فى أى حالة كانت عليها الدعوى، وحتى بعد صدور الحكم باتا. ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها، فيما عدا الجرائم العنصرية، والجرائم المنفذة لغرض إرهابى، فلا يجوز إعمال الصلح المسقط للقصاص فيها. ولا أثر للصلح على حقوق المضارين من الجريمة".
وساقت المذكرة الإيضاحية عدة دلائل وشواهد على تطبيق الصلح المسقط للقصاص، إذ أشارت إلى أن الصلح المسقط للقصاص نصت على مشروعيته عديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، وأجمع عليه علماء المسلمين، شريطة ألا يكون إلا بعد ثبوت الحق فى القصاص للمجنى عليه أو ورثته، لأنهم هم أصحاب الحق فيه وهم من يملكون القصاص والصلح، وأن أركان الصلح عند جمهور الفقهاء أربعة، ولا يقوم الصلح فى القصاص إلا بتوافرها وتوافر شروطها، منها الصيغة وهى الإيجاب والقبول بين الجانى والمجنى عليه أو ورثته، وكذا العاقدان أو من يمثلهما شرعا وقانونا، ومحل عقد الصلح المتمثل بسقوط القصاص، وأيضا مقابل الصلح "الدية"، مشيرا إلى كثير من التشريعات الوضعية الحديثة التى عرفت نظام الصلح بوجه عام فى الجرائم البسيطة وحصرت نطاقه فى جرائم محدودة بعينها، أما الصلح المسقط للقصاص فلم تعرفه كونها لم تأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية فى هذه الجرائم، إلا أن هناك قلة من التشريعات أجازت الصلح المسقط للقصاص، مثل التشريعات السعودية والليبية والسودانية واليمنية وقوانين الإمارات العربية المتحدة، اتباعا وتطبيقا لأحكام الشريعة الإسلامية.