«وجع، وحزن، وفقد، ودموع» هكذا أصبح المشهد العام لجنازات شهداء، تحولت إلى حادث شبه يومي، في فصل كتب عنوانه كأنه انتقام من حماة الوطن، لتسطر الدماء أسماء رجال وهبوا أعمارهم للوطن رافعين شعار "تحيا مصر".
ووفاءًا لأرواحهم ترصد «أهل مصر» لحظات في حياة الشهداء ملأت الأعين بالدموع على فراقهم، خاصة وأنهم أوصوا الأبناء منذ نعومة أظافرهم بنهج طريقهم وهو ما دفعهم إلى تفصيل الزي العسكري لأبنائهم رغم صغرهم.
خلال جنازة الشهيد النقيب عمرو ابراهيم الضابط بالدفعة 73 مهندسين، والذي استشهد فى انفجار بالشيخ زويد، وكانت قوات الجيش اقتحمت بؤرة إرهابية جنوب الشيخ زويد، نُشرت صورة للشهيد برفقة نجله الذي ظهر خلال الصورة يرتدي زي والده العسكري وكأنه قرر قبل رحيله أن يسلم الرايه لنجله.
"ابن البطل" يكمل المشوار، في رسالة إلى صناع الموت الإرهابيين انتظروا الأجيال القادمة ستثأر لآباءهم لتحول سيناء مقبرة لكم، هكذا جاءت رسالة زوجة الشهيد النقيب عمرو وهيب، حيث نشرت صورة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لطفلها الرضيع داخل ردائه العسكري الذي يحمل اسم زوجها الشهيد البطل، مشيرة إلى أنها على استعداد أن تضحي بفلذة كبدها ليثأر من قتلة أبيه حتى تحيا مصر حرة أبية.
الكثير من القصص تحكي شهامة شهداء روت دمائهم رمال الوطن، تكشف معدن الشهداء الأصيل، حيث حازت صورة للجندي محمد أيمن شويقة على إعجاب الملايين، وبكاه المواطنين مطالبين بصنع تمثال له بعدما أطلقوا عليه "مارد سيناء".
و قرر "شويقة" أن يضحي بروحه من أجل أن تحيا مصر فركض إلى الموت قبل أن يصل إلى زملائه واحتضن إرهابيًا يرتدي حزامًا ناسفًا قبل أن يُفجر نفسه في زملائه بعد العثور عليه مختبئًا داخل "عشة"، ومنعه من تفجير نفسه في أفراد الكتيبة التي كانت تداهم منطقة زراع الخير بالعريش، وفجر الانتحاري نفسه وتفجير المجند الشهيد معه، والذي قدم حياته ثمنًا لإنقاذ باقي أفراد الكتيبة.
و علي خلفية ذلك علق قائد كتيبته قائلا، إن شويقة كان يركض نحو الإرهابي وكأنه يرى الجنة أمامه، وظللنا ننادي عليه بالرجوع ولكن يبدو أن جنة الخلد ظهرت أمامه فكان يركض بكل قوة وبطولة حتى تمكن من إنقاذ زملائه.
أما "الدرديري" فكان مثالا حيا لمن ضحي بحياته من أجل الوطن ففي لحظة حاسمة قرر المقدم أحمد عبدالحميد الدرديري أن تكون حياته ثمنًا لإنقاذ جنوده، فأعطي أوامره إلى الجنود بإخلاء الكمين وركوب المدرعات للاحتماء بداخلها والانسحاب بها حتى لا تسقط أحداها أو جنوده في أيدي الإرهابيين، وطلب منهم الذهاب لمكان آمن.
واندفع الدرديري ليلهيهم وتشتيتهم بسلاحه، حتى يطمئن أن جنوده قد تخطوا الخطر ولا يهلك الجميع إلا انه بعد أعطاء الأوامر، وجد فرد من الجنود يصرخ ويقول "لا يافندم مش هسيبك"، وبالفعل ظل البطلان في عملية تشتيت المهاجمين عن الجنود حتى اطمئنوا أن باقي القوة من الجنود في أمان، وظلوا يقاتلوا حتى نفذت الذخيرة التي كانت معهما، ونالا الشهادة دفاعًا عن باقي الجنود وعن أرض الوطن.
ولم تختلف كثيرا قصة المجند الشحات فتحي شتا، 22 عامًا، شهيد الكتيبة 101، عن قصة "شويقة" حيث كانت توجد سيارة محملة بـ12 طنًا متفجرات كسرت سور بوابة الكتيبة في يوليو الماضي، واندفع وراءها ميكروباص به 5 تكفيريين مرتدين أحزمة ناسفة ومتجهين لمخزن الذخيرة بالكتيبة لتفجيره.
ووزع التكفيريون، أنفسهم في أماكن تجمع الجنود لتفجيرهم، ولكن الشهيد الشحات عندما شاهد التكفيري يقترب منهم وحول خصره حزاما ناسفا فدافع عن زملائه بتصديه للإرهابي واندفع نحوه يحمله لمسافة ١٠٠ متر، لينفجر بعيدا عنهم، وكرم الرئيس السيسي والده وأطلق اسم الشهيد على المدرسة التجارية بقرية رأس الخليج مسقط رأسه.