تشهدالعلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا تطورا ملحوظا منذ زيارة الرئيس السيسى لروسيا عام 2015، حيث تم تذليل الكثير من العقبات التي كانت تعترض انسياب حركة التجارة بين البلدين، وتوقع خبراء أن يتضاعف حجم التبادل التجارى والاستثمارات الروسية في مصر وعودة السياحة الروسية، خاصة مع بدء تشغيل محطات الطاقة النووية في الضبعة، والتي يتم انشاؤها بتعاون مصري روسي.
ويزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإثنين المقبل، القاهرة، تلبية لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال القمة التاسعة لمجموعة "بريكس" الاقتصادية سبتمبر الماضي، الذي شارك فيها السيسي لأول مرة، لتبادل الآراء حيال القضايا الدولية، لتوفير الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومن المقرر أن تشهد الزيارة، التوقيع على إنشاء مدينة صناعية "مصرية - روسية" في منطقة محور قناة السويس، لبدء العمل بها فعليا في 2018، حيث وقعت في فبراير العام الماضي، مذكرة تفاهم حول إنشاء منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس، والتي ستضم مشروعات لإنتاج جرارات زراعية ومنتجات بتروكيميائية، وغيرها من المنتجات. وستتمتع هذه المنطقة الصناعية بإعفاءات ضريبية، وستمتد على مساحة مليوني متر مربع شرق بورسعيد، ضمن محور تنمية قناة السويس، وأفاد تقرير لوزارة التجارة والصناعة الروسية، بأن حجم الاستثمارات في المنطقة الصناعية الروسية المزمع إنشاؤها في منطقة بورسعيد المصرية سيبلغ نحو 4.6 مليار دولار بحلول عام 2035، ومعظم هذه الاستثمارات تأتي من القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن المنطقة ستعود بعائدات تصل إلى 11.6 مليار دولار على الشركات والأفراد العاملين فيها.
وتشير دراسة أعدتها وزارة التجارة والصناعة، عن العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا إلى أن السوق الروسي يعتبر من الأسواق الواعدة والهامة للصادرات المصرية كونه سوق مفتوح وسوق استيرادي كبير الحجم، وتتمتع العلاقات المصرية الروسية بالتقارب في وجهات النظر على الصعيد السياسي تجاه العديد من قضايا السياسة الإقليمية والدولية التي تحظى باهتمام مشترك.
وتُعدّ روسيا أكبر دولة في العالم من حيث المساحة؛ إذ تبلغ مساحتها 17،075،4 مليون كم²، وعدد سكانها حوالي 142.4 مليون نسمة، حيث تعتبر من أكثر الدول زيادة سكانية، حيث تحتل المرتبة التاسعة من حيث عدد السكان على مستوى العالم كله، وتعد روسيا إحدى أكبر عشر اقتصاديات في العالم، وهى إحدى دول مجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبرى في العالم، ويمثل مجموع اقتصاد هذه الدول الثمانية 65% من اقتصاد العالم وأغلبية القوة العسكرية تتمثل فى هذه الدول، وتُعد العاصمة الروسية موسكو أكبر مدن روسيا اليوم وإحدى كبريات مدن العالم من حيث السكان، وميناء روسيا الرئيسي هوَ سانت بطرسبرغ الواقعة على بحر البلطيق.
وتُعتَبرُ روسيا سابع أكبر اقتصاد في العالم حسب الناتج المحلي الإجمالي، والسادسة من حيث القدرة الشرائية، كما أنها عضوة في مجموعة العشرين ومجلس أوروبا ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي ومنظمة شانغهاي للتعاون ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وتستعرض الدراسة التالي:
السياحة الروسية في مصر:
تأثرت السياحة المصرية كثيرًا بعد سقوط الطائرة الروسية، عندما فجر إرهابيين طائرة روسية في شمال سيناء، في شهر أكتوبر 2015، أسفر عن مقتل 224 شخصًا كانوا على متن الطائرة، وبذلك خسرت مصر 40% من إجمالي السياحة الوافدة إليها، وبحسب بيانات وزارة السياحة، حققت السياحة الروسية 2.5 مليار دولار إيرادات لمصر، من أصل 7.4 مليار دولار حققها قطاع السياحة عام 2015 بنسبة 33.8% من اجمالى إيرادات السياحة، وأن إنفاق السائح الروسى يتراوح بين 55 إلى 60 دولارا في الليلة. لذلك تعكف وزارة السياحة المصرية الآن على استعادة المستوى العالي للمنظومة الأمنية بالقطاع السياحي بمدينتي شرم الشيخ والغردقة منذ حظر روسيا سفر مواطنيها على عودتها إلى مصر.
وأكدت البيانات الصادرة من وزارة السياحة، أن إيرادات السياحة فى مصر بلغت 500 مليون دولار فقط فى الربع الأول من 2016 حيث شهدت انخفاضا قدرة 66% مقارنة بالعام الماضي، وإن سبب تراجع إيرادات السياحة للنصف تقريبًا هو انسحاب روسيا من سوق السياحة، والتي تمثل أكثر من 40% من حجم السياحة الوافدة إلى مصر، فمشكلة السياحة المصرية كبيرة جدًّا بالنسبة للسوق الروسي؛ ولذلك تبذل الحكومة جهودا كبيرًا لبحث شروط روسيا لعودة وانتعاش السياحة مرة أخرى.
الاستثمارات الروسية في مصر
وتبلغ إجمالي الاستثمارات الروسية في مصر 62 مليون و830 ألف دولار، ويتواجد بالسوق المصري نحو 415 شركة روسية، وأهم القطاعات التي تستثمر فيها هذه الشركات "السياحة والإنشاءات والخدمات والصناعة"، كما أن روسيا تحتل المرتبة 47 ضمن الدول المستثمرة في مصر.
الاستثمارات المصرية في روسيا
نوه البنك المركزي الروسي، بأن إجمالي حجم الاستثمارات المصرية في روسيا تبلغ 9 ملايين دولار وتتركز معظمها في مجال التصدير والاستيراد، فضلا عن وجود مخازن تستخدم لتخزين الأخشاب قبل تصديرها إلى مصر.
التجارة الخارجية بين مصر وروسيا الاتحادية:
1- صادرات مصر إلى روسيا
بلغت قيمة صادرات مصر إلى روسيا الاتحادية حتى يوليو 2016 حوالى 228.7 مليون دولار وتمثلت أهم الصادرات في الفواكه والخضر والبذور.
بلغ معدل نمو قيمة الصادرات المصرية إلى روسيا الاتحادية 10% خلال الفترة 2010-2015 لتصل إلى 344.2 مليون دولار عام 2015 مقارنة بـ 213.3 مليون دولار عام 2010.
تمثلت أهم صادرات مصر إلى روسيا الاتحادية عام 2015 فى كل من موالح طازجة أو مجففة، بطاطس طازجة أو مبردة، بصل وثوم طازج أو مبرد، زيوت نفط خام على الترتيب ليصل إجمالي نسبة مساهمة تلك الصادرات لهذه البنود الأربعة إلى نحو 76.2% من إجمالي الصادرات المصرية إلى روسيا عام 2015.
2- واردات مصر من روسيا الاتحادية
بلغت قيمة واردات مصر من روسيا الاتحادية حتى يوليو 2016 حوالى 1.312 مليار دولار وتمثلت أهم الواردات في الحبوب، حديد صلب، الخشب ومصنوعاته، النحاس ومصنوعاته، وقود معدني، سيارات وجرارات.
بلغ معدل نمو قيمة الواردات المصرية من روسيا الاتحادية 12.9% خلال الفترة 2010-2015 لتصل إلى 3370.4 مليون دولار عام 2015 مقارنة بـ 1835.1 مليون دولار عام 2010.
تمثلت أهم واردات مصر من روسيا الاتحادية عام 2015 فى كل من قمح، زيوت نفط عدا الخام، منتجات نصف جاهزة من الحديد، أخشاب، خشب ابلكاج او خشب مصفح على الترتيب ليصل إجمالي نسبة مساهمة تلك الواردات لهذه البنود الخمسة إلى نحو 78.8% من إجمالي قيمة الواردات المصرية من روسيا الاتحادية عام 2015.
الفرص الكامنة في الدخول للسوق الروسي:
وتتمثل في وجود سوق كبير لعرض المنتجات، وحظر مفروض على منتجات عدد من دول أوروبا، وسعي عدد من رجال الأعمال الروس لتنويع المصادر التي تلبي حاجاتهم، إضافة إلى خطة الحكومة الروسية بشأن إنشاء عدد من المشروعات السكنية خلال الفترة القادمة.
معوقات التجارة بين مصر وروسيا:
لتعزيز ودعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وروسيا وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين لابد من إيجاد حلول لبعض المعوقات والمشاكل والتي تحد من نمو وتطور هذه العلاقات إلى المستوى المأمول تحقيقه وخاصة زيادة فرص نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الروسى، ومن أهم هذه المعوقات والمشاكل ما يلي:-
1- المنافسة القوية الصينية للمنتجات المصرية فى روسيا وإهمال المصدرين المصريين الالتزام بالمواصفات المطلوبة بجدية مما يسبب خروج المنتجات المصرية من المنافسة وقلة فرصها فى التواجد بالسوق الروسى.
2- عدم وجود خطوط ملاحية بحرية مباشرة ومنتظمة بين مصر وروسيا مما يؤدي إلي ارتفاع تكاليف الشحن وطول الرحلة وتلف البضائع في بعض الأحيان
3-عدم المعرفة الكافية بوسائل التوزيع وسلاسل التوريد داخل روسيا.
4- عدم توافر طائرات لنقل البضائع إلى روسيا خاصة المنتجات الزراعية سريعة التلف.
5- عدم إلمام المصدر المصرى أثناء الفرز بمحطات الفرز والتعبئة داخل مصر بالشروط والمواصفات الصحية اللازمة للمنتجات الزراعية المطلوب تصديرها إلى روسيا مما يؤدى الى رفض روسيا لدخول بعض شحنات البطاطس والموالح إليها.
التوصيات والمقترحات:
أكد ت الدراسة، أهمية دراسة إنشاء خط ملاحي يربط الموانئ المصرية بنظيرتها الروسية ومنح تيسيرات لجذب شركات الملاحة الدولية للعمل فى السوق المصري بما يمثل فرصة واعدة لتنمية ومضاعفة الصادرات المصرية إلى السوق الروسى، خاصة أن معظم الصادرات المصرية لروسيا تتركز فى المنتجات الزراعية والحاصلات الزراعية، والتى تحتاج إلى آلية شحن سريعة.
وشددت على ضرورة تنشيط عملية تبادل السلع بين البلدين بالعملات المحلية (الجنيه والروبل) والذي فى حال تنفيذه سيسهم بشكل كبير فى زيادة حجم التجارة البينية بين مصر وروسيا، بجانب الترويج للصادرات المصرية من خلال زيادة المشاركات في الفعاليات التجارية المختلفة والبعثات الترويجية خارج نطاق مدينة موسكو، وإعادة النظر فى دعم الصادرات المصرية بحيث يتم منح دعم إضافى للصادرات إلى روسيا.
وأشارت إلى إنشاء مراكز لوجستية فى روسيا لبيع المنتجات المصرية المختلفة فى شكل بضاعة حاضرة، ويعتبر ذلك من أهم متطلبات السوق الروسى، والتغلب على المشكلة التى تواجه الكثير من المستوردين الروس، وهى تذبذب سعر صرف الروبل مقابل العملات الأجنبية.
وكذا توعية المستورد الروسى فى مراسلات المصدر المصرى معه لإمكانية الاستفادة من التخفيض الجمركى البالغ 25% الذى تقدمه روسيا لبعض بنود الصادرات المصرية فى إطار النظام المعمم للمزايا «GSP»، بالإضافة إلى أهمية مخاطبة مسئولى الشركات الروسية المستوردة باللغة الروسية، حيث إن أغلب الشعب الروسى لا يجيد التحدث باللغة الإنجليزية.
تطور ملحوظ فى العلاقات الاقتصادية
من جانبه، أكد الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب وكيل وزارة التجارة للبحوث الاقتصادية، وجود تطور ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا منذ زيارة الرئيس السيسى لروسيا عام 2015، حيث تم تذليل الكثير من العقبات التى كانت تعترض انسياب حركة التجارة بين البلدين، متوقعًا أن يتضاعف حجم التبادل التجارى والاستثمارات الروسية في مصر وعودة السياحة الروسية، خاصة مع بدء تشغيل محطات الطاقة النووية فى الضبعة، والتى يتم انشاؤها بتعاون مصري روسي.
وأشار وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، إلى وجود مناقشات لانشاء منطقة صناعية روسية متكاملة فى مصر، ومن المنتظر أن يتم الاعلان عن الصناعات التي ستتوطن فى هذه المنطقة قريبا.