على مدار سنوات مضت ليست بقليلة، كانت الأمثال الشعبية ذات الملامح المصرية الأصيلة، هي ما تنظم الحياة اليومية عند أغلب المصريين، ليمر يومًا تلو الآخر، ويتحول المثل من مجرد حكمة تشبه الواقع، إلى أسلوب حياة، فالمرأة تصر على كثرة الإنجاب، لتحقق نصيحة والدتها التي اعتمدت على مثل شعبي قديم "أربيطيه بالعيال"، ظنًا منها أن تلك الطريقة ستفسد على الزوج رغبتة في الزوج من آخرى، لكن ذلك المثل لم يكن وحده سببًا في الأزمات التي تعاني منها مصر، فمثل "أدبح لها القطة" دفع عشرات الأزواج لاستعمال العنف مع زوجاتهم؛ بهدف إظهار الرجولة، لتمتلئ المحاكم بقضايا العنف الأسري.
وتستعرض "أهل مصر" في السطور التالية 5 أمثال شعبية كان لها دور في "خراب" بيوت مئات المصريين..
1- "اربطيه بالعيال":
تردد ذلك المثل الشعبي، على لسان الأمهات والحموات، على مدار سنوات عديدة، دون أدنى اهتمام للطبقة الاجتماعية، فأفراح الطبقة الغنية، لم تختلف عن الأفراح الطبقة الشعبية، فالنصحية واحدة في كل المواقف.
تؤمن المرأة دائمًا بفكرة أن الرجل الشرقي "عينه زائغة"، هذا ما يدفعها لمحاصرته بكافة الطرق الممكنة، التي تبدأ بالمطالبة بزيادة مصروف المنزل، إلى كثرة الإنجاب، ليتحول الرجل إلى مجرد آلة تسعى من عمل لآخر، بحثًا عن المال، فتشعر الزوجة بالانتصار وتطئمن أن الزوج لن يبحث عن غيرها.
لم تكن السينما المصرية بعيدة عن عرض مساوئ ذلك المثل، فاستطاع فيلم 'الحفيد'، أن يناقش تلك القضية بشكل كوميدي، فظهرت الفنانة القديرة "كريمة مختار" في شخصية سيدة ذات ملامح وفكر مصري، تنصح بناتها بكثرة الإنجاب، مرددة مقولة "اربطيه بالعيال"، لكن الزوج "عبد المنعم مدبولي" كان يؤمن أن الأطفال ليست وسيلة لمنع الزوج من الخيانة أو التنازل عن زوجته والانفصال عنها، فأخذ ينصح بناته بطرق آخرى تحافظ على رباط الزوجية، وهي الحب والتفاهم.
مرت الأيام ولم تجد الأفلام والمسلسلات التي ناقشت قضية زيادة الإنجاب، تقبل واسع، من الجمهور، فظلت الزوجة تنجب طفلًا تلو الآخر، لتقيد الزوج بمتطلبات المنزل والمدارس والملابس، فوصل معدل السكان في آخر إحصائية إلى 94 مليونا و798 ألفا و827 نسمة، حسبما أعلن اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، في الوقت الذي لم يفلح فيه ذلك المثل الشعبي العتيق في الحفاظ على عش الزوجية، فكشف المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصري، في أكتوبر الماضي، أن 105 ملايين حالة طلاق وقعت منذ بداية عام 2017، ما يعادل 260 حالة طلاق يوميًا، وهو ما يفوق الـ10 حالات في الساعة الواحدة، لتصبح مصر الأولى عالميًا في حالات الطلاق اليومية، مشيرًا إلى أن عدم القدرة على الاحتياجات المادية للأسرة من أسباب الطلاق.
2- "العلم في الراس مش في الكراس":
منذ زمن بعيد، وتلك المقولة تدور برؤوس المصريين، رغم سعي الدولة لمحو آمية مواطنيها، التي تنتشر بالريف مقارنة بمحافظات الحضر، لكن مؤشر الجهل الذي يستمر في الصعود، أطاح بكافة المحاولات التي تدشنها الجهات المعنية بمحو الآمية وتعليم كبار السن، فنسبة الجهل ارتفعت إلى 18.4 مليون شخص، مقارنة بحاجز الآمية الذي لم يتخطي 1.4 مليون عام 2006- حسبما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في تعداد السكان لعام 2017.
"العلم مش في الكراس".. لم يتنعم المصريين البسطاء في تلك المقولة وحدهم، فـ"وزارة التربية والتعليم"، حولت تلك المقولة إلى حكمة عندما حصلت مصر على المرتبة قبل الأخيرة بالتنافس العالمي في مجال التعليم لعامي 2015-2016- طبقًا لما أعلنه المنتدى الاقتصادي العالمي عن مؤشر التنافس في التعلم، حيث سبقت مصر دولة "غينيا" على مستوى 140 دولة في العالم.
خلال عام 2017، استطاعت مؤشرات وزارة التربية التعليم الصعود في التقارير التنافسية الدولية لعام 2016-2017، فحصلت مصر على المرتبة 134 من إجمالي139 دولة في مؤشر جودة التعليم الإبتدائي، تزامنًا مع حصولها على المركز 28 ضمن 139 دولة بنسبة الالتحاق بالتعليم الإبتدائي، الأمر الذي يوضح إحراز مصر نجاح بفارق 31 مركزًا عن عام 2016.
3- "أصرف ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب":
رغم محاولات الرئيس عبد السيسي، بإصلاح الاقتصاد المصري، الذي تعرض إلى شبه انهيار خلال الفترة الماضية، إلا أن المواطن المصري يضرب بتلك المحاولات عرض الحائط، متبعًا مقولة "أصرف ما في الجيب.. يأتيك ما في الغيب"، فأخذ البعض منهم ينفق الأموال على المأكولات الترفيهية، إلى أن تخطت نسبة الانفاق على " أيس كريم وجيلى وكريم شانتيه" وحدهم، الآلاف ووصلت إلى المليارات خلال عام 2016.
وكشف تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء،أن مصر سددت 40 مليون و955 ألف جنيه، مقابل استيراد "كريم شانتيه- أيس كريم- جيلي- سحلب"- وذلك خلال 10 أشهر فقط، بدأت في يناير عام 2016، وانتهت في أكتوبر من العام ذاته.
4- "العيال بتيجي برزقها":
رغم المستوى المعيشي المنخفض الذي إصيب به ملايين المصريين، إلا أن مقولة "العيال بتيجي برزقها" لازالت تخيم بظلالها على تفكير المصريين، ونتيجة لعدم قدرة الزوج على توفير متطلبات أسرته، أصبح عدد من الأطفال يسكنون الشوارع وأسفل الكباري، إلى أن وصلت نسبتهم لـ16 ألف طفل- حسبما أكد مسئولو المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، لأعضاء لجنة التضامن بمجلس النواب- في فبراير من العام الماضي، في الوقت الذي اضطر فيه مئات الأطفال إلى العمل في الورش والمحلات التجارية، بحثًا عن الرزق.
لم تؤثر كثرة الإنجاب على معنوية الأطفال فقط، وحولتهم إلى عمال في الورش، وأولاد شوارع، بل كان لمثل "العيال تيجي برزقها" تأثيرًا على نسبة الفقر في مصر الذي ظل يتصاعد يومًا تلو الآخر، فوصلت نسبة الفقر في مصر إلى 3.26%- حسبما أكد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، منذ 3 سنوات، وفي آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشف اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز، أن أكثر من 2 مليون أسرة تستخدم "حمام مشترك"، في الوقت الذي لا تملك 40 ألف أسرة "حمام".
وأكد المركز أن نصف سكان القرى المصرية يعانون من الفقر الشديد، مشير إلى أن 49% من السكان غير قادرين على توفير احتياجاتهم الأساسية، موضحين أن هناك علاقة قوية بين المناطق الأكثر فقرًا والمناطق الأكثر إنجابًا.
5- "ادبح لها القطة":
لم يخلو فرح إلا وترددت تلك المقولة بين الرجال، فيتحول الزوج من رجل مقبل على زواج قائم على التفاهم إلى زوج يرغب في معاملة زوجته بعنف، ليظل قويًا في نظرها، لكن مثل "أدبح لها القطة" كان له فاتورة باهظة عند مئات الأسر المصرية، وتحولت المقولة من مجرد مثل إلى أسلوب في التعامل بين الأزواج، تحت مسمى "العنف الأسري".
وأكدت إحصائية حديثة تابعة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن 92% من الجرائم الأسرية تقع تحت جرائم الشرف، حيث يرتكب 70% من الأزاوج جرائم عنف ضد زوجاتهم، لكن الأمر تحول إلى عنف شامل من الرجل إتجاه المرأة وليس الزوجة فقط، بل الأبناء أيضًا، خاصة الفتيات، فأصبح مثل "أكسر للبنت ضلع يطلع لها 24"، حكمة ينفذها بعض الرجال، الأمر الذي دفع الأباء لإرتكاب جرائم عنف ضد بناتهم، قدرها المركز في آخر إحصائية له بـ7%.