جاءت اعتداءات شرطة الاحتلال الإسرائيلى صباح اليوم الأربعاء على رهبان كنيسة الأقباط المصرية واعتقلت أحدهم، خلال وقفة احتجاجية عند باب "دير السلطان القبطي" بمحاذاة كنيسة القيامة بالقدس القديمة، استمرارا لمسلسل طويل من الإضطهاد الذي شاهده الأقباط على أيديى اليهود .
"عصور الاضطهاد" .. مصطلح ربما مرت على الأذهان، ولكن لم يعلم احد مدى الاضطهاد الذي وقع على الحواريين والرهبان .
_ العهد الجديد
عقب ظهور المسيحية بدأت محاربة الدين المسيحي من قبل الفريسيين والمؤسسات الدينية اليهودية، وكانت تعاليم وعظات بطرس خصوصًا الأولى والثانية، سببًا في تذمر مجلس اليهود، مما أدى إلى توقيف بطرس ويوحنا عدة مرات في السجن.
وينقل التقليد المسيحي أن بطرس هو من أسس كنيسة روما بعد أن أسس كنيسة أنطاكية، وقضى هناك سنواته الأخيرة حتى مقتله عام 64 أو 67 خلال حريق روما الكبير واضطهاد نيرون للمسيحيين.
كان أبرز من أضطهد المسيحيين شاول الذي أصبح نفسه فريسياً متحمسًا ذا ميول متطرفة وعمل على محاربة المسيحية الناشئة على أنها فرقة يهودية ضالة تهدد الديانة اليهودية الرسمية، فنرى أول ظهور لهُ في سفر أعمال الرسل في الإصحاح السابع حيث كان يراقب الشماس استفانوس وهو يرجم حتى الموت بينما كان يحرس هو ثياب الراجمين، وهو راضٍ بما يقومون به عقب إعدام إستفانوس شن اليهود حملة اضطهاد بحق كنيسة أورشليم متسببين في تشتت المسيحيين في كل مكان.
قام بولس بعد أن نال موافقة الكهنة بتتبع المسيحيين (الذين كانوا يسمون بأناس الطريق) حتى مدينة دمشق ليسوقهم موثقين إلى أورشليم، وفي طريقه إلى دمشق وبحسب رواية العهد الجديد حصلت رؤيا لشاول كانت سبباً في تغير حياته، حيث تحول إلى المسيحية، وعرف شاول بإسم بولس بعد اعتناقه المسيحية. وقد أدّت الأعمال التبشيرية المسيحية التي قام بها بولس إلى سجنه وقتله خلال اضطهاد نيرون للمسيحيين.
اضطهاد اليهود والأحباش للأقباط
عمل الفُرس على التحالف مع عرب الجنوب، كما عرب الشمال، وذلك بهدف مُقاومة النُفوذ الرومي في جنوب شبه الجزيرة العربيَّة، الذي انتشر عبر حليفة الروم، أي مملكة أكسوم الحبشيَّة، بواسطة التجارة والتبشير بالمسيحيَّة بين اليمنيين. ففي الوقت الذي كانت فيه الحبشة تتلقى تشجيعًا من الإمبراطور البيزنطي فلاڤيوس يوليوس قسطنس الذي كان يهدف إلى نشر الدين المسيحيّ في بلاد العرب، كان بعضُ النُبلاء ومُلوك اليمن يتذمرون من تنامي النُفوذ الحبشي والرومي، فقاموا بُمحاربة المسيحيَّة السياسيَّة عبر فكرٍ دينيٍّ سياسيٍّ آخر، فجلب الملك أبو كرب أسعد الديانة اليهوديَّة من يثرب ودعا اليمنيين إلى اعتناقها ففعلوا، وهدموا العديد من الهياكل والمعابد المُكرَّسة للآلهة الوثنيَّة.
بناءً على هذا، وجد الفُرس أنَّ اليمن قد أصبحت أرضًا خصبةً لامتداد نُفوذهم إليها، فتطلَّعوا إلى التحالف مع اليهود والمذاهب النصرانيَّة المُناهضة للبيزنطيين مثل النُسطوريَّة، فدعموا اليهود حتَّى تحكّموا باليمن طيلة القرن الخامس الميلاديّ، فقبضوا على أجهزة المملكة الحِميريَّة وبخاصَّةً الماليَّة، وسيطروا على المراكز المُهمَّة حتَّى الملكيَّة نفسها، فكان جميع مُلوك حِمير مُنذُ عهد أبو كرب أسعد (400م) حتَّى عهد مرثد إلن (495م) مُتهودين باستثناء عبد كلال بن مُثوّب، لكنَّ الحال لم يستمر هكذا، فتراجع النُفوذ الفارسيّ أمام الروميّ، وانتشرت المسيحيَّة في طول البلاد وعرضها، واستحال النصارى هم سادة اليمن الحقيقيين.
ولم يرضى بعضُ المُلوك برؤية تنامي النُفوذ البيزنطي مُجددًا في بلادهم، ومن هؤلاء ذو نوَّاس يُوسُف أسأر الحِميري، الذي اعتنق اليهوديَّة كي يُحارب بها المسيحيَّة السياسيَّة، ويبدو أنَّهُ رأى أنَّ استقرار حُكمه يتوقَّف على القضاء على الذين يُصدّرون المسيحيَّة إلى اليمن وبقاء اليمن مُوالية لِفارس، فاضطهد النصارى اضطهادًا شديدًا، حيثُ جمع أهل نجران وخيَّرهم بين العودة إلى الوثنيَّة أو الموت حرقًا، ففضَّل مُعظهم الموت في سبيل الإيمان، فحفر ذو نوَّاس أخاديد في الأرض وألقى المسيحيين فيها مع أناجيلهم وأضرم فيهم النار أحياء، عند ذلك ثارت حفيظة بيزنطية وعقدت العزم على عزل ذي نوَّاس عن حُلفائه الفُرس، فتمَّ إبرام صُلح بين الروم والفُرس تخلَّت فارس بموجبه عن مصالحها في اليمن.