قال ملك الأردن عبدالله الثاني إن الشعب الأردني "بلغ درجة الغليان" نتيجة المعاناة التي تسبب بها نزوح مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى الأردن.
وقال العاهل الأردني، في مقابلة أجرته معه "بي بي سي" قبيل انعقاد مؤتمر للمانحين لسوريا، اليوم الثلاثاء، إن هذا النزوح الكبير عرّض الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية والاقتصاد في الأردن لضغوط هائلة، داعيًا المجتمع الدولي إلى توفير المزيد من العون إذا كان يتوقع أن يستمر الأردن في استقبال اللاجئين.
وأضاف الملك عبدالله الثاني: «الأردنيين يعانون نتيجة النزوح السوري، إذ تنفق الحكومة 25 بالمئة من ميزانية الدولة لمساعدة اللاجئين مما وضع الخدمات العامة تحت ضغط شديد وأسهم في شح فرص العمل للأردنيين»، وأردف: «أعتقد أن نفسية الشعب الأردني بلغت حد الغليان».
ومضى قائلا إن "(هذا النزوح) يؤذينا ويؤثر سلبا على نظامينا التعليمي والصحي. إن السد سينهار عاجلا ام آجلا، واعتقد ان هذا الاسبوع سيكون اسبوعا حاسما بالنسبة للأردنيين ليروا إن كان (المجتمع الدولي) سيساعد ليس اللاجئين السوريين فقط بل لمستقبل الأردنيين أيضا".
وألمح إلى أن الدول الأوروبية لم تتفهم الضغوط التي يتعرض لها الأردن إلا بعد أن تدفق على القارة الأوروبية أكثر من مليون لاجئ.
وقال "إنهم (الأوروبيون) يعرفون الآن أن مهمة التعامل مع مسألة اللاجئين ستكون عسيرة عليهم ما لم يمدوا يد المساعدة للأردن"، ملمحا إلى أن الأردن قد لا يكون بإمكانه استضافة أعداد إضافية من السوريين.
ودحض الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع بي بي سي الانتقادات الدولية لتردد الأردن في قبول 16 ألف لاجئ سوري تقطعت بهم السبل في الصحراء عند حدود البلاد الشمالية.
وقال إن ثمة "عناصر" من التنظيم المعروف "بالدولة الاسلامية" بين هؤلاء اللاجئين الذين فر معظمهم من مناطق يسيطر عليها التنظيم الجهادي المذكور، وإن اللاجئين الـ50 او الـ100 الذين يقبلون يوميا "يخضعون لعملية تدقيق مفصلة".
وتابع العاهل الأردني قائلا "إذا كنتم تدعون اتخاذ موقف أخلاقي أفضل من موقفنا إزاء هذه المسألة، سنأخذ هؤلاء إلى قاعدة جوية وسنكون سعداء بنقلهم إلى بلادكم إذا كنتم تقولون إن عددهم لا يتجاوز 16 ألفا".
وكانت الأمم المتحدة حذرت بأن بين اللاجئين العالقين على الحدود في ظروف متدهورة أطفالا وآخرين بحاجة إلى عناية خاصة، وأن حياة هؤلاء معرضة للخطر.
وعبر الملك عبدالله عن أمله في أن يقنع التهديد الذي يشكله تنظيم "الدولة الاسلامية" الحكومة السورية والمعارضين لها المجتمعين في جنيف - علاوة على مؤيديهم في واشنطن وموسكو - بالحاجة الملحة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع الدائر في سوريا.
يذكر أن الأردن يستضيف 635 ألفا من اللاجئين السوريين الـ4.6 مليون المسجلين لدى الأمم المتحدة. وتقول الحكومة الأردنية إن مليون سوري آخرين يقيمون في الأردن بمن فيهم أولئك الذين نزحوا إلى البلاد قبل اندلاع "الانتفاضة" في سوريا في عام 2011.
وتناشد الأمم المتحدة المانحين التبرع بمبلغ 7.7 مليار دولار لتمويل عمليات إغاثة لـ22.5 مليون نسمة في سوريا والبلدان المجاورة في العام المقبل. ولكن المانحين لم يتبرعوا إلا بـ43 بالمئة من مبلغ الـ2.9 مليار دولار الذي طلبته المنظمة الدولية في عام 2015.
وتقول بريطانيا وألمانيا والنرويج والكويت والأمم المتحدة، وهي الجهات التي ستستضيف مؤتمر المانحين الذي سيتعقد الخميس في لندن إن على المجتمع الدولي تصعيد جهوده لمساعدة المهجرين الـ13.5 مليون داخل سوريا علاوة على الملايين الذين نزحوا إلى الخارج.
ويهدف المؤتمر إلى جمع التبرعات وتحديد الحلول للتمويل على الأمد الطويل والتصدي للاحتياجات بعيدة المدى للمتأثرين بالأزمة السورية عن طريق تحديد سبل خلق فرص عمل وتوفير التعليم.
وكان مسؤولون أوروبيون قد قالوا لوكالة رويترز للأنباء الاثنين إن الاتحاد الأوروبي سيتعهد بالتبرع بمبلغ ملياري يورو في المؤتمر. وكان الاتحاد الاوروبي قد تعهد بالتبرع بمبلغ 1.1 مليار يورو في مؤتمر المانحين السابق الذي عقد العام الماضي في الكويت.