بمجرد دخولك إليه تشعر بانتقالك إلى عصر القاهرة الخديوية، حيث بساطة الطبيعة، الممتزج مع جمال العمارة الفرنسية والأوروبية، تتداخل مع الطبيعة المصرية القديمة، لتجتمع جميعها في مكان واحد هو متحف السكة الحديد، بمقره الكائن في محطة مصر برمسيس.
يعرض المتحف والذي افتتحه الملك فؤاد الأول، بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي للسكك الحديدية في يناير 1933، ويضم المتحف بين جدرانه ما يقرب من سبعمائة نموذج ومعروض، ومجموعة من الوثائق والخرائط والبيانات الإحصائية وجميعها تبين تطور النقل والسكك الحديدية منذ عهد المصريين القدماء إلى وقتنا هذا.
لم تكن النماذج المعروضة فقط هي العنصر الوحيد المميز داخل المتحف، حيث التقت عدسة "أهل مصر" نموذجًا لرخصة قيادة وتسيير "حمار" في شوارع المحروسة، حيث اعتمد كوسيلة رسمية للنقل والمواصلات وقتها، وكغيره من الوسائل كان لابد من تسييره برخصة.
وفي سنة 1873، كان هناك رخصة تسيير حمار ودواب في شوارع المحروسة، حتى يتم تنظيم الدواب قبل ظهور المركبات والسيارات الموجودة حاليًا، ويحدد فيها خط سير الدابة وعليها صورة الدابة، واللافت أن قيمة رسوم استخراج الرخصة وقتها بلغت 60 قرشا، أما رخصة الجمل فزاد عليها جملة "والسفر إلى الأقطار الحجازية" على اعتبار أن السفر قديما للحج والعمرة كان بالجمل الذي كان يطلق عليه "سفينة الصحراء"، واستخرجت رخصة الجمل بـ 90 قرشًا في زيادة عن رخصة الحمار بمقدار 30 قرشًا كاملة.
يذكر أن القوانين في عام 1871م، نصت على وجوب استصدار رخص لأصحاب الدواب، فكانت هناك رخص تُمنح لأصحاب الحمير كي يتمكنوا من المشي به في شوارع مصر من دون مانع، كرخصة السيارة، ويُكتب على الرخصة اسم صاحب الحمار ولون الحمار، وهو الأمر الذي فرضه الخديوي إسماعيل، تيمنًا بالحال في أوروبا، لتمر السنوات وينقلب الحال لنجد عشوائية في القرارات، وزحام مروري اشتهرت به المحروسة بعد أن كانت مثالا للجمال والهدوء.