لا تزال العادات والتقاليد القديمة الموروثة في محافظات الصعيد، تسبب أزمات ومشاكل كبرى، لأبناء تلك العائلات، وتؤدي في بعض الأحيان لوقوع ضحايا وزهق أرواح.
ويعتبر الزواج الإجباري أحد أبرز العادات والتقاليد التي يتمسك بها الأهالي في العائلات المختلفة بمحافظات الصعيد، وخاصةً "قنا"، حيث تجبر الفتيات في العديد من العائلات بالمحافظة علي الزواج من أبناء عمومتهم وأفراد العائلة وذلك حرصا على أموال وأراضي العائلة.
هنا محافظة قنا أقصي جنوب الصعيد، حينما، قررت شيماء. ع. ا، البالغة من العمر 21 عامًا، الهرب من أسرتها وظلت بعيدة عنهم لمدة تقارب عام كاملًا، وذلك بعدما قررت أسرتها أن تزوجها لابن عمها بعد وفاة والدها، وبالفعل تم زوجها شرعيًا؛ ولم تغيب طويلا فعادت مرة أخري للمنزل لكن جثة هامدة.
شيماء.. فتاة في ربيعها الثاني، طالبة جامعية، توفي والدها منذ قرابة عامان، حاول أبناء عمومتها وأفراد أسرتها ووالدتها، إجبارها علي الزواج من ابن عمها، لكنها رفضت الزواج منه. لكن قامت أسرته بتزويجها لنجل عمها دون علمها، وذلك عن طريق مأذونًا دون أن تدري ودون حضورها، فما كان عليها سوي أن تبدأ في تقديم طلب التحويل من جامعتها التي كانت تدرس بها في محافظة قنا الي جامعة أخري بعيدًا عن أسرتها وقررت الهرب وبدأت في جمع ما تبقي لها من ملابس داخل المنزل.
كان القدر رحيمًا بالفتاة الجامعية في تلك المرة، حينما قررت الهروب من المنزل ومعها متعلقاتها الشخصية، وأموال لا تتعدي الـ500 جنيهًا، وقررت أن تستمر في دراستها وتعمل وتنفق علي نفسها، ولم يشاهدها أحد أثناء هروبها من منزلها داخل القرية.
بحسب روايات عديدة.. تحظى شيماء علي محبة جميع الأشخاص، ولم تكتف الطالبة بالهروب من المنزل والدراسة والحياة بمفردها، لكنها قررت أن ترفع دعوي خلع علي زوجها الذي لم تتزوجه وأحضرت محامي دون أن تتقابل معه، حتي قررت المحكمة طلاق الفتاة.
صاحبة العقد الثاني من العمر، قررت أن تخفي شخصيتها وهويتها الحقيقية، وذلك بعدما وصلتها العديد من رسائل التهديدات من قبل أسرتها والتوعد بالقتل لغسل عارهم لأنها خرجت عن عادات وتقاليد وموروثات الصعيد. وعملت الفتاة في التسويق الشبكي، وفي العديد من الفنادق والشركات بمدينة شرم الشيخ وفي مجالات سياحية عديدة، وعملت ايضًا في مجال التنمية البشرية، وكانت تنفق علي نفسها وأغلقت كافة أرقام هواتفقها التي تعرفها أسرتها في محاولة للتخفي عنهم.
الفتاة بعدما هرب وقررت التخفي، لم تذكر نهائيًا اسمها الحقيقي، وكانت تسمي نفسها ياسمين علي، خوفًا من أن يعثر عليها احدًا من أفراد أسرتها أو معارف أسرتها ويدلون علي مكانها وتلقي حتفها.
ظلت الفتاة علي هذا الحال لمدة تقارب العام ونصف العام، حتي تعرفت علي أحد الأشخاص، واتفقت معه علي الزواج، لكن عادات وتقاليد الصعيد التى تتمسك بجزءًا منها جعلها ترفض الزواج منه دون علم أسرتها وموافقتهم، فقررت أن تفتح صفحة جديدة معهم وتواصلت مع والدتها لتعلمها.
ظنت الفتاة أن أسرتها سوف تفتح صفحة جديدة معها، وتنسي كافة الأحداث الماضية، وذلك بعد أن قالت لأسرتها أنها سوف تتنازل عن الميراث الخاص بها وتتزوج شخصًا آخر تعرفت عليه من خارج القبيلة ومحافظات الصعيد، لتجد رد والدتها الذي أثلج صدرها بمطالبته بقدومها الي المنزل حيث يتم الإتفاق علي كل شئ.
بدأت الفتاة في الفرح، وظنت أن الفرصة جائتها لفتح صفحة وعلاقة أخري مع أسرتها، بعدما وعدتها والدتها أن كل شيئ سوف يسير حسبما تريد، إلا أنها لم تكن تعرف أن القدر خبئ لها شيئًا آخر، فسافرت الفتاة لمحافظة قنا، وحينما دخلت إلى القرية، تربص لها نجل عمها وقام بقتلها ذبحًا وردد خلال القتل بحسب العديد من الروايات الشعبية "قتلتها وغسلت عاري".
وبحسب روايات شعبية ورسمية، فإن والدة الفتاة استدرجتها الي القرية، بعدما أوهمتها بالموافقة علي فتح صفحة جديدة معها ونسيان ما حدث سابقًا، والموافقة علي زواجها من شخص أخر، واتفقت مع أبناء عمومتها علي قتل الفتاة حينما تصل إلى القرية لأنها لم تلتزم بعادات الأسرة وتقاليدها.
لم تنته الحادثة عند ذلك، بل القاتل بعدما هرب لساعات قليلة، قرر أن يسلم نفسه، وذهب لمديرية أمن قنا، ومعه مجموعة من أفراد عائلته لا يأبي للموقف اي شيئ، وذلك لكونه غير معترفًا بأن ماحدث هو خطًا بل هو عملية غسل لعاره.
وكانت الأجهزة الأمنية في محافظة قنا، قد عثرت علي جثة، شيماء. ع. ا، تبلغ من العمر قرابة 21 عامًا، مقتولة داخل مصرف زراعي في مركز قنا، وذلك في واقعة مأساوية، وحاولت أجهزة الأمن إخفاء تفاصيل مقتل الفتاة وذلك حتي لا تشتعل فتنة داخل القرية والقري المجاورة بالمحافظة.