هل أنا مصابة بفيروس زيكا؟ هذا السؤال المقلق يتبادر بالدرجة الأولى إلى ذهن النساء الحوامل، خشية أن يؤثر ذلك على الجنين وإصابته بتشوه خلقي ينعكس سلبا على دماغ المولود، لكن ما حقيقة ذلك؟ وما مدى خطورة زيكا على الأم وجنينها؟
خُمس المصابين بعدوى فيروس زيكا يصابون بالمرض فعلا، لكن هذه المعلومة التي تبدو أنها إيجابية ومفرحة للحوامل يمكن أن تسبب مشكلة أيضا، فمثلا حين تتسآل امرأة حامل أو تريد أن تحمل، فيما إذا كانت مصابة بالفيروس أم لا؟ حيث لن تكشف ذلك إذا لم تظهر عليها أعراض المرض.
وتجري الآن الأبحاث لكشف المرض وتطوير طرق تشخيصه، وفي هذا السياق طور باحثون في شركة «غينيكام» للصناعات الدوائية في مدينة دويسبورج الألمانية، أدوات وطريقة تساعد محللي المخابر الطبية في كشف الإصابة بفيروس زيكا لدى تحليل الدم.
ويقول الباحث سودهير باهاتيا وهو أحد المشاركين في تطوير الأسلوب الجديد: «تعتمد طريقة فحصنا على الحمض النووي باستخدام مواد كيماوية تكشف فقط فيروس زيكا، ولا تكشف فيروسات أخرى مثل التي تسبب حمى الضنك».
الفحص بهذه الطريقة يبين بالضبط عدد فيروسات زيكا الموجودة في الدم، ورغم أن هذه الطريقة والأدوات المخبرية المستخدمة فيها جديدة ولم يمض وقت طويل نسبيا على الترخيص والسماح باستخدامها، إلا أن شركة غينيكام قد أرسلت أول مخبر صغير إلى البرازيل، وذلك لوجود وضع طارئ في البرازيل وأماكن أخرى في القارة الأمريكية، حيث ينتشر الفيروس بسرعة كبيرة.
طريقة الفحص الجديدة ليست بالبسيطة ولا يجوز أن يقوم بها طبيب عام، إذ لابد أن يقوم بالفحص متخصصون لتجنب حدوث أي خطأ لذلك لا يتم تسليم المخبر والأدوات الجديدة إلا للمعاهد والمخابر المتخصصة التي لديها الخبرة ومجهزة بالتقنيات والأدوات اللازمة، لتستطيع القيام بالفحص والتحليل بشكل صحيح حسب تعليمات وشروط الشركة المصنعة، وتكاليف الفحص بالطريقة الجديدة رخيصة، لا تتجاوز 5 يورو.
خطر لا يهدد حياة المريض
وبالنسبة للسواح الذين يعودون إلى بلادهم من بلدان تنتشر فيها الإصابة مثل البرازيل، يمكنهم الانتظار لأنه ليست هناك خطورة كبيرة ومباشرة عليهم، وإذا لم تظهر أعراض الإصابة خلال ثلاثة أسابيع بعد العودة إلى البلاد، فإنها لن تظهر بعد ذلك، وفقا لما أكده كريستيان دروستن من الجمعية الألمانية لعلم الفيروسات.
لكن ماذا لو حصلت الإصابة بالفيروس وظهرت أعراض المرض؟ صحيح أن فيروس زيكا لا يشكل خطرا على حياة المريض، لكنه يسبب الحمى وآلاما في المفاصل وطفحا جلديا، لكن في البرازيل يتم ربط زيكا بالإصابة بالتشوه الخلقي صغر حجم رأس المولود وهو ما يمكن أن يؤثر على دماغه، لكن لا توجد حتى الآن دراسة علمية تثبت العلاقة بين فيروس زيكا وصغر حجم رأس المولود، رغم حديث بعض الباحثين الأخصائيين باحتمال كبير لوجود هذه العلاقة.
لكن كريستيان دروستن، مدير معهد علم الفيروسيات في المستشفى الجامعي في بون أيضا، يشك بوجود تلك العلاقة ويقول: بالنسبة لفيروس زيكا هناك الكثير من الأمور التي لم يتم كشفها بعد لنستطيع القول أنها سبب مباشر للإصابة بصغر حجم الرأس التي يرجح أنها نتيجة لتشوه خلقي حين تصاب الأم في فترة الحمل بعدوى الحصبة الألمانية حسب رأيه.
مشكلة أخلاقية صعبة
وفحصت وزارة الصحة البرازيلية 700 حالة إصابة بالفيروس، وقد تم كشف الإصابة بصغر حجم الرأس في 270 حالة فقط، واستطاع أطباء الوزارة إثبات 10 حالات إصابة بصغر حجم الرأس مترافقة مع الإصابة بفيروس زيكا.
وتعليقا على هذه النتيجة يقول دروستن: أعتقد أنه ربما يكون هناك علاقة ضعيف جدا بين فيروس زيكا وصغر حجم الرأس، لكنه رغم ذلك يستطيع تفهم قلق المرأة الحامل التي تكون لفترة قصيرة في أمريكا اللاتينية وتصاب بفيروس زيكا، ويضيف بأن المرأة لا تواجه مشكلة صحية وإنما نفسية وأخلاقية.
وصحيح أنه يمكن الإجهاض في فترة مبكرة من الحمل لدى كشف الإصابة بفيروس زيكا، لكن هل فعلا كان المولود سيصاب بشتوه في الرأس؟ هذا ما لا يمكن إثباته والتأكد منه إلا في الاشهر الأخيرة من الحمل، لأنه لا يمكن قياس حجم رأس الجنين في فترة مبكرة من الحمل.