لم تكن مشاركة السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج، في الاحتفال بالجالية الأرمينية فى مصر، الفاعلية الأولى التي يجتمع فيها المصريين الآرمن لإحياء ذكرى النكبة التي حلت بهم، في أجواء من الحرية التي تؤكد على إحترام مصر الكامل لجميع فئات المجتمع المصري.
لم تمر مناسبة واحدة أو إحتفال، إلا ويؤكد المصريين الآرمن على عشقهم لتراب مصر، مشددين على كونهم يحملون الجنسية المصرية ولا يقبلون بغيرها بديل، وأن كانت أصولهم تعود لأرمينيا الصغرى.
تاريخ طويل شاهد على اندماج الآرمن داخل النسيج المجتمعي لمصر، حتى أصبحوا جزء لا يتجزأ من ثقافة الشعب المصري .
"أهل مصر" اقتربت من أبرز الشخصيات المصرية من أصل آرمني لتحاورهم :
يوم كامل قضته محررة "أهل مصر" داخل نادي "الشرق الأدنى" بشبرا لمشاهدة النشاط الذي يقدمه أعضاء النادي لجميع أهالي شبرا.
في البداية يقول الدكتور إيدي كاسبيان، طبيب بيطرى ورئيس نادي الشرق الأدنى، أنه ولد وعاش في حي شبرا القاهرة، والتي كانت تسمى قديما باسم شبرا جاردن، حيث كانت من أرقى أحياء القاهرة وتمثل جزءا كبيرا في حياته ولها مكانة خاصة في قلبه.
وأوضح الطبيب كاسبيان في حديثه لـ"أهل مصر" أن أجداده جاءوا إلى مصر في 1915 بعد المذبحة وعاشوا في مصر، أما هو فقد ولد وسط المجتمع المصري وتربى وسط أسرة مصرية، لافتا إلى أنه شارك مصر في أفراحها وأحزانها وأزماتها .
فيقول الطبيب صاحب الـ65 عاما، أنه كان ناصري وكان يحب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، موضحا أنه كان له نشاط طلابي داخل جامعة القاهرة.
ويستعيد دكتور كاسبيان ذكرياته، فيقول أنه خرج مرتديا قميص أسود يوم تنحي الرئيس جمال عبد الناصر، كما أنه تجرع مرارة نكسة 67 كأى مصري شعر بالحسرة والحزن، كذلك فقد خرج في جنازة الزعيم عبد الناصر باكيا وسط الملايين .
يصمت الطبيب المصري ليتذكر أجمل ذكريات النصر التي عاشها، فيقول أنه خرج وسط تظاهرات في بداية حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مطالبا بإنهاء فترة اللا سلم واللا حرب، موضحا أنه شارك في حرب 1973، حيث كان طبيب داخل سرية عسكرية وشعر بحلاوة النصر ومدى الفخر والإعتزاز بكونه فرد من أفراد الجيش المصري.
تنهيدة طويلة .. يستكمل بعدها الطبيب الستيني حديثه، قائلا : "الرئيس عبد الفتاح السيسي أنقذ مصر " موضحا أنه كمصري يعتصر قلبه كلما يشاهد أعداد شهداء الجيش في سيناء .
يعود الطبيب كاسبيان بذاكرته إلى الخلف، فيوضح أن المصريين الآرمن شاركوا في جميع الأنشطة الاقتصادية على المستويات الصناعية و الحرفية و المهنية و الملكيات العقارية.
ففى مجال الطباعة، أسس الأرمن أكثر من 13 مطبعة أقدمها مطبعة و زنكوغراف نازاريتيان التى تأسست عام 1899.
وفى ميدان الصناعات المعدنية، اشتهر مصنع إخوان فاهان و موشيغ ديرمينجيان الذى تأسس عام 1918 بشارع الأشرف باللبان و مصنع جبرييل دوستوميان للصناعات المعدنية الذى تأسس عام 1922 فى شارع البيضاوى باللبان.
وقد برزت منشآة "أرتين إسبنجيان و شركاه" فى حقل الهندسة الميكانيكية، وقد تأسست عام 1931 فى شارع محطة مصر، وأسس دير ساهاجيان ورشة للخراطة الميكانيكية فى قسم اللبان، و قد اشتهر مصنع "كينج عثمان" الذى أسسه نوراير بن أوهانيان بصناعة المسامير عام 1948 فى شارع المحافظة.
أيضا اشتهر أرمن الإسكندرية بصناعة الذهب، حيث مثل الصاغة الآرمن مكانة عريقة داخل المجتمع المصري وانتشرت متاجرهم في جميع أنحاء مصر وخصوصا العتبة ووسط البلد، مشيرا إلى أن جيهان السادات طلبت من احد الصاغة الآرمن صناعة تاج العرس لأبنتها.
واشتهر الأرمن بصناعة الساعات وانتشرت محلاتهم في العتبة ووسط البلد أيضا.
ويعلق دكتور كاسبيان على المذبحة التي حدثت في تركيا، قائلا أن تركيا أذاقت الآرمن ويلات العذاب، لافتا إلى أن الأزهر الشريف أصدر فتوى بتجريم وتحريم ما حدث وأنه بعيد عن الإسلام أثناء المذبحة، مؤكدا أنه موقف قوى وجرئ.