لم يتوقع "سيد"، صاحب الـ 28 سنة، أن دفاعه عن فتاة "قبطية"، تنهي حياته بطعنتين، حينما استشاط غضباً "علي.ح"، 45، أثناء سيره نحو إحدى السيدات للتحرش بهن، وعندما تدخل للدفاع عنها، تعدى عليه بـ"سكين"، محدثًا إصابته بطعنة نافذة في الصدر؛ جريمة بشعة، شهدها شارع حسان دياب بمنطقة البساتين، حينما سمع أحد السكان صرخات متتالية وفزع بين المارة، فور اشهار المتهم "سكين"، مهددًا كل من تواجد أمامه، إلى أن دفع "سيد" حياته ثمنًا للشهامة، وتصدى له، خلال محاولته لترويع المواطنين، قبل أن يتمكن الأهالي من السيطرة عليه وضبطه لتقديمه للشرطة.
فور دخول مراسلي "أهل مصر"، شارع حسان دياب بمنطقة البساتين، صمت يعم أرجاء المكان، حزن يخيم على أهالي المنطقة، أوراق مبعثرة أسفل الجدران، أطفال وشباب كانوا يجلسون أمام محل "سيد"، يستعيدوا ذكراه، بعدما خرج جثة هامدة، من بين هؤلاء نظرات متباعدة على مد البصر، جلس الحاج "سيد حسن" صاحب الـ60 من عمره، على كرسي خشبي متكئًا على عصا، والدموع أغرقت وجنتيه: "سيد كان شغال على باب الله لحد ما ربنا كرمه، وفتح محل "مكواة"، "سيد" لو قفل المحل يوم الشارع مابيبقاش ليه أي طعم.. مش مصدقين نفسنا أنه خلاص مشي وسابنا ومش راجع تاني، معقول يستاهل اللي عمله" مضيفًا: "اللي قتله ده اسمه علي الزفر هو مشهور في المنطقة بالاسم ده، كان هيقتل حد قبل كده، وكل شوية المنطقة عايشة في رعب بسببه".
نظرات تبدو وكأنها الأخيرة، ناحية محل "سيد"، حينما بدأ في الحديث عن أخلاق المجني عليه: يوم الواقعة القاتل كان قاعد على القهوة في أول الشارع، ومرت من أمامه سيدة، ما حدش يعرفها، ولا ساكنة في المنطقة، حاول التحرش بها وصرخت في وجهه، وتدخل المكوجي وأنقذها من بين أيديه، وذهبت لتحرير محضر في قسم الشرطة، ولم تقتنع بتهدئة الأهالي لها، بأنه مريض نفسي، وبعدها عادت لتصدم بالحادث".
اقرأ أيضا.. حبس المتهم بقتل "مكوجي" أثناء حمايته سيدة من التحرش في البساتين
ويشير الطفل "عمرو"، الذي وقف يستمع لروايات بعض الجيران، إلى أن شقيق المتهم علم بالواقعة، وقام بالاتصال بالمصحة العلاجية التي يعالج فيها بعض الأحيان، وما الآن حضروا وشاهدهم الجاني واستشاط غضبًا، وأسرع خلفهم حاملا "سلاح أبيض" لقتلهم، إلا أن غادروا المكان دون اصطحابه.
على بعد أمتار من مكان الواقعة، يسكن "سيد أبو دنيا"، والقاتل متجاورين داخل شارع لم يتعدى عرضه سوى مترين، وقفت الحاجة "أم أشرف" جارة القتيل، قائلة: إن المجني عليه كان يمزح معها منذ أيام، قائلا: "نفسنا نروح عند ربنا.. يارب يكون راضي عننا.. ادعي لي ياحاجة ربنا يصلح حالي وحال المسلمين جميعا".
وتابعت عن سيرة القاتل التي انتابتها حالة من الغضب فور سؤالنا عن حياته، أن المتهم يسكن مع والدته وشقيقه، وكان كثير الاعتداء على والدته مراراً وتكراراً، ومنذ 5 أيام سمع زوجي يتشاجر مع والدته، وكان يعتدي عليه ممسكا بيديه حزام، وأخذ يعتدي بالضرب المبرح عليها، إلا أن زوجي وحاول التدخل، وقام بالاعتداء عليه ورد عليه :"أطلع بره".
وخلال التحقيقات، أنكر المتهم ارتكابه الجريمة قائلاً: "تحرشت بس لكن مقتلتش حد"، مضيفًا أنه أثناء سيره فى الشارع شاهد الفتاة تسير أمامه مما دفعه لمعاكستها وتطورت المعاكسة إلى قيامه بالتحرش بها جنسيا، فصرخت به وتجمع حوله الأهالي وتشاجروا لفظيا، نافيا قيامه بطعن أي شخص أو إصابة أحد.
وأشارت الفتاة المتحرش بها، إلى صحة الواقعة، مؤكدة أن الأهالي دافعوا عنها، ما أثار حفيظة المتهم، الذي أخرج سلاح أبيض وطعن أحد الشباب المدافعين عنها فأرداه قتيلا، وأصاب آخر.
في تمام الساعة السابعة من مساء أمس الثلاثاء، ورد لمباحث قسم شرطة البساتين بلاغًا من الأهالي، يفيد قيام "نقاش" بقتل شاب وإصابة آخر في مشاجرة بينهم، وتمكن الأهالي من الإمساك به، وعلى الفور انتقل الرائد أحمد مصلح، معاون مباحث القسم على رأس قوة أمنية وتبين من التحريات، أن مشاجرة نشبت بين الأهالي والمتهم "ع.ح" 45 سنة نقاش، على إثر قيامه بمعاكسة فتاة، وتطورت المشاجرة إلى قيام الأخير بطعن شاب يدعى "سيد طه طلبة" 28 سنة مكوجي، طعنة نافذة أودت بحياته، وإصابة آخر تم نقله للمستشفى، وتم اقتياد المتهم إلى ديوان القسم، وتحرر المحضر اللازم، وجار إخطار النيابة لمباشرة التحقيقات، وأصدرت قرارًا بحبسه 4 أيام.