فى خطوة نادرًا ماتحدث، أن يبحث شخص عن قرار الإزالة الصادر لمنزله الذى نشأ فيه منذ الطفولة، وكانت له أجمل الذكريات داخل جدرانه، ويعكف على تنفيذ القرار وهدمه، حفاظًا على أروح المواطنين.
أقدم الفنان "يحيي الفخراني" بشكل نموذجى، يحتذى به، على زيارة مفاجئة لحى غرب المنصورة، حيث مسقط رأسه، والتقى بالعاملين في ديوان الحى مطالبا بضرورة إزالة منزله لمنع تكرار ما حدث بعقار نسيم المجاور له والذى تعرض للانهيار وراح ضحيته 6 من الأهالى، الأربعاء الماضى.
وفوجئ موظفو الإدارة الهندسية، بأن السائل عن قرار الإزالة، هو يحيى الفخرانى بنفسه، الأمر الذى دفعهم للترحيب به، وتم إخطار المهندسة منال عطية، رئيس حى غرب المنصورة، حيث التقت بـ"الفخرانى"، بمكتبها، واطلعت على قرار الإزالة الصادر لمنزله، لإتمام إجراءات الإزالة، وتنفيذها، واستخراج تصريح وترخيص لهدم المنزل.
وقال يحيى الفخراني، خلال حديثه مع رئيس حى غرب المنصورة، إنه شاهد انهيار العقار عبر وسائل الإعلام، وأثر فيه جدًا مشاهد استخراج الضحايا من تحت الأنقاض، خاصة وأن الفيديوهات التى تمت إذاعتها، لهدم العقار، وإخراج جثث الضحايا، كانت تحوى المشاهد من الشارع الذى نشأ فيه، وتذكر معها طفولته فى هذا المكان، والذى، عاش فيه طيلة أيام دراسته بالمرحلة الابتدائية، حيث لم تتغير معالم الشارع كثيرا، عما كان عليه وقت صباه وطفولته، مما أثر فيه أكثر.
وتابع "الفخرانى" أنه لما صدر قرار الإزالة لمنزله، منذ 8 أعوام، لم ينفذ القرار، لأن المنزل فيه ذكريات الطفولة، وقام بعض المهندسين بتقييم البيت وقال إنه لا خطورة منه، والمنزل أصلًا مغلق، وكنت دائما ما أتذكر طفولتى فى هذا المكان، والجيران والحياة، وكيفية العيش فى هذه المدينة الصغيرة التى كانت تشع بالفن فى كل مكان وهى مدينة المنصورة، وذكرياته على نيل المنصورة، ثم عودته للمنزل، وسط أهله، كل ذلك منعه من تنفيذ قرار الإزالة منذ 8 سنوات.
وأضاف "الفخرانى"، خلال حديثه بمكتب رئيس حى غرب المنصورة، كنت أتابع أسماء الضحايا بخوف شديد أن يكون من بينهم أحد الجيران القدامى الذين أتذكرهم، وتألمت جدا لما علمت أن من بين الضحايا طفلة، وأثر فى ذلك، وما زاد من حزنى هو وفاة الفتاة القعيدة ووالدها، وعشت مأساة الضحايا، وأسرهم، ولم يمر على مرور الكرام، صور أدوات المنزل، وصور البيوت، وملابس السكان والضحايا، وهى تحت الركام والأنقاض.
وقالت منال عطية رئيس حى غرب المنصورة، "إن منزل الفنان يحيى الفخرانى، فى شارع الثانوية، بمدينة المنصورة، صادر له قرار إزالة منذ عام 2008 ولم يتم تنفيذه، والعقار عبارة عن طابق أرضى وطابقين علويين، وبه عدد من السكان، وقد أنهى الفنان إجراءات خروجهم منه، وبالفعل سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المنزل حفاظًا على أرواح المواطنين.
وأضافت "عطية"، أن الفنان يحى الفخراني، كان سعيد بوجوده فى مدينة المنصورة، وأعرب عن ذلك، وعن مستوى المدينة الجمالى والعمراني، واصفًا إياه أنها قلعة للفن، ومازالت تخرج فنانين كبار وعظماء، وأعرب كذلك عن أسفه لهدم منزل طفولته الذى كان يعتز به كثيرًا، إلا أنه فضل أن يكون الناس وحياة الناس فى أمان، أكثر من أى شىء، فلا شىء يعوض حياة شخص، وأرواح الناس مسئولية كبيرة، لابد من الحفاظ عليها.
وتابعت رئيس حى غرب المنصورة، أن المنزل صادر بحقه قرار إزالة برقم 6589 لسنة 2006، وتم عمل الإجراءات القانونية اللازمة، واستخراج تصريح هدم للمنزل، وسوف يتم إخلاء السكان من الطابق الأرضى منه، وإخلاء المنزل من متعلقات السكان، وهدمه بمعرفة المالك.
فيما حرص موظفو حى غرب المنصورة، على التقاط صور تذكارية، مع الفنان يحى الفخرانى، داخل مبنى ديوان الحى، وقال أحمد شوقى، موظف بحى غرب المنصورة، لما رأيته لم أصدق أنه يحيى الفخرانى، ولما تحدث إلى وسألنى عن مكتب الإدارة الهندسية سألته فأخبرني أنه الفخراني، وتعامل مع الجميع بتواضع كبير جدًا، وخلق رفيع، فكان يستمع للموظفين ولم يكن يقاطع أحدا فى الكلام، وكان معتدلًا فى جلسته، وكان يستقبل أى من الموظفين أو المواطنين الذين أرادوا التقاط صور تذكارية معه بابتسامة حارة، وكأنه يعرفهم منذ وقت طويل.