مع انسدال ليل كل يوم وينام الناس، يصحو عالم آخر مخيف الوجه، أشخاص تحمل ملامحهم القسوة يحومون حول المكان، يتسلون في صمت، وفي الداخل يتعاطون في هدوء وأمن المخدرات بأنواعها، فضلا عن موبقات أخرى في عالم الليل وآخره حيث تفوح رائحة الدخان الأزرق وتتعالى الضحكات الهستيرية من مسجلى الخطر والبلطجية.. هنا مدينة الفالوجا للاسكان الطلابي سابقا بالزقازيق أو جنة الخارجين على القانون يفعلون داخلها ما يشاءون دون خوف.. "اهل مصر" اخترقت العالم السري للمدينة الجامعية القديمة.
"دي مهجورة من 20 سنة وكل يوم بنشوف فيها أشكال وألوان».. جملة قطع بها علي حسين، موظف مقيم بالقرب من المدينة بالزقازيق صمت المكان الذي تزحف فيه الجريمة، مضيفا: اسم «الفالوجا»، مأخوذ من المدينة العراقية الشهيرة، وكانت تعج بالطلاب قبل اخلائها منذ سنوات طويلة، لافتا « دي بقت وكر لكل المجرمين بيجو بيشربوا فيها مخدرات وكمان حاجات تاني كتير".
وأضاف "حسين": «كل المحافظين اللي مشيو طلبنا منهم هدمها وتحويلها لحديقة ولا أي حاجة منفعة عامة بس محدش رد علينا»، واختتم «كل يوم نسمع عن مصيبة حصلت جوا المدينة أو جنبها في الضلمة".
مدينة الفالوجا التي تقطن بجوار المدينة الصناعية بالزقازيق تعاني من الإهمال المستمر رغم كثرة المطالب والمناشدات من الأهالي للمسئولين بجامعة الزقازيق والمحافظ إلا أن الجميع لم يلق بالا بما يقولون.
جن وشعوذةحالة من السخط والغضب والاشمئزاز تصيب الأهالي المجاورين للمدينة الجامعية المهجورة " الفالوجا"، منذ عشرين عاما قبل أن تغلق وتصبح بيتا للأشباح وملهما لسيادة الخرافات والجدل والشعوذة بين الناس، وهي بكل المقاييس مغارة علي بابا والأربعين حرامي، أصبحت ملاذا آمنا ووكرا للسارقين أو متعاطي المخدرات ومقلبا للقمامة، رغم الأقفال الكبيرة على أبوابها .
"المدينة سورها وقع وولاد الليل بيقفزوا فيها بالليل وبيجيبو ستات سمعتها وحشة أحيانا ليمارسوا الرذيلة وبنخاف نتكلم عشان عيالنا».. اعتراف مرير من عم سيد إبراهيم الذي يقع مسكنه مقابل المدينة القديمة، مضيفا أن العديد من الأهالي طالبوا بإعادة بناء أو تطوير مباني المدينة لتسكين الكثير من الشباب الذين يدرسون بالجامعة حتيى يخففوا أعباء السفر والتكاليف المالية الكبيرة على أسرهم سواء من قاطني مدن المحافظة البعيدة أو المغتربين، فيما اقترح البعض جعلها مسكنا اجتماعيا لشباب المحافظة او جعلها دارا للمسنين والحالات الخاصة أو مجمع خدمات ومصالح حكومية بدلا من تفرقها في جميع أنحاء الزقازيق.
كارثة بالزقازيققد نصدق أن تحدث كوارث في الأماكن النائية أو حتى القرى المنعزلة، ولكن أن تكون على مرمى ومسمع من المسئولين فهي أم المصائب، فعلى بعد امتار من مدينة الفالوجا، وسط الزقازيق، تفوح رائحة القمامة الكريهة لتخنق المارة فضلا عن العشوائية والفوضى التي تكمل المشهد المأساوي.
يقول محمد الجندي، أحد الأهالي إن أتلال القمامة التي تحاوطهم من كل اتجاه، تنبعث منها الأمراض المزمنة وتصيب خاصة الأطفال وكبار السن ناهيك عن وجود سوق كبير في المنطقة، ويناشد " الجندي" المحافظ ورئيس مجلس المدينة أن يرحموهم من تلك الكارثة.
ويؤكد ابراهيم محمود، مدرس تاريخ، أن وجود مزلقان السكة الحديد هو جرس انذار لحالات موت منتظرة في قلب منطقة مزدحمة يعبرها عشرات الآلاف يوميا، ولابد أن تناقش عملية نقل خط سكك الحديد خارج قلب مدينة الزقازيق وتوجد دراسات وخطط معدة للتنفيذ من خبراء وهو يعرف شخصيا أحد الخبراء يمتلك تلك الدراسة التي من شأنها الحفاظ على روح المواطنين وخلق سيولة مرورية واتساع للسوق وقدرة أكثر على النظافة المستمرة.
ويشدد المهندس أحمد زعفران أنه حان الوقت للخلاص من كمية التكاتك السرطانية غير المرخصة التي يقودها أطفال أو اشخاص مدمنو مخدرات، والتي تتواجد سواء على جانبي المزلقان أو السوق أو حتى في الطرق الرئيسية والتي تسبب حوادث يومية لا تنتهي اضافة الى مشاجرات السائقين والمارة والركاب واصحاب سيارات الملاكي وهي مهزلة بكل المقاييس فلا يتواجد احد افراد المرور رغم أهمية المنطقة التي تبعد عدة أمتار عن مديرية أمن الشرقية ومدارس ومصالح حكومية.
من جهته، أكد عبدالحكيم نورالدين، نائب رئيس الجامعة أن هناك مخاطبات للتعليم العالي لهدم المدينة الجامعية القديمة وبنائها حتى لا تكون مأوى للخارجين عن القانون، لافتا الى أن هناك تنسيقا بين الجامعة والداخلية لوضع اكمنة دائمة لملاحقة الخارجين عن القانون.
فيما أكد نبيل فاروق رئيس مجلس محلي مدينة الزقازيق أن مدينة الفالوجا ليست تابعة للمجلس او المحافظة مشيرا الى ان جامعة الزقازيق هي صاحبة الولاية على المدينة.
ولفت رئيس المدينة الى أن معدات المجلس ترفع يوميا نحو 500 طن من المخلفات، مشيرا الى ان المجلس خصص صناديق كبيرة للقمامة "حاوية" لكن الأهالي يلقون خارجها.نقلا عن العدد الورقي.