اعلان

"نهاية اليونسكو".. ماذا لو فاز مرشح قطر.. دولة بلا تاريخ تقود أكبر منظمة دولية للتاريخ

كتب : سها صلاح

حين قال مبعوث إسرائيل لمندوبي الدول أعضاء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو في يوليو الماضي إن إصلاح "السباكة في مرحاضه" أهم من أحدث قرار اتخذوه فقد سلط ذلك الضوء على تأثير الخلافات على عمل المنظمة.

وأيا كان من سيفوز بمنصب المدير العام للمنظمة خلفا لإيرينا بوكوفا، فإنه سيكون عليه مهمة أن يعيد للمنظمة مكانتها.

وأنشئت المنظمة بعد الحرب العالمية الثانية لكنها أصبحت مكبلة بشكل متزايد بسبب الخصومات الإقليمية ونقص التمويل.

ومن بين الإنجازات التي حققتها يونسكو إدراج مواقع على قائمة التراث العالمي مثل جزر جالاباجوس وأضرحة تمبكتو التي أعادت يونسكو بناءها بعد أن دمرها إسلاميون متشددون.

لكن في علامة لمدى تدهور العلاقات الدولية قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقادة العالم الشهر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن "يونسكو تروج لتاريخ زائف".

وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة أودري أزولي تحظى بدعم الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون، لكن ترشيحها في اللحظة الأخيرة أثار غضب دول عربية وقد هددت اليابان على سبيل المثال بحجز مبالغ مستحقة للمنظمة في 2016 بعد أن ضمت يونسكو وثائق قدمتها الصين عن مذبحة نانجينغ التي وقعت عام 1937 في برنامج "ذاكرة العالم".

وساء وضع يونسكو في 2011 عندما ألغت الولايات المتحدة مساهمتها الكبيرة في ميزانيتها احتجاجا على قرارها منح الفلسطينيين عضوية كاملة فيها مما أجبرها على تقليص برامجها ووقف عمليات التوظيف.

وأضرت المقاطعة الخليجية لقطر بعد إدانتها بدعم الإرهاب بفرص المرشح القطري وهو وزير الثقافة السابق حمد بن عبدالعزيز الكواري، وسيجرى التصويت على خمس جولات بحد أقصى، وإذا تساوت الأصوات التي يحصل عليها المرشحان النهائيان فستقام قرعة.

انتهت الجولة الثانية من الانتخابات على منصب مدير عام منظمة اليونسكو، الثلاثاء، بعد فشل المرشحين في الحصول على الأغلبية المطلقة (30 صوتًا).

وحصدت مرشحة مصر، مشيرة خطاب على 12 صوتًا، في المركز الثالث خلف مرشحة فرنسا أودري أزولاي التي حصدت على 13 صوتًا. وجاء مرشح قطر حمد الكواري في المركز الأول بـ20 صوتًا.

وحصد المرشحون الثلاثة على صوت واحد إضافي عن الأصوات التي حصدوها في الجولة الأولى. ومن المقرر إجراء جولة ثالثة من التصويت غدًا الأربعاء، حتى يحصل أي مرشح على الأغلبية.

ويحتاج المرشح إلى حصد أغلبية الأصوات (30 صوتًا) من أصل 58 صوتا هم أعضاء المكتب التنفيذي الذين يحق لهم التصويت. وفي حالة فشل أي مرشح في الوصول إلى هذا العدد من الأصوات تعاد الانتخابات إلى جولة رابعة. وفي الجولة الخامسة المقرر لها يوم الجمعة حال فشل أي مرشح في حصد 30 صوتًا، يفوز المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات.

ويقلص من فوز المرشحين العرب وهم كل من مصر وقطر ولبنان برئاسة المنصب، المشهد السياسي المعقد الذي يعيشه العالم العربي، وانتشار الفوضى والحروب بالمنطقة بسبب ضغوط الدول الكبرى لفرض الهيمنة من جهة، ولتورط دول كقطر في دعم الإرهاب وتموليه وانتهاج خطوات موالية لإيران، الساعية لتحقيق طموحها في التوسع على حساب الأمن القومي لدول الخليج والعالم العربي من جهة أخرى.

لذلك فإن حظوظ المرشح القطري حمد الكواري ضعيفة في ظل أزمة المقاطعة التي اتخذتها دول عربية إزاء الدوحة، واتهامها لها بتصدير الإرهاب ورعايته وتمويله، ورغم إصرار قطر على دعم مرشحها إلا أنه لن يستطيع أن ينأى بنفسه عن المأزق القطري، كونه محسوبا على الحكومة القطرية وسياساتها المشبوهة.

إذا لم تصر قطر على الإبقاء على مرشحها، كان من السهل أن تشكل المرشحة المصرية منافسا شرسا للمرشحة الفرنسية.

وأكدت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية ، إن الدور القطري في معركة اليونيسكو يخلط كل الأوراق بالنسبة لأي مرشح عربي، لأن المشاورات الدبلوماسية قبل انطلاق سباق الترشح أسفرت عن شبه توافق عالمي بأحقية أحد المرشحين العرب أو الشرق أوسطيين بتولي منصب رئيس اليونيسكو.

وتعمل الديناميكية الدبلوماسية داخل أروقة اليونيسكو وفقا لمعايير أغلب مؤسسات الأمم المتحدة، حيث تمثل تكتلات جغرافية مكونة من دول تحمل رابطا ثقافياً أو خلفية حضارية مشتركة، كما تحمل ثقلاً سياسياً ودبلوماسياً يسعى لترجيح كفة أي من المرشحين المنتمين إليه.

وتولت شخصيات تنتمي لغالبية التكتلات الدبلوماسية الأخرى منصب رئيس اليونيسكو، ولم يتبق فقط سوى المجموعة العربية التي لم تتول شخصية تنتمي لأي من دولها المنصب من قبل.

عملية معقدة

تعتبر القاهرة أن فرص مرشحتها متساوية مع منافستها الفرنسية، وتأمل في انسحاب بقية المرشحين العرب، وهي الحالة الوحيدة التي يرى خبراء أنها ستقود إلى منافسة مصرية-فرنسة شرسة.

اليونسكو.. حلم العالم الذي يقيده التسييس

وأكدت إيرينا بوكوفا المديرة العامة المنتهية ولايتها لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في مقابلة مع صحيفة فرنسية الأحد أن التمتع بالقدرة على جمع الأموال وبشخصية قادرة على التوحيد هي المتطلبات الرئيسية في مدير عام المنظمة.

ومن المقرر أن يبدأ المجلس التنفيذي للمنظمة بداية من الاثنين التصويت لاختيار خليفة لبوكوفا، التي وصفت المنظمة بأنها حلم العالم، لكنها تواجه صعوبات مالية وسياسية بسببه.

وتقدمت سبع دول بمرشحين، وهي فرنسا والصين وفيتنام وأذربيجان ومصر وقطر ولبنان.

وكتبت مرشحة لبنان فيرا الخوري لاكويه في بيان مرفق بطلب الترشح إن هناك تحديا مهما ينتظر على من سيتم اختياره لقيادة المنظمة وهو الحد من التسييس المبالغ فيه لعمل المنظمة والذي تحول في بعض الأوقات إلى برميل بارود يعيق تحقيق أهدافها.

وألقت صراعات الشرق الأوسط بظلالها مرارا وتكرارا على عمل المنظمة، التي تشتهر بقائمتها لمواقع التراث العالمي، وبعد موافقة المنظمة على قبول فلسطين كعضو، أوقفت الولايات المتحدة، أكبر ممول للمنظمة، دعمها المالي لها.

وبدأت محاولات العرب لنيل لهذا المنصب عام 1999 عندما ترشح مدير مكتبة الإسكندرية حينها المصري إسماعيل سراج الدين، والأديب والدبلوماسي السعودي غازي القصيبي، فخسر الاثنان أمام الياباني كوشيرو ماتسورا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً