"الزواج لمن استطاع إليه سبيلا".. المغالاة في المهور ترفع نسب العنوسة ومعدلات الطلاق.. الأهالي: "مينفعش نبقى أقل من غيرنا".. والأوقاف: ليست من الإسلام.. وخبراء: إهدار لحق المرأة

الزواج لمن استطاع إليه سبيلا
الزواج لمن استطاع إليه سبيلا

رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المصريون في هذه الأثناء، إلا أن الكثير من الأسر ما زالت متمسكة بالمغالاة في المهور، وبينما ترتفع أسعار الذهب وتكاليف المعيشة على الشباب بشكل خاص، يصطدم أغلبهم بالواقع المُر، وهو عدم القدرة على الزواج إلا بمساعدة الأهل أو عن طريق الاستدانة والدخول في دوامة "الجمعيات" والديون التي لا تتوقف، لتصبح مشكلة عدم القدرة على تحمل تكاليف الحياة بعد الزواج من أكبر مسببات الطلاق التي ارتفعت نسبتها بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة.

الأهالي: "بنشتري حاجات كتير في الجهاز عشان ولادنا ميحسوش إنهم أقل من غيرهم"

من وجهة نظر "أم أسماء" التي تقيم في كفر خضر مركز طنطا، فإن العرف لديهم في القرية يقضي بشراء أغراض كثيرة للبنت في جهازها، وبالتالي فإنهم "يشتروا من الحاجة اثنين"، ولا يقتصرون على الأشياء الضرورية فقط، فمثلا يشتروا من البطاطين 4، ومن الدفايات 10 أو 15، ومن الغسالة 2 و3، معللين ذلك بأنهم إذا لم يكثروا من "العزال أو الشوار"، سيكون مظهرهم سيئ أمام الناس، ولذلك فقائمة الجهاز لديهم تتجاوز الـ240 ألف جنيه، وبالتالي يتراوح عدد سيارات نقل العزال ما بين 10 و15 سيارة .

أضافت "أم محمد" من قرية الشرفا مركز طنطا أن السبب في مغالاتهم في جهاز العروس، هو العادات والتقاليد، وأن البنت لا تشعر بأنها أقل من صديقاتها أو أحد أقربائها من الفتيات، معللة ذلك بأن البنت لا تأخذ من بيت والدها غير العزال أو ما يعرف بـ"الشوار".

وأشارت إلى أن الشبكة لديهم بالقرية تبدأ من (50 - 80) ألف جنيه، والمقتدر الذي يكون لديه أكثر من بنت يضع في الذهب مثل ما يضع العريس، كنوع من التباهي والتفاخر، وجذب عريس آخر للبنت التي تليها.

أما "أم عبدة" من قرية شوبر مركز طنطا، فأعربت عن استيائها من كثرة أغراض الجهاز التي يقوم الأهالي بشرائها لديهم بالقرية، قائلة إن الجهاز لدينا بالقرية يعتبر قانون لا يجب أن يحيد عنه الناس، وبالتالي إذا قام شخص مقتدر في القرية بشراء أجهزة معينة أو حتى غالى في الجهاز، يقوم أهل القرية تلقائيا بمحاكاته وتقليده، حتى لا يشعر أبناؤهم بالنقص.

وأوضحت "أم عبده"، أن قائمة الجهاز لديهم تتجاوز الـ"200 ألف جنيه"، وذلك لأنهم أيضًا يقوموا بشراء (2 ، 3) من كل شيء، والجديد لديهم هو شراء محول الكهرباء، قائلة إن أحد أسباب المغالاة في أغراض الزواج لدينا هو أن والدة العريس تنظر في "العزال" قبل أن يخرج من بيت العروس، وتشعر بالحزن كما تقوم بافتعال المشكلات إذا وجدته قليل أو وجدت فيه شيء ناقص.

وتابعت: "أتمنى لو تمنع فكرة الجهاز أو ما يسمى بالشوار، ونرجع إلى عادات وتقاليد زمان "كان اللي بيقدر على حاجة بيجبها، وكان الجهاز عبارة عن كام طبق لغرف الطعام ونملية نحط فيها العزال ودي مكنتش موجودة قبل كده، والعريس كان هو المكلف بشراء الألومينيا الخشنة بدل النحاس اللى كان موجود آنذاك".أضافت صباح أحمد من قرية نجريج مركز بسيون أن العادات والتقاليد لديهم بالقرية تقضي بشراء بوتاجاز، وطقم ميلامين، وطقمين كوبايات وطقمين سرير لحماة العروس، هذا بالإضافة إلى جهازها، والذي يجب أن يكون بأعداد وكميات معينة، وبالتالي يلجأ العديد من الأباء إلى بيع أراضيهم أو الاقتراض والاستدانة في سبيل ألا ينتقدهم أهل القرية، أو يقال على بناتهم أنهم فقراء.وأشارت صباح إلى أنها عندما تزوج بناتها فلن تلتزم بهذه العادات والتقاليد الخاطئة قائلة: "مخربش بيتي واعمر بيت حماتي"، لافتة إلى أنها لن تشتري سوى الضروريات فقط.وفي سياق متصل، أشار مصطفى جمال الدين، والذي يسكن بمدينة طنطا، ويبلغ من العمر 30 عامًا، متزوج منذ 4 سنوات، ويعمل مندوب مبيعات أن هناك أشياء كثيرة في أغراض وجهاز العروس يمكن الاستغناء عنها كالنيش مثلا، وأطقم الحلل الكثيرة التي ليس لها داعي، والتي يتم شراءها كنوع من المحاكاة لعادات وتقاليد المجتمع.

وأوضح مصطفى أن قائمة جهاز زواجه كانت تقدر بـ150 ألف جنيه، وذلك بسبب أن أهل زوجته من الريف ولديهم عادات وتقاليد معينة يجب اتباعها، ولكنه استغنى عن ليلة الحنة، واكتفى بليلة الزفاف، والتي بلغت تكلفتها 15 ألف جنيه تقريبًا.

وأعرب مصطفى عن استيائه من ظاهرة المغالاة في المهور، وأنها كلما زادت وانتشرت ستدفع الشباب إلى سلوك الطرق غير الشرعية للزواج، مما يؤدي إلى انتشار ظاهرة الانحراف الأخلاقي في المجتمع، وذلك لأن الممنوع مرغوب، مشيرا أن غالبية الشباب الآن يعاني من البطالة، فمثلا إذا كان القادرين على الزواج تبلغ نسبتهم 10%، ومن يساعدهم أهلهم 30%، فالباقي لا يقدرون على الزواج، وأهلهم لا يقدرون على مساعدتهم، لذا أطالب الأهالي بتيسير عملية الزواج، وعدم التقليد الأعمى للآخرين، والسعي للقضاء على هذه الظاهرة السلبية.

- وكيل الأوقاف بالغربية: النبي نهى عن المغالاة في المهور

أكد الشيخ محمود علي أبو حبسة، وكيل وزارة الأوقاف بالغربية، أن الزوجة غير مكلفة شرعًا بالمشاركة في نفقات وتكاليف الزواج، ولكن في ذات الوقت يجب أن ترضى بما يؤسسه الزوج لبيت الزوجية دون أن تكلفه مالا يطيق.

وأضاف "أبو حبسة" أن الأعراف السائدة في المجتمع الآن، والتي أدت مع مرور الوقت إلى المغالاة في المهور، استوجبت مشاركة أهل الفتاة في نفقات الزواج، كنوع من التعاون والتكافل بين أسرتي الزوج والزوجة، ولا يشكل ذلك على الإطلاق إهدارًا لحق المرأة في المجتمع.

وأوضح وكيل وزارة الأوقاف أن ظاهرة المغالاة في المهور، المنتشرة في المجتمع الآن ظاهرة خاطئة، وقد نهى النبي "صلى الله عليه وسلم" عنها، مشيرًا إلى أنه "صلى الله عليه وسلم" كان يزوج الرجل بصداق آيات من القرآن الكريم.

وأشار الشيخ "أبو حبسة" إلى أن الناس أصبحت لا تحكم الشرع والعقل، بل تحكم العادات والتقاليد والأعراف، كنوع من أنواع المباهاة والمحاكاة، مستدلا على ذلك بأنه في عهد سيدنا عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" ذكرت أمامه امرأة تطلب من زوجها صداقًا تتباهى به أمام قريناتها، استعجب ذلك عمر، وقال يرحم الله أم سليم، وكانت صاحبة أغلى مهر عرفته الدنيا، وهو "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وأخذ يبين فقال: خطبها رجل من الأنصار، ذا مال وحسب ونسب إلا أنه على غير دينها؛ فقالت: قل لا إله إلا الله، أكن لك خادمة وزوجة؛ فقال: لا إله إلا الله؛ إلا أنها رفضته، فاشتكى ذلك للنبي، فقال لها لم تأبيتي عليه، وقد قال ما قال، قالت: يارسول الله، والله خشيت أن يكون قال ذلك رغبة أو نزوة، وما قالها حبا في الله ورسوله، فقال الرجل: والله ما قلتها إلا حبا في الله ورسوله؛ فقالت: أنا لك خادمة قبل أن أكون زوجة، ولن أرضى بغير ذلك صداقا يارسول الله.

- القمص مينا عبده: لا يوجد مهر في الدين المسيحي

أكد القمص مينا عبده عبيد، المسئول عن كنيسة مارمينا ببسيون، أنه لا يوجد ما يسمى بالمهر في الدين المسيحي، موضحا أن أي متطلبات أو أغراض خاصة بالزواج مثل "مكان السكن" وتقسيم الجهاز بين الطرفين، وكذلك فترة الخطبة وموعد الإكليل يتم الاتفاق عليها بين أسرة الطرفين.

وأضاف القمص مينا أن الخطبة تتم في جلسة علنية بالكنيسة، وتكون موثقة بمحضر كنسي بالمطرانية بطنطا، وإذا حدث وكان هناك عدم توافق بين الطرفين كأن يقوم أحد الطرفين مثلا بالإخلال بشروط العقد يتم عمل محضر فسخ، وهنا يكون الذهب كاملا أو الشبكة من نصيب الطرف الآخر الذي لم يخل بشروط العقد.

وأوضح القمص مينا أنه لا يوجد نصوص صريحة بالكتاب المقدس تلزم أحد طرفي الزواج بشيء معين، ولكن هناك إشارات، قائلا: "إن سيدنا يعقوب عليه السلام مثلا عندما أراد أن يتزوج من رحيل ابنة لابان ذهب إلى والدها وطلب يد ابنته لكن والدها زوجه أختها الكبرى ليقة وكانت شبكتها تتمثل في أنه عمل ٧ سنوات ، ولم يعلم سيدنا يعقوب أنه لم يتزوج برحيل إلا بعد الزواج، ذلك لأنه في هذه الفترة لم يكن هناك جلسة تعارف بين الخطيب والخطيبة، أو أن الخطيب يرى الخطيبة كما هو الحال الآن، فرجع سيدنا يعقوب إلى لابان، وقال له إنه طلب الزواج من رحيل فلماذا زوجه ليقة، فقال له لابان أنه لا يزوج الابنة الصغرى قبل الكبرى، وأنه إذا أراد أن يتزوج رحيل؛ فليعمل ٧ سنوات أخرى، مع العلم أنه في هذه الفترة كان يجوز للمسيحي بالزواج من أكثر من واحدة".

- دكتورة شيماء آغا: عادات وتقاليد المجتمع ساهمت في إهدار حق المرأة

أكدت الدكتورة شيماء آغا عضو المجلس القومي للمرأة بالغربية، أن الإسلام أوجب على الزوج تحمل كافة تكاليف الزواج، إلا أن ضيق ذات اليد للمتقدم وسوء الأوضاع الاقتصادية في بعض الأحيان دفع بعض أولياء الأمور للمشاركة في نفقات الزواج، ومع مرور الوقت أصبحت مشاركة أهل الزوجة في تأسيس المنزل أمر حتمي، بل وصار جهاز الفتاة مدعاة للتباهي والتفاخر في كثير من الأحيان، لذا نجد الأب يغالي في جهاز الابنة الكبرى حتى يذيع سيطه بتجهيز بناته، ويتمكن من زواج الأخريات، الأمر الذي أدى إلى خلق جيل من الأزواج غير قادر على تحمل المسئولية، ومنتظر في كثير من الأحيان مساندة أهل الزوجة في تحمل نفقات المنزل أو الزوجة نفسها في حالة عملها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً