اشتهر جايير بولسونارو رئيس البرازيل الجديد بمواقفه المتشدّدة والصارمة، لا سيما وأنّه ضابط سابق في الجيش البرازيلي، ولديه الكثير من المواقف المثيرة للجدل، والتي اعتبرها البعض عنصريّة وعرقية، كتلك التي اتهم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كما أنّه صرّح أكثر من مرة وأعلن مواقف اعتبرها مراقبون مناهضة للنساء، لا سيما ما قاله عن الإجهاض، وتصريحاته العدائية تجاه المثليين، وظهرت نبرته التمييزية العنصرية بما يخص ذوي البشرة السمراء. وأبرز ما يجعل من هذا العسكري السياسي مثيرًا للقلق هو أنّه يتبع خطوات ترامب تجاه إسرائيل أيضًا إذ ينوي نقل السفارة البرازيلية الى القدس، ويتبع سياسة ترامب الإقتصادية، وباتَ يُعرف بـ"ترامب الإستوائي" و" ترامب البرازيل".
وأضافت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنّ انتخاب بولسونارو ينبئ بوعود لإصلاح قضايا كثيرة في أكبر دولة في أميركا اللاتينية، وإجراء تغييرات كبيرة في ظلّ إدارته. واستهلّت هذه القضايا من البيئة، إذ يوجد أكثر من نصف غابات الأمازون في البرازيل، ويخشى أنصار البيئة من أن تزيد عمليات إزالة الغابات واستخراج المعادن في ظلّ الرئاسة الجديدة. ولفتت "واشنطن بوست" الى أنّ بولسونارو كان دعا إلى وقف الاعتراف بأراضي السكان الأصليين بطريقة تحميها من مختلف أنواع الاستغلال، قائلاً إنه "لن يتم تحديد سنتيمتر واحد فقط للمحميات الأصلية".
توازيًا، كان بولسونارو قد تعهّد في أن يسير على خطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويترك اتفاق المناخ في باريس، لكنّه تراجع مؤخرًا عن هذا الموقف. ويرى عددٌ من المراقبين أنّ علاقات بولسونارو القوية مع قادة الأعمال الزراعية في الكونغرس، وهي جزء من "التجمع الريفي" القوي، ستؤدي إلى تقليل الحماية البيئية وإعطاء أولوية للمصالح الزراعية، وأحد الأمثلة على ذلك هو وعده بالجمع بين وزارتي الزراعة والبيئة في وزارة واحدة، وهي خطوة تثير القلق البيئيين.
الأمن
خلال حملته الإنتخابية، وعدَ الرئيس الجديد بالعمل لتقليل الجرائم التي زاد ارتكابها في البرازيل، بما في ذلك السماح للشرطة في استخدام المزيد من القوة، كما تعهّد بتأمين الحماية القانونية للشرطيين الذين قد يقتلون من يطاردونهم في العمل، ووصل الى حدّ القول "إنّ الضابط الذي يقتل يجب الاحتفال به وليس مقاضاته".
ويشعر الناشطون في مجال حقوق الإنسان بالقلق من أنه في بلد ينتشر فيه العنف من قبل الشرطة، يمكن للضباط قتل المزيد من الأبرياء بدون عقاب، لا سيما وأنّ بولسونارو يعتبر أنّ القانون الحالي مقيد للغاية ويجب إعطاء رجال الشرطة المزيد من المساحة للدفاع عن أنفسهم.
كما يريد بولسونارو أن يسهل للمواطنين امتلاك الأسلحة النارية، وطوال حملته، قال: "يجب أن يكون "المواطنون الصالحون" قادرين على الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم".
الإقتصاد
تتعافى البرازيل من أسوأ ركود لها منذ عقود، ويأمل المستثمرون ورجال الأعمال في أن يحفز بولسونارو النمو الإقتصادي. فقد قال إنه لا يفهم الكثير عن الأمور الاقتصادية، وسلّم الأمر لمستشار إقتصادي عيّنه هو الخبير المالي والمصرفي باولو جيديس، الذي تخرّج من جامعة شيكاغو.
وخلال حكم بولسونارو، يمكن أن يشهد البرازيليون تقليصًا في حجم الحكومة، بما في ذلك خفض عدد الوزارات إلى النصف، وخصخصة العديد من الشركات المملوكة من قبل الدولة، وفتح آفاق الإقتصاد من خلال اتفاقيات تجارية جديدة وتخفيض التعريفات الجمركية على الواردات.
إضافةً الى ما تقدّم تبرز قضية تغييرات الرواتب، فبعدما عجز الرئيس ميشال تامر عن تحقيق إصلاحات بالمعاشات التقاعدية، تتجه الأنظار إلى بولسونارو وإذ كان سيتمكّن من إنقاذ نظام المعاشات التقاعدية الفاشل في البلاد ويصحح الشؤون المالية للحكومة.
السياسة الخارجية
في السياسات الخارجية أيضًا، تعهّد بولسونارو باتباع طريق ترامب، وقال إنه يفضل الصفقات التجارية الثنائية على الاتفاقات المتعددة الأطراف، ويريد نقل السفارة البرازيلية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، واتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه فنزويلا المجاورة. وقال بشكل متكرر إن البرازيل يمكن أن تعاني من انهيار اقتصادي مماثل للفنزويلا إذا انتخب الناخبون منافسه اليساري، كما اقترح وضع الفنزويليين الذين يفرون من الفوضى ببلادهم في مخيمات اللاجئين.
وتحدث بولسونارو عن كثب بشأن الصين، الشريك التجاري الأكبر للبرازيل. وفي شباط الماضي، زار تايوان، التي تزعم بكين أنها تابعة لها، وتطرق الى الحديث عن الاستثمار الصيني في الشركات الحكومية البرازيلية، قائلاً: "لا تستطيع البرازيل السماح للصين أو لأي دولة أخرى بالحضور وشراء البرازيل، بدلاً من الشراء في البرازيل".
الشأن العسكري
كضابط متقاعد في الجيش، أمضى 27 عامًا في الكونغرس الذي يعطي الأولوية لمصالح الجيش، وعد بولسونارو بمواصلة القيام بذلك كرئيس، وتعهد بملء حكومته بضباط عسكريين، وقد أعلن عن اختياره الجنرال السابق أوغوستو هيلينو كوزير للدفاع.