مركز "مجدي يعقوب" يحتكر الرئات الصناعية
أزمة اختفاء الرئة الصناعية تتكرر كل عام
أكثر من 600 طفل معرض للموت في أكبر مركز قلب في مصر "أطفال مصر"
كارثة جديدة يواجهها الأطفال الذين يحتاجون إلى عملية قلب مفتوح والذين يمثلون نسبة كبيرة بمتوسط من 500 إلى 600 عملية سنويا، يتم توزيعهم ما بين مستشفة أطفال مصر ومستشفى أبحو الريش، ومستشفى عين شمس التخصصي، إلا أن مراكز جراحة القلب في المستشفيات قامت بتأجيل العديد من هذه العمليات خلال الإسبوعين الماضيين، وربما تتوقف عمليات القلب المفتوح تماما في الفترة االقادمة بعد إختفاء الرئات الصناعية، وعدم وجود فلاتر للقلب الصناعى أو كانيولات أورطية أو وصلات شريانية، الأمر الذي يشكل خطر على حياة الآلاف من الأطفال الذين ينتظرون دورهم داخل طابور طويل لإجراء هذه العملية الخطرة.
"أهل مصر" اتجهت لأكبر مستشفيات الأطفال في القاهرة الكبرى، أبو الريش وأطفال مصر للتحقق من الأمر.
وكانت البداية من مستشفى "أبو الريش" الياباني والمتخصصة في جراحة القلب المفتوح، فما أن وصلنا لباب المستشفي حتى شاهدنا الطوابير العريضة أمام الباب، ناهيك عن الأسر الذين يجلسون بجانب سور المستشدفى منتظرين دورهم لتحديد موعد لهم .
وكانت البداية من مستشفى "أبو الريش" الياباني والمتخصصة في جراحة القلب المفتوح، فما أن وصلنا لباب المستشفي حتى شاهدنا الطوابير العريضة أمام الباب، ناهيك عن الأسر الذين يجلسون بجانب سور المستشفى منتظرين دورهم لتحديد موعد لهم .
بعد صعوبة استطعنا أن نقنع موظف الآمن، أن لدينا حالة تحتاج لعملية قلب مفتوح ولابد من الدخول لمعرفة الإجراءات المطلوبة لتحديد موعد العملية، وبالفعل نجحنا في الدخول من باب المستشفى.
"أهل مصر" تجولت داخل المستشفى، للتحقق من أن كان هناك عمليات قلب مفتوح تجرى، واكتشفت أن مستشفى أبو الريش لا يوجد بها عمليات قلب مفتوح ولكنها تستقبل الحالات وتحولها لمستشفى "أطفال مصر"، وتقول إحدى الممرضات أن أغلب العمليات من هذا النوع تجرى في مستشفي أطفال مصر التابعة لـ"أبو الريش"، ولكن كانت هذه العمليات تجرى في السابق في مبنى "أبو الريش الياباني" في الدور الرابع.
فيما قال أحد الموظفين الإداريين، أنه يجب إحضار جواب من التأمين الصحي (الوحدة الصحية ) التابعة لمنطقة السكن، وهذا الجواب يتم فيه تحويل الطفل للمستشفى التي يوجد بها مكان، موضحا أنه بدون هذا الجواب لا يتم إستقبال الطفل داخل المستشفى، ثم يتم تحويل الطفل إلى مستشفى أطفال مصر، لتحديد موعد العملية.
ويقول أحد الأطباء الذي رفض نشر اسمه، أنه بالفعل يوجد نقص شديد في الرئات الصناعية والتي قربت على النفاذ، موضحا أن هذه الكارثة ليست حديثة، حيث أنه حدثت في عام 2016 عندما توقفت كل عمليات الوصلات الشريانية، وجراحة القلب المفتوح للرضع أقل من ٨ كيلوجرامات، فى أكبر 3 مراكز لجراحة قلب الأطفال فى مصر، نظرا لعدم وجود رئات صناعية، ووصلات شرياينة ماس 4 و5 مليمتر.
وأوضح الطبيب أن الجراحين يحاولون إجراء العمليات بدونها مع بعض الحالات، ولكن عملية الوصلات الشريانية للأطفال الرضع يتم اللجوء إليها فى الحالات الطارئة لرفع نسبة الأكسجين فى الدم للطفل، والذى فى حال عدم إجرائه لتلك الجراحة قد يتعرض إلى الوفاة.
ومن خلال جولتنا حول المستشفى وأمام الباب وسط الأسر المجتمعة تفترش الأرض معتصمة أمام الباب لحين البت في الحالات الخاصة بهم وتحديد موعد لها، تقول والدة لطفل لدية ثلاث سنوات، أنها تعاني منذ شهور لتحديد معاد لعملية ابنها، موضحة أن ابنها يعاني من تلف أحد صمامات القلب الأمر الذي يستوجب إجراء عملية قلب مفتوح.
وأضافت والدة الطفل انها ذهبت لمستشفى اطفال مصر أيضا ولكنها رأت أنها ستعيد كل هذه الإجراءات مرة أخرى وستبدأ من جديد، لافتة إلى أن العديد من المرضى يقولون أن العمليات يتم تاجيلها الآن في مستشفى ابو الريش، وهي لا تدرى ما ذل تفعل ؟ تستكمل مشوارها أم تتجه لمستشفى أطفال مصر؟.
ومن مستشفى "أبو الريش" لمستشفى "أطفال مصر"، وبنفس الحيلة دخلنا من باب المستشفى لعيادات جراحة القلب في الطابق الثاني، حيث قالت الممرضة أنه يجب احضار البطاقة الصحية وجواب التحويل ليتم عرض الحالة على لجنة اولا لتحديد ما إذا كانت تحتاج لعملية وتحديد دور لها حسب حالتها.
ويقع مركز القلب في الطابق الأرضي، والذي من المفترض ان تجرى فيه العمليات الجراحية، يقول موظف الأمن، أنه تم غجراء عدة عمليات هذا الإسبوع وتم تأجيل عمليات أخرى، ولكنه لا يعرف سبب تأجيلها.
وتقول السيدة إيمان اليماني والدة الطفلة ريتال التي تحتاج لعملية قلب مفتوح، أنها علمت بحالة ابنتها التي تعاني من ثقب في القلب ولديها بعض المشاكل في الشرايين، منذ أن كان لديها شهرين وهي تعاني من إيجاد دور لها حتى تجري العملية .
واضافت السيدة إيمان، أنها كانت تتابع حالة ابنتها في مستشفى "أبو الريش" ثم حولوها إلى مستشفى "أطفال مصر"، التي عرضت ابنتها على لجنة طبية، ثم دخلت في في دوامة الروتين، الامر الذي ادى إلى تأجيل العملية أكثر من عشر مرات، حتى وصل سن الطفلة إلى سنتين وأربع شهور.
وتابعت السيدة إيمان، ان آخر تأجيل للعملية كان بسبب عدم وجود رئة صناعية، موضحة أن زوجها سأل الإستشاري الذي كان باللجنة عن عدم وجود رئة صناعية، وعرض عليه أن يشتريها على حسابه الخاص لو كان سعرها في استطاعته، وكان رد الطبيب الإستشاري صادما بأنه لا يوجد رئات صناعية في مصر، وبالفعل أجرى الطبيب عدة اتصالات بشركات أدوية واجمعوا على عدم وجود رئات صناعية، وقالوا "اول ما تيجي الرئة هنكلمكم".
واستكملت والدة الطفلة ريتال، انهم قاموا بالبحث عنها في شركات للاجهزة الطبية، ولكنهم لم يتوصلوا إليها أيضا، موضحة أن سعرها أن وجدت بيتراوح ما بين 4000 : 6000جنيه، لافتة إلى ان الرئة الصناعية لا توجد في اى مركز للقلب في مصر سوى مركز الدكتور مجدي يعقوب في أسوان، موضحة انها قدمت التقرير الخاص بابنتها والإشاعات لمركز د مجدي ولكنه رفض الحالة، بدون اى سبب ولعدم وجود مكان لها، ثم أرسلت التقرير مرة اخرى بعد 4 شهور ورفضت مرة ثانية، معبرة عن خوفها الشديدة من تطور حالة ابنتها بسبب رفض جميع الجهات لحالتها.
وتقول السيدة إيمان، انها في كل مرة تذهب فيها للمستشفى تجد اكثر من 40 حالة عملية قلب مفتوح، لا يتم تحديد موعد لأكثر من 15 حالة منهم فقط.
ومن جانبه يقول الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن هذا الإسبوع تتوقف جراحات القلب المفتوح للأطفال فى أكبر مراكز جراحة قلب الأطفال فى مصر بعد نفاذ الرئات الصناعية بها رغم محاولات الجراحين استمرار العمل فى أسوأ الظروف مع عدم وجود فلاتر للقلب الصناعى أو كانيولات أورطية أو وصلات شريانية.
وأضاف أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، أنه لم يتبقى إلا عدد محدود جدا فى مركز أو مركزين لا تكفى إلا لأيام بمعدلات العمل العادية، موضحا أن المشكلة لم تتوقف عند هذا لحد، و لكن المشكلة الكبرى هي إننا حذرنا منها منذ اكثر من عام كامل و لا توجد أى إستجابة، خلال أكثر من عام اعتمدنا على توفير المستلزمات بكافة الطرق خاصة التبرعات لكن الآن لا يوجد أى من هذه المستلزمات بالشركات التى لا تحتفظ بأى مخزون لديها لأسباب كثيرة أهمها الخوف ! .
وتابع عضو مجلس نقابة الأطباء، أن آخر مجموعة الرئات الصناعية دخلت مصر حوالى ٢٥٠ رئة تم توريدها بالكامل لمركز أسوان ليكون لديه احتياطى يكفى حوالى عام كامل، بينما أكبر مركز جراحة قلب أطفال فى مصر و هو مستشفى "أطفال مصر" ليس به رئة صناعية واحدة.
ما هي عملية القلب المفتوح ؟
تُسمّى عمليّة القلب المفتوح بجراحة القلب التقليديّة، وهي عمليّة يتم فيها فتح الجدار الصدريّ لتنفيذ جراحةٍ في عضلات القلب أو صمّاماته أو شرايينه، حيث يقوم الجرّاح بشقّ عظم القصّ أو الجزء العلوي منه، وبمُجرد الوصول إلى القلب يتم وضع جهاز قلب-رئة اصطناعيّ ليحلّ محلّ القلب ويقوم بوظيفته التي تتمثّل في ضخّ الدّم إلى جميع أجزاء الجسم، ويسمح هذا الجهاز للجرّاح بإجراء العمليّة في القلب المُتوَقِّف عن العمل والذي لا يتدفّق الدّم من خلاله.
وأصبح من المُمكن إجراء هذه العمليّة من خلال شقوق صغيرة بين أضلاع القفص الصدريّ عوضاً عن الشقّ الكبير المُعتاد في عظم القصّ، وتسمّى بالجراحة طفيفة التوغّل، من الممكن استخدام جهاز قلب-رئة اصطناعي في هذا النّوع من الجراحة أو الاستغناء عنه.
يُقرّر الطّبيب إجراء عمليّة القلب المفتوح عند نفاذ البدائل التي قد تُساعد المريض، كالأدوية، واتّباع نمط حياة صحيّة، وغيرها من الوسائل، حيث يُقيّم طبيب القلب حالة المريض وحاجته للعمليّة، ويجري التّحاليل الطّبية اللازمة لمعرفة الحالة الصحيّة للمريض، ثم يقوم بمُناقشة موضوع العمليّة مع مريضه بصراحة تامّة، ويُبيّن له مدى صعوبتها ودقّتها وأعراضها، كما يحتاج المريض بعدها إلى فترة نقاهة لكي يبدأ باسترداد صحّته وعافيته.