على الرغم من إنتاج مصر الوفير من محصول الأزر، إلا أن المضارب الحكومية أصبحت خاوية تسكنها الكلاب الضالة وغطت ماكيناتها خيوط العنكبوت، وأصبح الشباب العاملون بها وذووهم مهددين بالتشرد، فظهرت أزمة نقص الأرز والأعلاف.
وبالبحث تبين أن الأزمة لم تكن وليدة الأيام الماضية فقط، بل كانت المضارب تنزف دماً على مدار السنوات الخمس الماضية، وترتب عليها توقف بعضها عن العمل تماما، ومنها «شركة مضارب الغربية»، التي عجزت عن توفير أي عائد أو دخل مادي يكفي لسد حاجة العمال بهذه «الخرابة» وصرف أجورهم الشهرية في الآونة الأخيرة، بموجب الاعتماد على تدبيرها بالمديونية على حساب ممتلكات الشركة.
انتقل الخراب من المضارب الحكومية إلى مضارب القطاع الخاص بمحافظة الغربية، بعدما كانت معقلا لزراعة الشعير وإنتاج الأرز الأبيض إلا أن ماكيناتها أصابها الصمم وتوقفت عن الدوران.. بدأت مضارب الأرز الخاصة في نوفمبر الماضي في تنفيذ خطة وزارة التموين بتوريد 200 طن من الأرز الأبيض شهرياً للسلع التموينية وصولا لـ25 ألف طن خلال 6 أشهر، إلا أن تلك الخطة توقفت وتم فتح باب الاستيراد من الخارج والاستغناء عن الإنتاج المحلى مما أثر على المضارب الخاصة.
وفي تجربة حياتية داخل قطاعات شركة مضارب الأرز بالغربية، التي تقع على مساحة أكثر من 18 فدانا بمدخل طريق النصر الواصل بين مدينتي «المحلة – المنصورة» رصدت «أهل مصر» معاناة العمال الكادحين وظروف حياتهم المعيشية فكانت البداية هي بوابة كبرى مساحتها «25 مترا مربعا» يغلب عليها الصدأ ومثبت بأحد جوانبها بوابة صغيرة مخصصة لدخول الأفراد العاملين داخل قطاعات الشركة، وعند دخولنا والتجول داخل بعض العنابر والقطاعات المخصصة لتخزين محصول الغلال وكميات الأعلاف الواردة من الفلاحين والمزارعين كانت المفاجأة فاجعة على حسب وصف العاملين، داخل الشركة وهو ما سماه معظمهم بعنوان «مخازن خاوية على عروشها وعنكبوت يغطي ماكينات الغربلة، والحكومة غائبة عن إنقاذنا وإغاثتنا»، في وصف ما وصلت إليه صناعة الغلال والأعلاف داخل شركات قطاع الأعمال، أهمها شركة المضارب التى تخضع لإشراف شركة الصناعات الغذائية بوزارة التموين والتجارة طوال السنوات الماضية.
مسئول داخل شركة الصناعات الغذائية، قال إن «1200 عامل وعاملة مهددون بالتشرد وهناك مساع للخصخصة والبيع لعدم القدرة على دعم وتطوير قطاعات المضارب»، مشيرا إلى أن عددا من وزراء التموين السابقين والحاليين سعوا لعقد سلسلة من الاجتماعات مع مسئولي القابضة للصناعات الغذائية لبحث امكانية رفع كفاءة الإنتاج داخل شركة المضارب بالغربية، ولكنها جاءت جميعها دون فائدة وفاشلة.
وأشار المسئول الى أن هناك مافيا من محتكري بيع وشراء الغلال والأعلاف داخل شركة الصناعات الغذائية وأصحاب مضارب الأرز خاصة، يحاربون الصناعة الوطنية من خلال شراء أسعار طن الأرز الرفيعة والعريضة بأسعار تتراوح هذا العام بين 3700 و4200 جنيه، بينما الدولة لم تحدد سعر طن الأرز إلى الآن و«نحن فى نهاية موسم الحصاد، والفلاح حائر بين القطاع العام والخاص، خاصة أن الحكومة تحدد السعر أقل من المضارب الخاصة».
ويكشف المصدر أنه منذ بداية فتح مضارب الغربية اعتادت الحكومة استلام ما يقرب من 60 ألف طن سنويا وتخزينها، لبدء التوزيع على القطاعات التموينية والتعاونيات وسد حاجة السوق، إلا أن الأمر اختلف من بعد ثورة 25 يناير، اذ وصلت كميات الاستلام لـ50 طنا، فقط لا تكفى حتى عمال المضارب.
يقول حمزة وجيه، أحد أعضاء النقابة العمالية بالمضارب: «منذ دخولنا للمضارب منذ 15 سنة وأكثر كانت المخازن تعج بالغلال وأرز الشعير، إلا أن الأمر تراجع فى السنوات الأخيرة، على الرغم من تجديد الماكينات وتحديث النظم المتبعة».
يقول حسام الغضبان، عامل إن مجلس إدارة شركة المضارب سعى فى عمل أكثر من مزاد علني لبيع قطعة أرض خلف مضرب النصر وتقع على بحر الملاح ومنشية مبارك، مساحتها 17 ألف متر، ولكن لم يكتمل نصابه القانوني سعيا فى تدبير أى موارد مالية، لافتا الى أن أزمة الشركة تكمن في عدم توافر سيولة مادية، مما جعلها غير قادرة على الوفاء بما عليها من التزامات من قبل الموردين لخامات الأعلاف مع أخذ التأمينات الاجتماعية وأجور العاملين بها.
نقلا عن العدد الورقي.