يتجه عدد من المستثمرين نحو التصنيع "تحت بير السلم"، والتي تطلق عليه الحكومة الاقتصاد غير الرسمي، نظرًا للإجراءات الصعبة التي تفرضها الحكومة، والبيراقراطية التي تجعل العديد منهم يتخذون هذا الاتجاه، لزيادة الأرباح المالية، خاصة وأنها أقل تكلفة، بسبب عدم دفع الضرائب الحكومية، والهروب من الأعباء المالية التي تفرضها الحكومة.
ونتيجة لظهور التصنيع "تحت بير السلم"، غزت المنتجات الرديئة الأسواق المصرية، والتي تغري المواطن برخص ثمنها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وهو الأمر الذي يتطلب إعداد خريطة عمل خلال المرحلة المقلبة، لضم الاقتصاد غير الرسمي للاقتصاد الرسمي، وفق خبراء.
ولتحفير المستثمرين "تحت بير السلم" للانضمام إلى الاقتصاد الرسمي، أصدرت هيئة التنمية الصناعية، قانون التراخيص الصناعية، الذي يقلل فترة الحصول على الرخصة، من 365 يوما إلى 7 أيام، كما تم إصدار اللائحة التنقذية لقانون التراخيص الصناعية، وتقليل التكاليف، بالإضافة لإصدار قانون السلامة الغذائية لضمان الرقابة الجيدة علي المنتجات المصنعة، كما تم إنشاء جهاز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تحت رئاسة مجلس الوزارء، ويضم عدد من الوزارء.
كما اتخذت الدولة العديد من الإجراءات التي تمنع من التهرب، إلا أن قرار تحرير سعر الصرف رفع معاناة أصحاب تلك المشروعات، ما جعلهم لا يستطعون الانضمام للاقتصادي الرسمي، الذي يزيد من أعبائهم المالية، ووجود أصحاب المصالح، الذي يخدمون المحتكرون في عدد من الوزارة التي تسعي لتدمير الصناعة، واقتصارها على قلة..
- تحتاج دعم مالي:
من جانبه قال هشام كمال رئيس جمعية مشتثمري المشروعات الصغيرة بالقاهرة، إن ضم الاقتصاد غير الرسمي للاقتصاد الرسمي، يعطي قوة للاقتصاد المصري، ويساهم في رفع كفاءت وجودة المنتجات المتاحة داخل السوق المصري، وتتم عن طريق، تقديم التسهيلات والحوافز اللازمة، عن طريق إلغاء الضرائب لمدة عامين أو أكثر، أو عن طريق تقديم دعم مالي، للعمل داخل المنظومة الرسمية، فليس من مصلحة الحكومة أن ترفع من الضرائب والكهرباء والغاز المقدم للمصانع، حيث إن تلك الخطوات تساهم في زيادات المتلاعبين والمتهربين.
وأضاف "كمال" أن تقدم تسهيلات والتخفيضات الحكومية، سياهم في رفع كفاءة المنتجات، ويقضي على المنتجات الردئية، كما أنه سياهم في توافر السلع عبر المنفذ الرسمي، وكذلك تقديم التسهيلات المالية من خلال القروض، وهو الأمر الذي يزيد معه عوائد الدولة من الضرائب، وسبق وأن جاءت فاعلية تلك الخطوة خلال عهد المخلوع حسني مبارك من خلال يوسف بطرس غالي، والذي قلل الضرائب، ما رفع من قيمة العوائد، في عام 2006، وزاد من دخول العديد من الشركات، وهو الأمر الذي يساهم في دهم الإصلاح الاقتصادي، ويساهم في دفع خطة التنمية التي تقوم بها الدولة خلال المرحلة الحالية.
- ارتفاع الفواتير يزيد الابتعاد عن أحضان الدولة
قال طلعت الشاعر رئيس جمعية الألمونيوم بميت غمر إن قطاع الألمونيوم يعد من القطاعات الهامة التي تحتاج لمساندة ودعم الدولة، خاصة، وأنها تمثل نحو 70% من صناعة الألمونيوم علي مستوي الجمهورية، فهي تعاني من زيادة الكهرباء، وزيادة في الأعباء المالية، نتيجة لقرار تحرير سعر الصرف، ما ساهم في زيادة فواتير المصانع من الكهرباء والغاز والضرائب.
وأضاف "الشاعر" المصانع التي كانت تدفع نحو 200 ألف جنيه ضرائب، أصبحت تدفع نحو 700 ألف جنيه، كما ارتفعت فواتير الكهرباء، أيضا للضعف، ما جعل عدد كبير من المصانع تتوقف عن العمل، وخاصة مع حالة الركود، الذي يعيشه قطاع الألمونيوم، وكذلك صعوبة الحصول علي التمويلات الكافية للإرتقاء بالمشروعات والإهتمام بها، موضحا أن تلك الخطوات ساهمت بعدم دخول تهرب عدد كبير من المصانع العاملة في قطاع الألمونيوم، خاصة في ظل الإجراءات الإقتصادية الصعبة، والتي تسبب فيها قرار تحرير سعر الصرف.
وأشار رئيس جمعية الألمونيوم بميت غمر، إلى أن تحميل أصحاب المصانع والمتسهلكين فاتورة تحرير سعر الصرف، ولن ينفع معه إجراءات الحكومة، نظرا لارتفاع كل مدخلات الإنتاج، ما رفع التكلفة النهائية، ما دفع المستهلكين تقلل من فاتورة استهلاكهم، ما زاد من حالة الركود الذي يعيشها القطاع.
- ضياع مليارات الدولارات كحصيلة ضريبة
قال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، إنه كثيرا ما تطرقت لملف الاقتصاد غير الرسمى أو اقتصاد الظل أو الاقتصاد الموزى، وأكدت فى أكثر من حديث عن وجود مليارات من الجنيهات تضيع على الدولة سنويا، كحصيلة ضرائب للاقتصاد الموازى، نتيجة عدم اتخاذ خطوات حقيقية لدمجه فى الاقتصاد الرسمى، وهنا نطرح سؤال على القائين على هذا الملف هل يوجود بيانات ومعلومات واضحة حول اقتصاد المشروعات الصغيرة والمتوسطة اعتقد أن الإجابة لا، لأنه حتى الأن لا يوجد تحرك لدمج قطاع الاقتصاد الموازى بحصره أولا، وعمل قاعدة بيانات دقيقة له.
وأضاف "الشافعي" أما عن حجم الاقتصاد فإن كلا من الورش المختلفة والباعة الجائلين، والدروس الخصوصية، والعقارات، والمصانع الصغيرة، وغيرها عشرات القطاعات الأخرى تدخل جميعها في حيز الاقتصاديات غير رسمية، وغير معلنة، ولا تخضع للمنظومة الضريبية، ولا يوجد رقم دقيق واضح حول الاقتصاد الموازى لأن الدولة نفسها لا تمتلك حصر حوله، والبعض يرى أنه أكثر من 80 % من الاقتصاد الرسمى لأن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحده يتخطى 7 مليون مشروع دون التطرق لحجم استثمارتها وأغلبها اقتصاد غير رسمى.
- الحوافز هي الحل
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الأمر يستدعى استراتيجية جديدة لهذا الملف، تعمل من خلالها كافة أجهزة الدولة، وتعتمد على مسح شامل لكل الاقتصاد الموازى، وتضع له حوافز مشجعه على دخوله ضمن الاقتصاد الرسمى، فمثلا المدن الجديدة لتجميع الحرفيين مثل مدينة الروبيكى للجلود ومدينة الأثاث فى دمياط والنسيج فى المنيا والمجمعات الصناعية الجديدة التى تم طرحها مؤخرًا، قد تكون بداية جيدة لتجميع تلك الحرف وودمجها مع الاقتصاد الرسمى، والاستمرار فى عمل هذا النوع من المدن يؤدى إلى إحداث عملية دمج لاقتصاد الظل ضمن الاقتصاد الرسمى.
وطالب الخبير الاقتصادي الحكومة المصرية النظر إلى تجارب بعض الدول مثل البرازيل والمكسيك التى تعاملت مع هذه الأزمة، ومنح أرباب الحرف والعاملين بصفة عامة فى الاقتصاد غير الرسمى حوافز للدخول للسوق الرسمية، وإيجاد حل لجميع مشاكلهم، مشيرا أن هناك ضرورة ملحة لوضع استراتيجية واضحة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة القادمة كقطاع منفصل لأن الاقتصاد غير الرسمى منه أكثر من 90% مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، موضحا علي غياب حصر واضح لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر، إلا أرقام متفرقة صدرت من اتحاد الصناعات ووزارة الصناعة، وهو ما يجعل هذا القطاع غير خاضع بصورة مباشرة لهيئات تحصيل الضرائب.
وأضاف الشافعي أن الأهم من كل ذلك هذا تقديم حوافز لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة مثل عمل حوافز ضريبية أوحوافز فى تسهيل اجراءات منح التراخيص والتصاريح لعمل الورش والمصانع الصغيرة ولا يوجد مستثمر يعمل وفق منظومة صحيحة يحتمى فى اقتصاد غير رسمى، ويجب على الحكومة أو المطلوب منها هو قانون خاص باقتصاد الظل أو غير الرسمى يشمل على حوافز واضحة فى المشروعات الصغيرة، لأنه حتى مبادرات دعم تلك المشروعات لم تنجح حتى الان.