استقبلت القاهرة، منذ يومين، ولي عهد المملكة العربية السعودية، والحاكم القادم للبلاد محمد بن سلمان، الذى جاء بأهداف مختلفة، ولم تكن عاصمة أكثر قدرة من القاهرة على تحقيق أهداف بن سلمان.
فى سابقة لم يقدم عليها أى مسئول سعودي، توجه محمد بن سلمان أمس الإثنين، إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ليلتقى أكبر رمز قبطي فى مصر وواحد من أهم الرموز الكنسية فى العالم وهو البابا تواضروس الثاني، وبعد لقاء تاريخي، توجه ولي العهد برفقة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحضور عرض مسرحي في دار الأوبرا المصرية، ويحمل العرض اسم "سلم نفسك"، وهو عمل ارتجالي، يساهم في تصحيح الأفكار الهدامة ومكافحة الإرهاب.. "سلم نفسك" لم يكن مجرد عرض مسرحي بقدر ما هو استعراض لسياسة تتبدى ملامحها يوما بعد أخر، وهي سياسة تحول جذرية تتبعها السعودية بإرادة جادة من الأمير الشاب.
تصحيح الأفكار الهدامة، كان أحد أهداف العرض المسرحي، وكذلك هدف المملكة الرئيسي خلال الفترة المقبلة، ولأن كل تغيير يحتاج إلى آلية وأسس وقاعدة، فقد استند بن سلمان إلى أكبر قاعدة فى الشرق الأوسط وهي مصر، مستندا عليها كداعم ونموذج للأفكار الوسطية.
ختام وإشارة
اختتم ولي العهد السعودي رحلته إلى القاهرة بزيارة الجامع الأزهر برفقة الرئيس عبد الفتاح السيسي وكان فى انتظارهما، شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، حيث قاموا ثلاثتهم بأداء ركعتين تحية للمسجد، وتفقدوا التجديدات التى بدأ العمل بها منذ ما يقارب الثلاث سنوات، ليبدو الجامع الأزهر مع عراقته وقدمه ذو شكل مجدد يتسم بالحداثة.. ختام الأشياء أهمها، لذا آثر بن سلمان أن يختتم الزيارة إلى رمز الوسطية الدينية فى العالم، مؤسسة الأزهر الشريف، ليكون بذلك قد أسس لعلاقة مع أهم رموز الدولة ومؤسساتها " الرئاسة ـ الكنيسة ـ الأزهر".
المملكة السعودية، منذ شهور، تقود حركة تغيير جوهرية فى كل تاريخها، محاولة على مهل الانتقال من التشدد إلى الوسطية ومن الانغلاق إلى انفتاح وتعددية، ويعتبر النموذج المصري هو الأمثل فى الشرق الأوسط، ومع خبرة وقيادة الرئيس السيسي مقارنة بالأمير الشاب، ومع عراقة التجربة المصرية قياسا بنظيرتها السعودية، فقد كانت مصر هى المحطة المثلى لابن سلمان، لكي يقول من خلالها "ها هي المملكة الجديدة، وهاهو ملكها القادم يزور الكاتدرائية ويلتقي الأقباط ويحضر عروضا مسرحية مشجعا الفن داعما الانفتاح".