العشوائيات والفقر، حالتان غالبًا ما ترتبطان بعضهما ببعض، فإذا دخلت منازلهم تجد العجب العجاب، من ضيق مكان، وانعدام البنية الأساسية من جدران، وأسقف، وتركيب مياه، وهو ما جسدته السينما المصرية كثيرًا عبر شاشاتها، ولعل أشهرها أفلام حين ميسرة، حينما تجد بأحد المشاهد التي تنقل معاناة استخدام "الحمام"، الذي يقف السكان المشتركين في طابور، منتظرين دورهم في استخدامه، فضلا عن خطورة ما يمكن حدوثه من اختلاط الغرباء ببعضهم البعض، نتيجة تواجد أكثر من أسرة في وحدة سكنية واحدة، خاصة إن كان هناك فتيات في مرحلة المراهقة.
ما سمعته وسجلته "أهل مصر"، لم يكن فيلمًا سينمائيا، أو حلقة درامية، ستنتهي بمصمصة الشفاه، شفقة ورأفة بالحال المزري الذي لمسناه وعايشناه، بإحدى البنايات المتهالكة بشارع النوري في مركز المنشاة بمحافظة سوهاج، بعد أن وجدنا 38 شخصًا يكونون أربعة أسر، يقيمون جميعهم في وحدة سكنية واحدة، آيلة للسقوط، يبيتون مهددون بحصد الأرواح في أية لحظة ليلا أو أثناء النهار.
يقول حسن شعبان عبد الوهاب، يسكن بشارع النوري في مركز المنشأة جنوب سوهاج، أنا معي 8 من الأبناء، بالإضافة إلى أنا وزوجتي، وجميعنا نسكن بغرفة واحدة، ومعي ابنتي في الصف الثالث التجاري، وبنتين أصغر منها مباشرة، ينامون معنا في داخل الغرفة، مما يقتلني داخليًا بسبب "بناتي كبرو ومش عارفين ياخدو راحتهم"، وجميع أبنائي قصر لا يستطيع أحد منهم العمل أو مساعدتي، مما يزيد العبء عليّ.
وأضاف حسن شعبان أننا نسكن 4 أسر في منزل مكون من أربع غرف، كل شخص في غرفة واحدة، وحمام مشترك لنا جميعا، وأن هذا المنزل آيل للسقوط، وغير مهيئ للمعيشة، فجميع أعمال الطبخ وأعمال الغسيل تتم خارج المنزل.