ظاهرة متكررة في كل عام في شهر رمضان وإن كانت هذا العام تطفو علي السطح بصورة غير مألوفة وبصورة أزعجت الشارع المصرى من المنظر السئ في الشوارع وعند المساجد والمصالح الحكومية والشركات.
تقول " هبة أحمد " وهي من مرتادي أحد المساجد ماهذا العدد من عمال النظافة والسيدات والاطفال المتسولين الذين يقفون علي باب المسجد وقت خروجنا من صلاة التراويح وبصورة مزعجة بالإضافة إلى أن هؤلاء السيدات والأطفال يتميزون بهيئة رثة للغاية.
في حين يقول " السيد علي " لم تعد تخل ناصية شارع من الشحاتين والمتسولين الذين يرتدون زي عمال النظافة للتأثير على الناس لدفعهم إلى دفع الزكاة أو الصدقات التي يتميز بها الشهر الكريم، ولكن هل هؤلاء فقراء بالفعل وهل يستحقون دفع الزكاة لهم؟.
وبالفعل اتجهت "أهل مصر" لسؤال الشيخ " رأفت حمزة " كبير أئمة ومن علماء الأزهر الشريف عن ظاهرة التسول في رمضان فأجاب، أنه لا يخفى على المسلم فوائد الصدقات، وبذل المعروف للمسلمين، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، لكن لا بد أن يعرف الجميع أن المساجد لم تبن لاستدرار المال، وكسر قلوب المصلين، واستعطافهم من أجل البذل والعطاء، بل الغاية منها أعظم من ذلك بكثير، فالمساجد بيوت عبادة، ومانراه في رمضان من تلك المناظر المخجلة التي نراها في بيوت الله تعالى للتسول والمتسولين، لهي دليل على عدم احترام المساجد ، وعدم معرفة السبب الذي من أجله بنيت، ودليل على نزع الحياء، وعدم توقير لبيوت الله تعالى ، ووضاعة في أخلاق أولئك المتسولين والشحاذين والمبتزين لأموال الناس والآكلين لها بالباطل.
وأضاف الشيخ " رأفت حمزة " قائلا : "التسول لا يجوز إلا في أحوال ثلاث قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش ورجل أصابته فاقة فقال ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، ثم قال صلى الله عليه وسلم ما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتا... وعلى هذا فالتسول دون ذلك حرام، فمن كان عنده ما يسد حاجته من راتب وظيفة أو تجارة عقار أو كسب يدوي من نجارة أو زراعة أو نحو ذلك حرمت عليه المسألة، أما من اضطر إليها فلا حرج عليه أن يسال بقدر الحاجة، ولكن للأسف اتخذها البعض حرفة وصنعة، بل وصل الأمر الى النصب بحجة التسول.
ويوجه الشيخ " رأفت حمزة " إلى المستحقين الحقيقين بقوله كم هم الفقراء والمحتاجين، الذين نعرفهم ويعرفهم الكثير، ومع ذلك تجدهم متعففين عن سؤال الناس، ولا يسألون إلا الله الرزاق ذو القوة المتين، لأنهم أيقنوا أن الرزق من الله وحده، وبيده وحده، فامتثلوا أمر ربهم تبارك وتعالى القائل في محكم التنزيل: " وفي السماء رزقكم وما توعدون " ، ولقد امتدحهم الله تعالى لعدم مد أيديهم للناس أو سؤالهم ، فقال تعالى : " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً، يقول ابن كثير رحمه الله : الجاهل بأمرهم وحالهم يحسبهم أغنياء من تعففهم في لباسهم وحالهم ومقالهم، وفي هذا المعنى الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس المسكين الذي ترده التمرة ولا التمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنىً يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئاً.