“بعبع” الثانوية العامة يحاصر الأسر المصرية دائما. فما بين الذعر والخوف والقلق تأتى الامتحانات فى شهر الصيام، الذى يتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يطرح تساؤلا داخل كل طالب: "أذاكر دروسي وأنا صائم في ذلك الجو الحار؟".
وفى هذا السياق، أجازت دار الإفتاء المصرية الإفطار للطلاب المكلفين فى شهر رمضان إذا كانوا يتضررون بالصوم فيه- أو يغلب على ظنهم ذلك- بالرسوب أو ضعف المستوى الدراسى، ولم يكن لهم بدٌّ من الاستمرار فى الدراسة أو المذاكرة أو أداء الامتحان فى رمضان؛ بحيث لو استمروا صائمين مع ذلك لضعفوا عن مذاكرتهم وأداء امتحاناتهم، وفى هذه الحالة يجوز لهم الإفطار فى الأيام التى يحتاجون فيها للمذاكرة أو أداء الامتحانات احتياجًا لا بد منه، وعليهم قضاء ما أفطروه بعد رمضان عند زوال العذر.
وشددت دار الإفتاء، فى بيان رسمى لها، على أن هذه الفتوى هى “فتوى ضرورة”، والضرورة تقدر بقدرها، وهذا يعنى أن العمل بهذه الفتوى مشروط بشروط لا بد من توافرها، وفى حالة عدم توافر هذه الشروط وجب الصوم على الطالب وحرم الإفطار.
وبيَّنت الدار- فى أحدث فتاواها- أن من بين هذه الشروط أن يكون الطالب متضررًا من الصوم فى رمضان تضررًا حقيقيًّا لا موهومًا، وأن يغلب على الظن الرسوب أو ضعف النتيجة وتدهور المستوى، وأن يكون مضطرًّا للمذاكرة فى شهر رمضان ولا يمكن تأجيلها، كما يشترط ألا يتجاوز الطالب فى الإفطار أيام الاحتياج والضرورة للمذاكرة أو الامتحانات إلى غيرها.
وأوضحت الفتوى أن كل طالب حسيب على نفسه فى ذلك، وهو أمين على دينه وضميره فى معرفة مدى انطباق الرخصة عليه، وتقدير الضرورة التى تسوغ له الإفطار فى فترة الامتحانات فى رمضان من عدمه.
وأكدت الدار أن صيامَ رمضان واجبٌ على كل مسلم مكلَّف صحيح مقيم، والواجبات الشرعية منوطة بالقدرة والاستطاعة؛ فإذا عجز المكلف عن الصوم أو لحقَتْه منه مشقةٌ لا قدرة له على تحملها؛ جاز له الإفطار شرعًا، لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىء فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» متفق عليه.
بين بين
من جانبه، قال الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، إن يجوز للطلاب الثانوية العامة الإفطار فى شهر رمضان «بشرط» حدوث مشقة وتعب عليه يؤثر على تفكيره.
وأضاف «عامر»، أنه يجب على الطالب أن ينوى بالليل يصوم غدًا ويتسحر ويُصبح صائمًا، فإن حدثت له مشقة وتعب شديد في أثناء الامتحان تؤثر على الفكر والتحصيل فجاز له الفطر.
وأكد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، أنه لا يجوز للطلاب له أن يفطر تخوفًا من ارتفاع درجات الحرارة، أو أن ينوى عدم الصيام قبل حدوث المشقة في أثناء الامتحان.
يا فاطر رمضان
ولكن المعارضون كان لهم رأى آخر، فقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إنه لا يجوز لطلاب الثانوية العامة أن يفطروا فى رمضان من أجل الامتحانات، مؤكدًا أن الإسلام أباح الإفطار لمن كان غير قادر على الصيام سواء أكان مريضًا أو على سفر.
وأكد «هاشم»، أنه ما عدا المريض أو المسافر فإنه لم يرد نص شرعى يبيح الإفطار فى رمضان سواء كان لطالب أو لمن يعمل عملا شاقا أو ما شابه، مشيرًا إلى أن العلماء قالوا إن الإنسان عندما تكون معدته فارغة من الطعام يكون العقل أكثر تركيزًا.
وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنه إذا كان الطالب ضعيف البدن ولا يقدر على الصيام أو مريضا فيجوز له أن يفطر سواء كان فى الإمتحان أو غيره.
كما قالت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن إفطار طلاب الثانوية العامة فى رمضان فى أثناء الامتحانات لا يجوز شرعا.
وحذرت “صالح” خلال برنامج “فقه المرأة” على فضائية “الحياة”، الطلاب من الإفطار فى رمضان بحجة الامتحانات لأن ذلك لا يجوز شرعا.
بدوره، أكد الشيخ خالد الجندى، الداعية الدينى، أن الصيام يوجب على الإنسان الصبر وتحمل المشاق، مطالبا طلاب الثانوية بالمذاكرة، وعدم الاستماع للتليفزيون الذى ينقص من ثواب الصائم.
وتابع: "طلاب الثانوية العامة والأزهرية، لا بد أن يتحملوا صعوبات الصيام والمذاكرة فى نفس الوقت، حتى يوفقهم الله فى الامتحانات، ولا يتحججوا بالامتحانات للإفطار، مشيرًا إلى أنه لايجوز لطالب الثانوية العامة الإفطار، داعيا إياهم إلى عدم الانسياق وراء أى فتوى تبيح لهم الفطر".