الجميع يعرف منطقة البقيع بالمملكة العربية السعودية، هذه المنطقة التي تضم أجساد أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل عليهم صلوات الله وتسليماته، وتضم البقيع قبور المئات من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم 70 من أهل بدر.
في مصر منطقة أخرى، يطلق عليها "بقيع مصر"، تقع في البهنسا التابعة لمركز بني مزار محافظة المنيا، والتي تضم قبور و عدد كبير من الصحابة بينهم حفيد أبو بكر الصديق وحفيد الإمام علي بن أبي طالب.
ويقول سلامة زهران مدير عام آثار المنطقة إن البهنسا هي إحدى قرى مركز ومدينة بني مزار وتقع على بعد 15 كيلومترا من بني مزار على الجانب الغربي لبحر يوسف، وتشتهر بمقابرها وتلالها الأثرية ومقابر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت عاصمة المقاطعة 19 ولها ثقل إداري وتجاري حيث تقع على رأس الطريق الرابط بين وادي النيل والواحات عن طريق درب البهنساوي.
كانت المنطقة في مصاف المدن من الدرجة الثانية بعد الإسكندرية عاصمة مصر في ذلك الوقت، وبها العديد من المظاهر الحضارية، أهمها المسرح الروماني أكبر معبد في مصر وشمال إفريقيا حيث كان يتسع لأكثر من 8000 مشاهد.
أصل التسمية
ترجع تسميتها البهنسا قبل الإسلام حيث كانت تسمى بمج أو بمجة وهي كلمة قبطية وينطق الحرفان الأخيران منها (م،ج) بالعربية (ه،س) ومن هنا سماها العرب بالبهنسا.
في أواخر العصر الإسلامي عرفت بالبهنسا الغربية تمييزا لها عن قرية صندفا التي عرفت بالبهنسا الشرقية فهما متقابلتان على شاطئ بحر يوسف ويشير مدير عام المنطقة إلى أنها سميت باسم مدينة الشهداء حيث استعصت في بداية الأمر على جيش المسلمين بقيادة عمر بن العاص أثناء فتح مصر، ولم تفتح إلا بعد سقوط العديد من الشهداء من الصحابة والتابعين.
ويقول سلامة زهران لقد دل على ذلك القباب الموجودة على أرض البهنسا والتي تنسب إلى شهداء الصحابة مثل محمد بن عقبة بن عامر الجهني، وزياد بن الحارس بن عبد المطلب، وحفيد الإمام علي بن أبي طالب، وحفيد عثمان بن عفان وعبادة بن الصامت.
ويضيف "لقد ارتقى هؤلاء الصحابة شهداء عندما انتهى عمرو بن العاص من فتح مدن الوجه البحري والقاهرة والجيزة والإسكندرية، حيث توجه لفتح الصعيد فأرسل إلى عمر بن الخطاب يطلب منه الإذن في السير لفتح الصعيد فأشار عليه بن الخطاب قائلا إن أردتم فتح الصعيد فعليكم بالبهنسا وإهناسيا حيث يوجد بهما بطريرك ظالم يسفك الدماء وهما من أهم معاقل الروم فإن سقطتا سقط الروم جميعا ولن تقم لهم قائمة بعد ذلك".
وأرسل عمرو بن العاص قيس بن الحارس المرادي لفتح البهنسا وحاصرها وعسكر قرية القيس التي سميت باسمه، ولما علم الروم بذلك جمعوا كل فلول حاميتهم، واشتدت المعركة وتم الدفع بقوات كبيرة من المسلمين بقيادة خالد بن الوليد وعبد الله الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وضرار بن الأزور وعبد الله بن عمر وعقبة بن عامر الجهني ومعهم قوات كبيرة وقام المسلمون بفتح المدينة في النهاية لكن سقط منهم عدد كبير من الصحابة والتابعين وتم دفنهم بالمنطقة، ومن عاش منهم استقر بها وانحدرت من نسله قبائل عربية بها مثل قبيلة غفار التي تنتمي إلى أبو ذر الغفاري وقبيلة بني الزبير من أبناء الزبير بن العوام.
ويطالب مدير عام آثار المنطقة بوضعها على خريطة السياحة الدينية، خاصة أنها لا تضم مقابر الصحابة فقط، بل تضم كذلك معابد وآثارا قبطية يمكن أن تجعلها مدينة السياحة الدينية الأولى في مصر.
ولا تلقى السياحة الدينية في مصر اهتمامًا يواكب الذي تحظى به نظيراتها الأخرى من فرعونية أو ترفيهية.