يجلس فى ركن بعيد منطويًا على نفسه، مختفيًا بعيدًا عن الأنظار، يتوارى عن أعين الناظرين محاولًا إخفاء وجهة، لم يكن يومًا مجرمًا، ولكن مرضه جعله منبوذًا من الكثيرين حوله، استخدم “طاقية” على رأسه لإخفاء بعض معالم وجهه.
رجل ستينى ظهر من بعيد يجلس وحيدًا، لم يرافقه أحد، تخلى عنه الجميع، يعانى من أمراض عديدة جعلته منبوذًا من قبل البعض.
انه «عم وحيد» ومن الواضح أنه اسم على مسمى، فهو بالفعل وحيد، البالغ من العمر 62 عامًا، من دمياط، حالة فردية من نوعها، جلس فى ركن بعيد فى استقبال مستشفى القصر العينى، رفض الحديث مع الأشخاص المحيطين به، انهمك فى همومه، وجلس واضعًا كفيه على وجهه فى محاولة لإخفاء معالم وجهة.
عم وحيد لا يستطيع التحدث، يُعبر عن ما بداخله عن طريق الكتابة، بدأت قصة معاناته منذ عامين تقريبًا، حينما ظهرت ورم صغير على شكل “حباية” فى أنفه، لم يعطى لها أى اهتمام، ولكنها ظلت فترة طويلة مما اضطره للكشف عليها، شخص الطبيب مرضه بطريقة خاطئة مما أدى إلى انتشار الحبوب بأنفه كاملا، مما جعله يجرى عملية كبيرة استأصل فيها أنفه بكامله ليظهر بهذه الصورة الغريبة، يخرج من أنفه خرطومين حتى يستطيع التنفس من خلالهما.
لم تتوقف معاناة عم وحيد عند هذا الحد، بل زادت مأساته، عندما اكتشف بعد فترة قصيرة، أنه يعانى من الكبد وقد وصل إلى حالة متأخرة، إلى جانب سرطان وأورام أخرى إضافة إلى عدم قدرته على السمع.
يبكى عم وحيد فى حرقة دامية، على حالته وما وصل اليه، لا يستطيع التعبير عما بداخله إلا بطريقة واحدة وهى الكتابة فقط، لم يطلب عم وحيد شيئا سوى أنه يريد سماعة أذن حتى يستطيع الرد على من يتحدث اليه، عن طريق الكتابة على كل من حوله.
يعرف عم وحيد أن أيامه فى الحياة معدودة، ولكن لم يتملكه اليأس، ويظل طيلة الوقت يذكر اسم الله ويحمده على حال.