الذكرى الـ19 لحادث تحط الطائرة بوينج بي767-300 تابعة لشركة مصر للطيران رقم الرحلة 990، في 31 أكتوبر 1999، والتي راح ضحيتها 217 شخصا، قبالة ساحل ماساتشوستس الأميركي بعد نحو ساعة من إقلاعها.
ولم ينج في الحادث أي من الركاب ويتكون طاقمها من أحمد الحبشي وجميل البطوطي وعادل أنور ورؤوف محي الدين.
"أهل مصر" التقت بإحدى زوجات شهداء الطائرة المنكوبة لتحاورهم، السيدة نجلاء رأفت راشد، زوجة الرائد إيهاب نبيل، التي عاشت 19 عاما صامدة تبحث عن حق زوجها وحق 33 شهيد من أبرز كفاءات قياداتنا المسلحة.
"كان مفروض يناقش رسالة الدكتوراه التي أعدها قبل سفره" .. تروي السيدة نجلاء رأفت المحامية، كيف استعد زوجها للخروج في مهمة رسمية تابعة لعمله، فتقول إنه تم تكليفه من قبل وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي، بمأمورية حضور إحدى المؤتمرات في امريكا، بصحبة 6 من ضباط قطاع الأسلحة والذخيرة، وآخرين من نظم المعلومات، لكنه كان الوحيد الذي ينتمي إلى جهاز المخابرات الحربية.
وتضيف زوجة الشهيد إيهاب، أنه سافر في يوم 23 أكتوبر، وفي رحلة العودة كانت الطائرة تحمل 33 ضابط من خيرة ضباط الجيش المصري ويعملون في أسلحة مختلفة.
"لا إله إلا الله .. اعتبري زوجك شهيد" .. بهذه الكلمات استقبلت نجلاء خبر استشهاد زوجها الذي لم يكمل معها 6 سنوات زواج، فتقول نجلاء واصفة حالتها أثناء سماع الخبر، أنها علمت بتحطم الطائرة من خلال نشرات الأخبار، وظلت تجري عدة اتصالات لمعرفة الحقيقة، وفي النهاية رد عليها عميد قال لها الخبر .
وبعين دامعة وصوت متقطع يخالطه البكاء، تستكمل نجلاء حديثها، "كان ابني الصغير عنده 3 شهور وابني الكبير 6 سنوات فقط" ، موضحة أنه بعد عام من النكبة طالبتها القوات المسلحة بأخذ عينات "dna" للتأكد من رفات الشهيد، قائلة : " صعب طبعا آخد جثة زوجي عبارة عن كيس رفات بحجم كف اليد"، حيث أنها رفضت هي وأهالي الشهداء استلام الرفات وطالبوا بدفنها في مقابر الشهداء، موضحة أن هذا أبسط تكريم لهم.
نجلاء رأفت مازالت ترى أنه تم إسقاط الطائرة بفعل فاعل، وتكاد تعلم من هو الفاعل، موضحة أن التقرير الذي أعدته هيئة سلامة الطيران الأمريكية تعمد إخفاء حقائق تتعلق بالحادث فقام أولا على افتراض أن مساعد الطيار المصري جميل البطوطي تعمد الانتحار وإسقاط الطائرة وذلك بسبب الجملة التي قالها وسجلها الصندوق الأسود وهي (توكلت على الله)، وهو ما يعني أن شركة مصر للطيران هي المسؤولة عن التعويضات فضلا عن الإضرار بسمعتها كشركة طيران عالمية، وبالتالي إخلاء المسؤولية عن أجهزة الأمن الأميركية.
وطالبت "نجلاء" الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة فتح ملف الطائرة مرة أخرى والوصول لحقيقة تحطمها واستشهاد 33 ضابط مصري .
" هما قالوا لك إيه .. مادام هما قالوا شهيد يبقى شهيد" .. سنين من الحزن والقهر عاشتها "نجلاء" بعد خروج اسم زوجها من سجل الشهداء وكان من ابرز المواقف الهزلية التي مرت بها خلال تجربتها كانت مع مفتي الجمهورية السابق على جمعة، الذي توجهت إليه للحصول على فتوى شرعية تفيد بأن زوجها ورفاقه شهداء.
كان ذلك خلال إحدى المؤتمرات التي كان يحضرها مع الدكتور أحمد الطيب، الذي استأذن بالإنصراف لإقامة صلاة العصر.
تتركنا السيدة "نجلاء" للحظات حتى تحضر مقتنيات الشهيد وبعض المقتنيات لباقي أسر الشهداء، وهي عبارة عن مجموعة من النظارات وكرافتة، ولعبتين اطفال، وساعة يد، وقطعة رخام من النصب التذكاري في امريكا، وميدالية عليها اسم زوجها الشهيد، والتي تقول عنها أنها هي من طالبت بتكريم زوجها من أجل أبناءه.
ويقول رامي إيهاب الإبن الأصغر للشهيد، أنه كبر وهو يسمع العديد من الروايات عن والده البطل الذي استشهد غدرا، موضحا أنه كتب قصة عن والده وهو في سن 13 سنة تحت عنوان " أبي .. الذي لا يعرفه أحد "، مضيفًا أنها حصلت على المركز الأول .
وأضاف رامي، طالب في كلية الهندسة في الفرقة الأولى، أنه فكر كثيرا في الالتحاق بالجيش المصري، ليكون بطلا مثل والده ومثل العديد من أبطال الجيش المصري .