طالبت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الرئيس دونالد ترامب بالإقرار بأنه مخطئ في موقفه من اتفاق إيران النووي.
واستهلت الصحيفة، تقريرا على موقعها الإلكتروني، بالقول إن ترامب عصيّ على التنبؤ عند اتخاذ قرارات في قضايا خلافية، وهو نفسه القائل يحتاج المرء إلى أن يكون عصيّ التنبؤ بأفعاله؛ لكن ثمة العديد من التقارير تشير إلى أن ترامب سيرفض في الـ 15 من أكتوبر الجاري أن يشهد أمام الكونجرس بأن إيران تمتثل لشروط الاتفاق الدولي المقيّد لبرنامجها النووي؛ وذلك بعد أن أدلى بذات الشهادة مرتين من قبل أمام الكونجرس.
ورأت (لوس أنجلوس تايمز) أن خطوة كتلك من جانب ترامب، قد تمثل توطئة لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، ومن ثم إعادة فرض عقوبات اقتصادية، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى استئناف طهران أنشطتها النووية، لكن ثمة أصوات في إدارة ترامب تقول إن سحْب الموافقة على الاتفاق النووي الإيراني لن يفضي إلى أي من ذلك؛ وترى تلك الأصوات أن خطوة كتلك من جانب ترامب قد تفضي إلى مفاوضات قد تتمخض بدورها عن تحسين الاتفاق، ويتحدث أصحاب تلك الأصوات من مستشاري ترامب ومساعديه عن استراتيجية مفادها: سَحْب الشهادة على الاتفاق وإصلاحه.
واستبعدت الصحيفة أن يتحقق هذا السيناريو الذي وضعه مستشارو ترامب، قائلة إنه لا يُقدّم التفسير الأقرب للصواب لقرارٍ من جانب ترامب بعدم الإدلاء بالشهادة الثالثة أمام الكونغرس بأن إيران ممتثلة لشروط الاتفاق؛ إنما التفسير الأكثر قبولا لمثل تلك الخطوة من جانب ترامب هو أن هذا الرئيس ببساطة غير قادر على الإقرار بأنه كان مخطئا عندما أعلن عن رفضه للاتفاق النووي الإيراني إبان حملته الانتخابية واصفا إياه بأنه أسوأ صفقة تم التفاوض بشأنها على الإطلاق.
وأكدت (لوس أنجلوس تايمز) أن الاتفاق رغم عدم مثاليته، إلا أنه يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، وهو ما أكده وزير الدفاع في حكومة ترامب جيمس ماتيس في الكونجرس مؤخرا بقوله ان الاتفاق النووي الإيراني شيء ينبغي على الرئيس أن ينظر في استبقائه"؛ إلى ذلك، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تمتثل لشروط وأحكام الاتفاق.
وتساءلت الصحيفة عن سبب طلب ترامب للشهادة على امتثال إيران في الـ 15 من أكتوبر الجاري؟ قائلة إن المشكلة تكمن في صياغة قانون مراجعة اتفاق إيران النووي، وهو القانون الذي مررّه الكونجرس واعتمده الرئيس أوباما بلا حماسة في أكتوبر 2015؛ وبمقتضى القانون، يجب على الرئيس أن يشهد كل 90 يوما ليس فقط بأن إيران ممتثلة لشروط الاتفاق ولكن أن يشهد الرئيس كذلك بأن تعليق الولايات المتحدة للعقوبات على إيران هو قرار مناسب ومتماشي مع التدابير المحددة والقابلة للتحقق من جانب إيران بخصوص إنهاء برنامجها النووي غير القانوني، وأن هذا القرار حيوي لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
ورأت (لوس أنجلوس تايمز) أن هذه الصياغة غير المُحكمة، تسمح لترامب بأن يرفض الشهادة على امتثال إيران لشروط الاتفاق حتى لو كانت الأخيرة تلتزم بتلك الشروط؛ عندئذ يكون أمام الكونجرس 60 يوما لمناقشة إعادة فرض العقوبات من عدمها.
وقالت الصحيفة إن الفرضية التي تقوم عليها استراتيجية "سحْب الشهادة على الاتفاق وإصلاحه" تبدو على النحو التالي، أن الكونجرس لن يتمادى ويعيد فرض العقوبات على إيران، وإنما سيلجأ بدلا من ذلك إلى الضغط على الأخيرة للعودة إلى طاولة التفاوض لتقديم تنازلات جديدة، كتمديد فترة القيود على الأنشطة النووية أوالموافقة على فرْض قيود على برنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية، وسيعوّل الكونجرس على انضمام حلفاء أمريكا إليها في الضغط على إيران لتقديم تنازلات جديدة.
ورأت (لوس أنجلوس تايمز) أن مثل هذه الفرضية تنطوي على قدر كبير من المجازفة ومن السهل أن تأتي بمردود عكسي؛ فلماذا تجلس إيران للتفاوض على اتفاق جديد مع ممثلين عن الولايات المتحدة إذا كانت هذه الأخيرة تحاول تقويض اتفاق لم يمضِ على إبرامه سوى عامين اثنين؟.
واختتمت الصحيفة تقريرها، قائلة إن استراتيجية سحْب الشهادة على الاتفاق وإصلاحه ليست مدروسة بعناية؛ وإنما هي محاولة لاحتواء الضرر الناجم عن رفْض رئيسٍ للإقرار بأنه كان خاطئا، وإذا كان ترامب يرغب فعليا في أن يكون عصيّا على التنبؤ بأفعاله، فليقدّم مصلحة البلاد وليشهد مرة أخرى بأن إيران تمتثل لشروط وأحكام الاتفاق النووي.