كشفت صحيفة النيويورك تايمز عن سر إعلان الرئيس السوداني عمر البشير لأول مرة عن دعمه لأحد قادة حزبه الحاكم لمنصب رئاسة الجمهورية في انتخابات 2020.
وقال البشير سأدعم ترشيح والي الجزيرة محمد طاهر أيلا، لمنصب الرئيس، وربط البشير تخلف الولاية بالصراعات بين بعض قيادات الولاية السياسية، وعدم اهتمامهم بعملية التنمية.
وأضاف لذلك اخترت الوالي إيلا ليكون والياً عليها لمقدرته على العمل وتحقيق المشاريع الخدمية التي تفتقر لها الولاية.
والأسبوع الماضي جدد البشير، الذي جاء إلى السلطة في انقلاب أبيض عام 1989 ومطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة اتهامات بجرائم حرب في دارفور، تعهّداته السابقة، بالتخلي عن الحكم في البلاد مع نهاية دورته الرئاسية الثانية عام 2020، وتسليم السودان لخليفته خالياً من الحروب.
-الوالي "ينفرد بالسلطة"
وتفجرت خلافات حادة بين الوالي الذي يترأس الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) في الولاية، وبعض قياداته وأعضائه، ونتيجة لتلك الخلافات فصل 19 من قيادات الحزب، وهم أعضاء في المجلس التشريعي المنتخب في 2015.
وترجع جذور الخلافات بين الوالي وحكومته من جهة، وبرلمان الولاية من الجهة الأخرى، إلى اتهامه بأنه "ينفرد بالسلطة"، ويتخذ القرارات دون الرجوع إلى القيادات الحزبية، وهذا ما دفعهم إلى إسقاط خطاب حكومة الولايات والميزانية المقدمة للمجلس التشريعي للإجازة، فيما يقول مؤيدو الوالي إنه "يقود حملة تصحيحية"، ويسعى إلى تنمية الولاية، ويحارب الفساد ومراكز القوى، التي أعاقت تنمية الولاية التي تعد "من أثرى ولايات البلاد".
وتعد زيارة البشير إلى ولاية الجزيرة، التي من المنتظر أن يدشن خلالها عددا من المشاريع التنموية، تأييدا لوالي الولاية،خاصة بعد قراره بإعلان حالة الطوارئ وحل المجلس التشريعي
وكانت ولاية الجزيرة هي الولاية التي تعتمد عليها الخزينة العامة في البلاد، عن طريق عائدات تصدير القطن الذي ينتج في "مشروع الجزيرة" أكبر المشاريع المرورية في أفريقيا، بمساحة قدرها مليونا فدان.
ويحمل مواطنو الجزيرة الخرطوم المسؤولية عن تدهورها وتهميشها، ويقولون إنها مارست "تدميراً متعمداً" لمشروع الجزيرة، وهو ما نفاه الرئيس البشير بالقول:"الجزيرة تهمشت بسبب أبنائها، الذين لم يهتموا بهموم وقضايا المواطنين بل تفرغوا للصراعات".
-دولة الرئيس
وسبق أن أعلن البشير بعدم نيته الترشح، لكن ذلك لم يحدث وانتخب البشير لدورة أخرى.
وعقب الانتخابات الأخيرة قام البشير بعدة إجراءات نظر إليها البعض باعتبارها سعيا لمزيد من الاستئثار بالسّلطة، ففي عام 2013، أبعد شخصيات سياسية بارزة هما علي عثمان محمد طه والرجل القوي في الحزب الحاكم نافع علي نافع.
وأفسح هذا التغيير المجال لأن يُحل مكانهم شخصيات تدين للبشير بالولاء المطلق، مثل نائبه الأول الحالي الفريق بكري حسن صالح الذي ينتمي إلى المؤسسة العسكرية.
وفي مطلع 2015 أنجز البشير تعديلات دستورية تسمح له بتعيين ولاة الولايات بدلا من انتخابهم، وتحويل جهاز الأمن إلى قوة نظامية مثله مثل القوات المسلحة والشرطة، وتتضمن مهامه محاربة التهديدات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
ونجم عن ذلك تركز السلطات السياسية والأمنية والعسكرية في يد الرئيس البشير وبدلاً من "دولة الحزب" أصبحت هناك اليوم "دولة الرئيس".