مفكر أمريكي: واشنطن تشهد درجة غير مسبوقة من الانقسام (صور)

أعرب المفكر أوس جنيس، أحد الأكاديميين المرموقين، عن سعادته البالغة بوجوده في مكتبة الإسكندرية، وانبهاره بالدور الذي تقوم به على المستويين المحلي والدولي، خاصة جهودها في نشر الثقافة والحكمة والحوار والانفتاح على ثقافات العالم المختلفة.

جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح أولى اجتماعات "صالون الإسكندرية"، مساء اليوم الثلاثاء، والذي تنظمه مكتبة الإسكندرية يومي 12 و13 سبتمبر الجاري، تحت عنوان "مستقبل القوى الناعمة المصرية"، بحضور عدد كبير من المثقفين والباحثين والشعراء والأدباء.

وأكد جنيس، أن نماذج الدول لا يمكن تعميمها أو ضمان نجاحها في دول أخرى، لأن لكل دولة طبيعتها وظروفها الخاصة، ولكنه بكل تأكيد أحد التجارب الهامة التي يمكن أن نتعلم منها الكثير، فقد قدمت الولايات المتحدة الأمريكية للعالم نموذج ناجح في اكتساب الحرية والحفاظ عليها لسنوات طويلة، إلا أنها تواجه الآن العديد من التحديات التي تهدد بفشل هذا النموذج وعدم استدامته.

وأوضح، أن إنشاء مجتمع يتمتع بالحرية يمر بثلاثة مراحل أساسية، وهي الواجبات، التحديات، وتجاوز المفارقة، مضيفا الواجبات تتمثل في اكتساب الحرية، وهي مرحلة مرت بها العديد من الدول من خلال الثورات، وتنظيم الحرية، وهى مهمة أصعب من التي سبقتها وتتمثل في صياغة الدساتير التي تنظم هذه الحرية، وأخيرًا استدامة الحرية، وهي كافة الإجراءات التي تضمن الاستمرارية بمرور الوقت، أما التحديات فقد تمثلت بالنسبة للحالة الأمريكية في الضغوط الخارجية، الفساد الذي تحميه بعض العادات والتقاليد، والزمن.

وأشار الأكاديمي، إلى أن المفارقة الكبرى هي أن "أكبر عدو للحرية هي الحرية نفسها"، موضًحا ذلك بأن الوصول إلى الحرية واكتسابها هو أمر صعب قد يتطلب التضحية بأرواح الكثيرين في حروب وثورات، وبالتالي فإن جهود البعض للحفاظ عليها قد تتحول إلى أفعال فوضوية ومتسلطة، وهو ما يتنافى مع قيم الحرية.

وأوضح، أن نجاح النموذج الأمريكي في تحقيق الحرية الذي جاء في أعقاب الثورة الأمريكية يتمثل في قدرة المجتمع على تحديد هدف واحد بالرغم من التنوع والاختلاف الذي تمتع به آنذاك، وقد أطلق على هذه التجربة "المثلث الذهبي للحرية"، والذي يضم ثلاثة عناصر أساسية وهي الحرية، الفضيلة، والإيمان؛ فالحرية تتطلب الفضيلة، والفضيلة تتطلب الإيمان، والإيمان يتطلب الحرية.

ولفت إلى أن نموذج الحرية في المجتمع الأمريكي المعاصر، معرض للخطر لعدد من الأسباب، أهمها أن المجتمع الأمريكي يشهد درجة غير مسبوقة من الانقسام، ليس فقط سياسيًا بل اجتماعيًا وتعليميًا وثقافيًا واقتصاديًا، كما أن المبادئ التي قامت عليها الحرية سابقًا هي محل جدال ونقاش كبير.

وشدد جنيس، على أن التحدي الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ليس خارجيًا بل هو داخل المجتمع الأمريكي نفسه، مؤكدًا أن انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية ليس هو الأزمة في حد ذاتها، إنما هو نتاجًا لها ومعبرًا عنها.

يذكر أن المفكر أوس جنيس من الأكاديميين المرموقين، ينحدر من عائلة إيرلندية عريقة، واستكمل دراساته العليا في بريطانيا، ويعيش في الولايات المتحدة وله أكثر من ثلاثين كتابا في المواطنة، والمدنية، والحرية والمسئولية، ومعروف بآرائه النقدية للحياة الأمريكية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً