أنا أتساءل: من سيدخل النار؟

جميعنا على يقين أن الموت ملاقينا مهما طالت مدة البقاء على قيد الحياة.. حتما سيتوقف القلب عن النبض، وسترفض الرئتان استكمال المسيرة.. ستغلق العينان، ويدخل الجسد قبرا مظلما، حتى لو أبى ذلك؛ فهذه هي نهاية الإنسان التي لم يختلف عليها أيٌّ من العقائد والأديان.

بعدها يواجه الإنسان مصيرا مبهما لأهل الدنيا واضحا فقط له ولأهل القبور. ويقف الإنسان أمام مصيرين لا ثالث لهما: إما الفوز أو الخسارة، إما النعيم أو العذاب، في وضع لا يسمح له وقتها، ولا تعطى له فرصة واحدة، لتصحيح المسار.. جنة أو نار. الله وحده فقط وقتها هو سيد القرار.

ولكن ما دمت حيا، فلديك الفرصة كإنسان عاقل أن تصحح مسارك، وتنقذ روحا قد تأكلها النيران؛ لذلك عليك صديقي أن تسأل نفسك، وتسعى للإجابة: من سيدخل النار؟ وما هي الأفعال التي تؤدي بك - إن فعلتها- أن تصبح من أهل النار؟

مبدئيًا أنا أحدث فقط أصحاب العقول وليس راغبي ااتختلاف السذج ومجانين لفت الأنظار. أحدث فقط من يدرك ويؤمن أن هناك قوة إلهية هي من تدير هذا الكون - لا تتحكم في أفعالنا لكنها توجهنا إلى الصواب وتحذرنا من الخطأ- قوة رحيمة ليست غاشمة، تسمح لك بتكرار محاولات التصالح مع نفسك ومعها، دون ملل أو غضب أو حتى عدد معين من العفو، فربي وربكم رحمن رحيم، عفو كريم، غافر الذنب وقابل التوب.

عندما طرحت على نفسي هذا السؤال، وجدت أن إجابته في الأديان السماوية الثلاث -الإسلام، والمسيحية، واليهودية- بها تشابه كبير.

وجدت أن الأسباب التي تدفعك إلى دخول النار هي الكفر بالله، والقتل، والزنى، والسرقة، والظلم، والتشكيك، بل تكذيب الأحكام الإلهية التي وردت في الكتب السماوية الصحيحة، كتحريم شهادة الزور، والكذب والافتراء على الله ورسوله، وتعاطي المسكرات، وغيرها من أحكام كثيرة تتضمنها تلك النصوص الصادقة؛ ولذلك أطرح عليك صديقي الإنسان صاحب العقل: هل يمكنك كعاقل أن ترفض تلك الأحكام سالفة الذكر؟ أعتقد أنه مستحيل؛ لأنها هي "المنطق" ذاته، فلا يمكن لعاقل أن يدعم امرأة تتربح من وراء ممارسة الدعارة تحت مبرر الفقر، ولا أن يدافع عن رجال ونساء يمارسون الشذوذ من منطلق الرغبة، فهذا ضد الفطرة التي خلقني ربي وخلقك عليها وغيرها من الأفعال التي تغضب خالق الإنسان.

هناك محور آخر للحديث مع النفي أشد إرهاقا وحساسية، وهو أي من الأديان الثلاث أقرب للتصديق وضرورة الاعتناق؟ وما حكم من يعتنق الإسلام في المسيحية مثلا والعكس؟

هل سيدخل المسلمون فقط الجنة، ويعذب غيرهم في النار، أم سيسمح لليهودي معتنق أول الأديان السماوية بدخول الجنة ما دام صالحًا؟ كيف يرى رجال الدين المسيحي مصير من لايعتنق المسيحية في العالم الآخر؟ وعلى أي أساس تصدر الفتاوى؟، هل وفقًا لنصوص مقدسة، أم أجتهادات رجال الدين؟

بحكم أني معتنق الإسلام، سنحت لي العديد من الفرص لطرح كل هذه الأسئلة على كثير من المجتهدين من شيوخ الإسلام والذين يتمتعون بثقة الكثير من المسلمين، فكانت إجاباتهم منطقية جدا بالنسبة لعقلي، وهي أن "القرآن فصل في ذلك الأمر بآيات توضح مصير من اعتنق الإسلام ومن رفضة واختار الأفضل من وجهة نظره، وما دمت أنت مسلما مؤمنا، فعليك أن تؤمن بكل حرف أتى في هذا الكتاب، فليس من المنطق أن تقبل بعض أحكامه، وترفض الأخرى".

شغلني جدا، وأثار فضولي معرفة وجهه نظر الجانب المسيحي على مصيري كمسلم في دينيهم. ولصعوبة التواصل مع أحد رجال الدين المسيحي، طرحت سؤالي على عم "عادل" الحلاق المسيحي الذي كان لطيفا وبسيطا في الرد على سؤالي، قائلا: "المسيحي في الجنة لا شك، ولكن ليس وحده كما هو في دينك، فالمسلمون لهم أيضًا نصيب من الجنة، ولكن ليس كالمسيحين بالتأكيد ". وبسؤاله عن: ما هي صفات المسلم الذي سيدخل الجنة في المسيحية، قال : "المسلمون الذين يتسمون بالصلاح والخير والاستقامة".

لا شك أن قلبي أعجب بإجابته، ولكن أنا أيضا على يقين أن الفائز بالمركز الأول لا بد أن يكون واحدا فقط في ماراثون الحياة، لا يتقاسمه شخصان، بالإضاقة إلى أن إعجابك بالشيء ليس بالضرورة إيمانا به، هذا هو المنطق.

أما عن اليهودية فلم أكلف نفسي بالبحث فيها؛ لأن نسختها المعدلة يشوبها الكثير من الشك.. "هكذا سمعت من مصادر موثوق بها".

خلاصة القول هو أنك سيد قرارك لا شك، وأنت وحدك من تتحمل نتائجة، لكن الأمر يتطلب منك مزيدا من الجهد والتعب لإدراك الحق؛ كي تصل لنتيجة يدركها عقلك، ويعشقها قلبك، وهذا هو "الإيمان"؛ لذلك كن مكافحا كي تفوز بالنعيم الأبدي.

إلى اللقاء في جنة الخلد إن شاء الله..

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً