الصراع على "التختة الأولى".. عادة مصرية أصيلة تتحدى الزمن.. وخبير تربوي: المقاعد الخلفية لـ "الأشقياء" فقط

يتكرر سنويا مع كل موسم دراسي صراع "التختة الأولى" بين التلاميذ، ففي الوقت الذي تشتكي فيه المدارس من غياب الطلاب، لا زال يصر أولياء الأمور على "تسكين" أطفالهم في الصفوف الأولى بالفصول، ومثل كل عام شهدت المدارس في أول يوم بالعام الجديد صراعًا تدخل فيه أولياء الأمور، ليفوز من لديه مهارات "الوثب والقفز" أو من لديه "واسطة" تتمثل في "مدرس معرفة" بـ"التختة الأولى" لابنه، معتبرين أنها ضمانة لتحصيل جيد للعلم.

وقبل فتح باب المدرسة، تجمهر أولياء أمور مدرسة قرية الفنت الابتدائية بمركز الفشن بجنوب بني سويف أمام البوابة، كل ينتظر اللحظة المناسبة لحجز المقعد الأمامي لطفله، وهو الأمر الذي أدى إلى حدوث مشادات استدعت تدخل الشرطة، واضطرت المدرسة لإغلاق أبوابها ومنع دخول أولياء الأمور قبل الساعة الثانية عشر ظهرًا.

تقول هبة السيد، التي تعمل مدرسة لغة عربية في إحدى مدارس محافظة أسيوط، إن الصراع على "التختة الأولى موجود في جميع المدارس، ويتطور الأمر في كثير من الأحيان إلى عراك بالأيدي وتبادل السباب والشتائم بين أولياء الأمور قبل أن يكون بين الأطفال، موضحة أن وزارة التعليم لم تلتفت بعد لهذه الأزمة التي تترك أثرًا نفسيًا في نفوس الطلاب، حيث يجب منع أولياء الأمور من دخول المدارس قبل الساعة الثانية عشر ظهرًا، على أن ينظم المدرس عملية ترتيب التلاميذ في الفصل.

وتؤكد "هبة" خلال حديثها لـ"أهل مصر" أنه يجب على وزارة التعليم أيضًا أن تُعلم الطلاب أن الفوز بـ"التختة الأولى" لا يعد إنجازًا، كما أن الطالب الذي يجلس في آخر "تختة" ليس دليلًا على عدم شطارته أو تميزه بين أقرانه، وما يحكم هذه العملية هو المستوى الدراسي ومدى التزام التلميذ أخلاقيًا وعلميًا.

محمود علي، أحد أولياء الأمور، يرى أن التلميذ الذي يجلس في المقعد الأول هو الذي يلقى اهتمام المعلمة، ويتابع الشرح المكتوب على السبورة أفضل من الذين يجلسون في الصفوف الخلفية، ويكون من الأوائل والمتفوقين، وهذا نوع من التميز يحرص عليه معظم أولياء الأمور، إن لم يكن جميعهم، ويحدث صراعات ومعارك بين أولياء الأمور في أول يوم في الدراسة لحجز المقاعد الأولى، فأولياء الأمور يذهبون في أول يوم في الدراسة مبكرين لحجز المقعد الأول، وهناك وساطات وخناقات وضغوط نفسية على المعلمة خاصة في الصف الأول الابتدائي.

ويقول الخبير التربوي، الدكتور محمود مغيث، إن صراع المقعد الأول يمثل "حلم الأهالي" لتفوق أبنائهم منذ صغرهم، وهو صراع يتكرر بشكل دائم مع بداية كل عام دراسي، وأنه صراع تتوارثه الأجيال.

ويضيف "مغيث" لـ"أهل مصر" أن أولياء الأمور دائمًا يحرصون على الحضور مبكرًا مع أبنائهم حتى يتمكنوا من حجز مقعد بالصفوف الأولى، اعتقادًا من أن المقاعد الخلفية دائما ما يجلس فيها الأطفال الأشقياء، غير الناجحين.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً