رئيس جامعة القاهرة: لا يوجد دستور مثالي وما يصلح لحكم لدولة لا يصلح لأخرى

الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة
كتب : منى حسن

أكد الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، أن حدود وحقوق وواجبات المواطنة يحددها دستور كل دولة وطبيعة نظام الحكم بها، ولا يوجد دستور نموذجي معياري يصلح للحكم في كل زمان ومكان، فما يصلح لدولة لا يصلح لدولة أخرى حسب اختلاف طبيعة كل اقليم وشعب، وحسب التطور التاريخي والاجتماعي والثقافي.

وقال الخشت في كلمته خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" في دورته الـ33 والذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود،أن كل مواطن له حقوق وعليه واجبات ومسؤوليات،وعند تعرض الدولة لمخاطر فإن الواجبات تسبق الحقوق، مشيرًا إلى أن الانتماء للوطن علاقة يحددها الدستور والقانون وهي التي تربط بين الدولة وبين الإنسان الذي مُنح صفة مواطن، وتجعل المواطنين يخضعون لقانونٍ واحد يُنظّم العلاقة بينهم وبين الدولة، وينظم حياتهم السياسية والاجتماعية والمدنية ، على أساس من المساواة.

وأضاف: "هناك تباين في تحديد معالم مفهوم المواطنة ومضمونه الأنظمة السياسية عبر العالم، وتستغرق أغلب البحوث في التعريفات الإجرائية أو الاصطلاحية، مع أنه مفهوم يتحرك في إطار سيرورة تاريخية غير منقطعة، ككائن حي له ماضي وحاضر ومستقبل، ينشأ وينمو ويتطور، ويتراجع ويتقدم، ويقوى ويضعف، ويتداخل ويتخارج مع مفاهيم أخرى".

وأضاف "الخشت"، أن هناك تحوّلات سياسية كبرى شكلت مبادئ المواطنة : دولة المدينة، الأمة أو الامبراطورية، الدّولة القوميّة، والدولة الوطنية ذات السيادة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948،موضحا :" قد يضيق ليقتصر على نخبة أو طبقة وقد يتسع ليشمل عدة نخب أو طبقات، وقد يزداد اتساعا فيشمل كل المنتمين إلى دولة ما أو أمة، وفي أحيان قليلة -لا تتجاوز اليوتوبيات إلا نادرا- ربما يشمل مفهوم المواطنة كل الجنس البشري في إطار دولة عالمية قد يكون لها شكل الدولة الواحدة، وقد يكون لها شكل التكوين الفيدرالي الذي يجمع عدة دول في إطار هيئة عالمية أو عصبة أمم.

وأشار إلى أن أعلى نقطة لتطور مفهوم المواطنة حتى الآن هي مواطنة " الدولة الوطنية"، بوصفها نقطة الارتكاز في بناء الدولة الحديثة؛ فلا يمكن قيام الدولة دون تأسيس واضح للمواطنة كمفهوم وممارسة؛ ولا قيام للمواطنة بدون دولة. فالمواطنة في الواقع المعاصر هي مواطنة "الدولة الوطنية" وليست "مواطنة الامة"؛ لأن الدولة الوطنية هي التطور السياسي الأخير لمفهوم الدولة، وقد انتهى عصر الدولة القومية، أو الدولة الامة،قائلا:"من هنا فإن الولاء لدولة أخرى معادية سواء داخل دائرة الأمة أو خارجها ينزع حق المواطنة من الدولة الأم، ويصبح خيانة عظمى تستوجب إعمال القانون، ويدخل في هذا الإطار مفهوم الولاء والبراء السياسي".

وشدد على أن المواطنة تقوم على أساس اجتماعيّ وقانونيّ وسياسيّ ،وليس على أساس ديني أو عرقي أو مذهبي أو قبلي،مشيرا إلي إنه نظرا للارتباط العضوي بين المواطنة والدولة الوطنية، لابد من التأكيد على أن حقوق وواجبات المواطنة تتفاوت نسبيا و تختلف ممارستها حسب المصلحة العامة لكل دولة، وتختلف حسب ظروف الحرب والسلام، حيث تزيد واجبات المواطنة بتولي وظائف اعلى أو الانتماء لهيئات أو مهن، وكذلك الحقوق قد تزيد وقد تنقص حسب ذلك، وعلى سبيل المثال: فإن الجنود أو أصحاب المناصب العليا مثلا تزيد واجباتهم وتزيد حقوقهم، وأيضا حدود الحرية تتسع وتضيق حسب السياق وحسب ظروف الحرب والسلام، وبالتالي فأن حكم المعارض من الداخل غير حكم المعارض الذي توظفه دولة معادية.

وأوضح،أن المواطنة في شكلها الأكثر اكتمالا في الفلسفة السياسية المعاصرة هي الانتماء إلى "الوطن الدولة"، انتماء يتمتع المواطن فيه بالعضوية كاملة الأهلية على نحو يتساوى فيه مع الآخرين الذين يعيشون في الوطن نفسه مساواة كاملة في الحقوق والواجبات، وأمام القانون، دون تمييز بينهم على أساس اللون أو العرق أو الدين أو الفكر أو الموقف المالي أو الانتماء السياسي. ويحترم كل مواطن المواطن الآخر، كما يتسامح الجميع تجاه بعضهم البعض رغم التنوع والاختلاف بينهم.

كان الملك سلمان استقبل الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة في قصر اليمامة بالرياض علي رأس الشخصيات المشاركة في المهرجان من المفكرين والأدباء،مؤكدا أن المهرجان يجسد تراث المملكة، كما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي العالمي، وما وجود هذه النخبة من المفكرين هنا إلا دليل على ذلك.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً