من جراج الى ريادة تكنولوجيا الاتصالات.. كيف اعتلت "ابل" هرم التقنية العالمية

بعد إطلاق الإتحاد السوفييتي القمر الصناعي “إسبانتك” عام 1957 اشتبك الوادي مع سباق الفضاء، و ضخ بلايين الدولارات من الميزانية الفيدرالية في شركات التكنولوجيا لتطوير صناعة الحاسبات أصبحت منطقة “سانتا كلارا” جنوبي “سان فرانسيسكو” بولاية كاليفورنيا في الستينيات (1960- ) مكانا مثاليا لهندسة الحاسبات.

من بين هذه الشركات شركة “شوكلى” لأشباه الموصلات وشركة “هيوويلت باكارد” وكانت المنتجات الإلكترونية منتشرة في كل مكان في الوادي، الذي أصبح بيئة مناسبة لإنشاء ونجاح شركات تكنولوجيا المعلومات مثل ( جوجل و آبل – Apple & Google) ، وهو ما يتناوله تقرير "أهل مصر" لاستعراض البداية البسيطة لشركة Apple إلى أن أصبحت عملاق تكنولوجيا المعلومات.

حيث يكشف الدكتور عبد العزيز بسيني خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن “ستيف جوبز” مؤسس شركة ابل بدأ خلال مرحلة الدراسة الإعدادية يتعرف على مجال الإلكترونيات التي تنتشر منتجاتها بجراجات السيارات حيث قدم له والده بالتبني عددا من الدوائر الإلكترونية التعليمية التي يمكن تجميعها وتشغيلها بسهولة، فاستحوذت على اهتمامه، وتدرب على تجميع العديد من هذه الدوائر، واكتسب قدرا كبيرا من الثقة بالنفس، مكنته من تفهم كيفية عمل الأجهزة التي تبدو معقدة جدا مثل أجهزة الراديو والتلفزيون.

وأضاف بسيني "جوبز” التحق بفصل الإلكترونيات بمدرسة “هوم ستيد” الثانوية، وعمل أثناء العطلة الصيفية في شركة “هيوولت باكارد”، وفى خلال عمله بالشركة ظهرت مهاراته قبل اكتمال عامه الرابع عشر، وتعرف على “ستيف وزنياك” الطالب بجامعة “بيركلى” والذي يكبره بخمس سنوات. وبعد إتمام دراسته الثانوية التحق “جوبز” بكلية “ريد” للفنون والآداب في بورتلاند بولاية أرجون، مشيرا إلى انه لم يحقق أي نجاح يذكر، فقد رسب في الفصل الدراسي الأول لأنه لم يجد أي قيمة فعلية تطبيقية تثير اهتمامه في المحاضرات الأدبية.

وشرح بسيني أن " جوبز" ظل يحضر بعض المحاضرات التي ينتقيها بما يوافق اهتماماته بعد نفاذ كل مدخراته ومنها مادة جماليات الكتابة بالخط اليدوي فدرسها باهتمام بالغ، واستخدم ما تعلمه فيما بعد في برمجيات جهاز الماكنتوش، وخلال تلك الفترة انخرط في حركة الهيبز.

وتابع بسيني أن “جوبز” عاد إلى وادي السليكون عام 1975، وحصل على عمل في شركة “أناري” لألعاب الفيديو وكان “وزنياك” صديقه يعمل في شركة “توارد بيكار”، وكان في نفس الوقت يعمل على تصميم دوائر حاسب صغير في وقت فراغه، وأخذ الصديقان يحضران إلى نادي” هوم برو” لهواة الحاسبات.

خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي كانت غالبية المؤسسات الكبرى مزودة بالحاسبات العملاقة من إنتاج شركة “IBM” بعد انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفعلية للحاسبات الشخصية عام 1974 عندما عرضت شركة “Intel” لأول مرة المشغلات الدقيقة طرز 8080.

وبدأ اهتمام الهواة بكيفية استخدام هذه القطعة الجديدة والرخيصة نسبيا من التكنولوجيا.

وحدثت قفزة هائلة إلى الأمام عندما أطلقت شركة ” MITS” في بلدة “البوبيرك”، بولاية “نيو مكسيكو” جهازا لتدريب الهواة أطلق عليه اسم “التير”، وهو عبارة عن صندوق يحتوى على مجموعة من دوائر اليكترونية لمكونات كمبيوتر مبنية على وحدة المشغل الدقيق المركزية 8080.

حيث كان الصندوق الذي يحتوى على جهاز” ألتير” مزودا بلمبات بيان صغيرة، يمكن أن تتغير حالات إضاءتها تبعا لعمل الدوائر، ويمكن للهواة والمهتمين تجميع المكونات بأنفسهم.

أما التحول الكبير في وظيفة جهاز “التير” من مجرد أداة تدريب وتسلية للهواة إلى جهاز يعمل بالبرمجة فقد تم على يد “بيل جيتس” و”بول ألن” عام 1975 عندما نجح الاثنان في إعداد برنامج لترجمة أوامر لغة “البيسك” إلى المشغل الدقيق 8080 .. و يؤرخ هذا الحدث لبدء صناعة البرمجيات.

أشار البسيوني أن “وزنياك” استكمل بناء حاسبه باستخدام عدد صغير من الشيبات (الدوائر المتكاملة)، وزود الحاسب بشاشة تلفزيون ولوحة مفاتيح، وقد أثار الحاسب اهتماما كبيرا في أوساط الهواة في نادي “هوم برو”، موضحا أن أحلام المهندس “ستيف وزنياك” لم تتجاوز إشباع هوايته، أما صديقه “ستيف جوبز” فكان أكثر طموحا ويفكر بعقلية رواد الأعمال، وقرر البدء في إنتاج عدد كبير من عينات الحاسب وبيعه لرواد النادى ولطلبة الجامعات.

وكشف بسيني أن “ستيف جوبز” باع سيارته المستعملة، كما باع “وزنياك” آلته الحاسبة، لجمع مبلغ الألف دولار اللازمة لشراء المكونات الإليكترونية لإنتاج الكمية الأولى من الحاسبات لافتا إلى انه تم تأسيس شركة باسم “Apple”، أول أبريل سنة 1976فى جراج منزل “جوبز” حيث قام الصديقان بتجميع 250 حاسبا ونجحا في بيعها،و اتخذا من تفاحة نيوتن شعارا للشركة.

أكمل بسيني حديثه أن “وزنياك” نجح في تصميم وبناء الحاسب المتطور “Apple-2″، وهو أسرع من الحاسب الأول وباستخدام عدد أقل من الشيبات، ويمكن إظهار عملياته على شاشة تلفزيون ملون، ويظهر الصور بتباين عالي، ويحتوى على مترجم للغة “البيسك”. مؤكدا أن “جوبز” في إقناع “مايك ماركولا” الموظف السابق بشركة “Intel” باستثمار مبلغ 250 ألف دولار في الشركة، ومع نجاح وتطور الشركة تغير الشعار ليكون التفاحة المقضومة ذات الشرائح الملونة، للدلالة على إظهار النتائج على شاشة ذات ألوان.

وأضاف بسيني أن الحاسب “Apple-2” الذي يعتبر البداية الحقيقية لثورة الحاسبات الشخصية لاقى نجاحا كبيرا عند عرضه عام 1977، وتوالت الطلبات على الشركة، وبفضله أصبح “جوبز” مليونيرا في عامه الثالث والعشرين، وارتفع رصيده إلى عشرة ملايين دولار في عامه الرابع والعشرين.

كانت الشركة تكبر بمعدل سريع، وبدأت في مشاريع لإنتاج حاسبات أكثر تطورا، منها حاسب” Apple-3″، وحاسب” ليزا”، وحاسب “ماكنتوش”، ونقل عن مركز أبحاث شركة “زيروكس” بعض الأفكار المبتكرة مثل استخدام شبكة “إيثرنت” لربط الحاسبات، والتعامل مع الحاسب بواسطة الفأرة (Mouse)وواجهة المستخدم الرسومية Graphical User Interface (GUI).

واختتم بسيني حديثه قائلا عند الطرح العام لأسهم الشركة في البورصة في 12 ديسمبر عام 1980 كان النجاح منقطع النظير،و قفزت ثروة “ستيف جوبز” إلى 217 مليون دولار، في عامه الخامس والعشرين.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً