قبل الكارثة.. 8 آلاف سوهاجي معزولون عن العالم وسط مياه النيل.. المريض ينتظر الموت.. والأطفال يذهبون للمدارس بقارب صيد متهالك

يعيش سكانها فى معزل عن العالم الخارجي والمحيط بها بعد الرابعة عصرا، وحتى بزوغ شمس اليوم التالي، إلا من رحم ربى وامتلك أو قام بتأجير قارب صيد يستخدمه فى الخروج من هذا السجن، الذى لا يفتح بابه إلا صباحا.. يقطن بها أكثر من 8 آلاف نسمة، وتزيد مساحتها عن 10 آلاف فدان.. وتنعدم فيها أدنى حقوق ساكنيها أسوة بغيرهم فى الخدمات التي تقدمها الدولة لأبنائها. إنهم سكان الجزيرة المستجدة.

تسبح الجزيرة المستجدة بين مياه النيل فى مركز المنشاة، بمحافظة سوهاج، ويحدها من الشاطئ الغربي بندر المنشاة، ومن الشاطئ الشرق عدة قرى منها الأحايوه وأولاد الشيخ وطوخ التابعة لمركز العسيرات. أما شمالا وجنوبا فامتداد مياه النيل.

يعانى أهالي الجزيرة من نقص فى جميع الخدمات، ولكن ما يشغل بالهم وحالهم كثيرا هو عدم وجود عبارة نيلية تربطهم بالبر الشرقي أو الغربي لقضاء حوائجهم ومتطلبات منازلهم، أو ذهابهم للعمل أو ذهاب أبنائهم للمدارس من أجل التعليم كباقي أقرانهم بالقرى المجاورة.

يقول " عبدالله على" أحد الموظفين القاطنين بالجزيرة، ويعمل بمدينة المنشاة فى الجانب الغربي من الجزيرة، إنه يذهب إلى عمله كل صباح عن طريق مركب شراعي، أو قارب صيد، أو الأتوبيس النهري فى بعض الأحيان عندما يكون صالحا للعمل، ويعود بعد الظهر من عمله على نفس إحدى تلك الوسائل.

وأكد علي أن طلاب المدارس من جميع المراحل يحملون كل صباح و مساء أرواحهم على كفهم، و ينتقلون من الجزيرة إلى بندر المنشاة والقرى المجاورة على متن قوارب الصيد الصغيرة، أو القوارب الشراعية، غير الآمنة، والتى تتحكم فيها الرياح كيفما تشاء، لأن الأتوبيس النهري لا يمكن أن يقوم بنقل كل طلاب الجزيرة فى وقت واحد، مما يضطرهم لركوب قوارب الصيد والعبور بها للوصول إلى المدارس في الوقت المحدد؛ مما يمثل خطورة شديدة على حياة هؤلاء الطلاب، ومنهم الأطفال والكبار، وقد يعرضهم للغرق فى حالة انقلاب تلك القوارب وخاصة إذا كان على متنها أعداد فوق حمولتها، وحدث ذلك من قبل بالفعل.

مضيفا أن الأتوبيس يعمل من الساعة الـ 8 صباحا وحتى الـ 4عصرا، وفى حالة تأخره عن الرابعة يضطر إجباريا أن ينتقل أي مواطن سواء بالشاطئ الغربي أو الشرقي للجزيرة عن طريق القارب الصغير، أو القارب الشراعي، وفى كل منهما خطورة على حياتهم.

ويتابع أنه يقوم الأهالي بتشوين الطوب والرمال والزلط لزوم المباني على الأتوبيس النهري وقوارب الصيد في حالة القيام بالبناء، وتلك رحلة شقاء وعذاب.

ويروى محمود أحمد، أحد العمال القاطنين فى الجزيرة رحلة عذابه التي يعيشها يوميا بالخروج فى الصباح الباكر على متن قارب الصيد والعودة ليلا عليه، فى خطورة دائمة برفقة بعض العاملين الآخرين، لأنه وقت خروجهم ودخولهم إلى القرية لا يعمل به الأتوبيس النهري المتهالك، الذى يمثل فى حد ذاته خطورة كبيرة وخاصة أنه يقوم بتحميل أكثر من 150 شخصا فى وقت واحد.

ويضيف أنه الجزيرة بعد 4 عصرا تكون فى معزل عن العالم وصعب الانتقال منها وإليها، وقد يحدث حريق بها لا يمكن أن تنتقل إلينا سيارات الإطفاء، ولكن يقوم الأهالي بإطفاء الحريق، وعندما تمرض حالة أو يلدغ عقرب طفلا بالليل، وحدث من قبل، يموت بسبب عدم وجود وسيلة نقل فى الليل، لأن أصحاب القوارب الصغيرة أيضا بالليل ينامون ولا يستطيعون العمل على مدار اليوم.

وقال الأهالي إنه كانت توجد عبارة نيلية صرح بها محافظ سوهاج الأسبق، ولكنها استمرت لمدة شهرين فقط ثم غادرت، وكانت تساعدنا في نقل أمتعتنا وأيضا الطوب والرمال والزلط للمباني، لكن الآن نقوم مضطرين بنقلها على مراحل على قوارب الصيد أو الأتوبيس النهري، ويكلفنا ذلك أضعاف الأجرة.

من جانبه أكد رئيس مركز ومدينة المنشاة أنه بالفعل كان هنالك عبارة، ولكن اتضح أنها تمثل خطورة على الركاب ونقل السيارات؛ بسبب عدم وجود مرسى لها من الناحيتين الشرقية والغربية، وعلى الرغم من أن اأوهالي قاموا ببناء مرسى من الناحية الشرقية في الجزيرة، إلا أنه خطر على أرواحهم وغير مطابق للمواصفات؛ لذلك تم نقل العبارة من المكان لحين عمل مرسى بطريقة سليمة.

وأكد محافظ سوهاج أنه بالفعل تم سحب العبارة؛ بسبب عدم وجود مرسى، ومثلت خطورة على السكان، وأنه في انتظار موافقة الري ومعهد بحوث النيل للرسم الهندسي والموافقات على المرسى، وسيتم دعم المرسى ماديا من قرض البنك الدولي ، وسيتم تنفيذه في حال قدوم التصريحات والرسومات من معهد بحوث النيل بالقناطر الخيرية.

لافتا إلى أن الأهالي لديهم البديل، أتوبيس نهرى يحمل 150 مواطنا، يعمل من الصباح الباكر حتى نهاية اليوم، وأيضا 5 قوارب شراعية، ولكن الأغلبية العظمى منهم تفضل مراكب الصيد لأنهم يمتلكونها ويعملون عليها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً