لم يقتصر إرهاب إيران على محاولات دعم المسلحين بالأسلحة والأموال لتحقيق حلم "المملكة الفارسية" مرة، بل أيضاً وصل الترهيب إلى سجونهم السرية وسطوتهم على شعبهم ممن يحاول معارضة ممارستهم الإرهابية، وكشف هذا مؤخراً الباحث السياسي الإيراني "يوسف عزيزي بني طرف" والذي كان معتقلاً في أحد السجون الإيرانية وقد تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي في زنزانته بالمعتقل.
ولمعرفة ماحدث له أجرى موقع العربية السعودي بنسخته الإنجليزية حواراً معه لمعرفة مايحدث داخل المعتقلات السرية في إيران، وجاء الحوار كالتالى:
**كم مرة اعتقلتك السلطات الإيرانية؟
*من عهد شاه إيران وأنا طالب في جامعة طهران في العام 1972 بسبب دوري الرئيسي في تنظيم مظاهرات ضد حكم الشاه في كليتنا التابعة للجامعة، وسجنت حينها في مكان سيئ السمعة يُعرف بـ"سجن اللجنة المشتركة للسافاك والشرطة" والذي تحول في عهد خاتمي إلى متحف لآلات التعذيب.
وبعد الثورة، تم اعتقالي في الأهواز حيث كنت مدرساً للثانوية، وفي سبتمبر 1981 تم إيداعي في زنزانة بمقر الحرس الثوري في ساحة "جارشير" حيث، كنت أسمع يوميا نوعين من الأصوات: صوت الرصاص وصوت المدافع العراقية التي كانت تدك المدينة من مسافة نحو 40 كيلومترا.
والمرة الثالثة تم اعتقالي بعد عودتي من مبني "مركز مدافعي حقوق الإنسان" في إيران يوم الاثنين 25 أبريل 2005، وبت ليلة في القسم الخاص بوزارة الاستخبارات في سجن إيفين بطهران، ومن ثم نقلوني إلى سجن سري رهيب في الأهواز حيث قضيت صيف المدينة الحار جداً في ذلك السجن الذي يرزح فيه حاليا قادة الحركة العمالية في إقليم عربستان وعدد من النشطاء والمثقفين العرب الأهوازيين، كنت أعيش في زنزانة طولها ثلاثة أمتار وعرضها أقل من مترين، مع الصراصير والسحالي التي تكثر في مثل هذا الموسم بالأهواز والتي لم يمنعها السجانون من دخول زنزانتي.
**هل ممكن تشرح لنا عمليات تعذيب المنظمة في المعتقلات والسجون كما تقول المعارضة الإيرانية؟
*ساروي لك قصة حول التعذيب بشكل مختصر، فقد اعتقلوا صديقنا الشاعر الإيراني والعضو البارز في "اتحاد الكتاب الإيرانيين سعيد" سلطانبور وسط حفل زفافه بطهران في أبريل 1981 وكسروا ضلعه في سجن ايفين ثم اعدموه، واعدموا ايضاً الباحث "سعيدي سيرجاني" في العام 1994 إثر استخدامه اقراص "البوتاسيوم" لتليين الإمساك، وقد وفرها له عناصر الاستخبارات إلا أنهم أكدوا له أنها "الملينات الطبيعة" بينما في الواقع كانت هذه الاقراص مميتة له.
وإذا كان السجين معروفا مثل الزعيم العمالي إسماعيل بخشي في مدينة السوس بإقليم عربستان، تتفجر قضية تعذيبه لتعم إيران كلها بل تصل للخارج، لكن إذا لم يكن السجين معروفا، سيموت حتى دون أي ضجة كما حدث للأهوازيين أحمد الحيدري وعلي بيت صياح اللذين قُتلا تحت التعذيب في أكتوبر الماضي في سجن شيبان بالأهواز دون أن يثير ذلك انتباه الكثير من الإيرانيين، وهما ضمن العديد من العرب الذين يفارقون الحياة في سجون الأهواز وخاصة المعتقل السري، "معتقل الموت"، في حي زيتون والذي قضيت أنا في إحدى زنازينه 65 يوماً.
ما هي أساليب التعذيب التي تمارسها السلطات الأمنية في السجون الإيرانية؟
تتغير أساليبها حسب كل نظام فقد كانت الفترة الممتدة من قيام الثورة في فبراير 1979 حتى وقوع مذبحة السجون في العام 1988 أبشع مراحل شهدتها هذه السجون، حيث كان بها اغتصاب الفتيات العذارى قبل إعدامهن، واستخدام أدوات للتعذيب اخترع بعضها،بعد العام 1998، أي منذ عهد خاتمي، أخذ السجانون يستخدمون التعذيب النفسي أكثر من التعذيب الجسدي، لكن في الفترات التي كان يتعرض فيها النظام لهزات شعبية كما حصل في مظاهرات "الحركة الخضراء" في إيران عام 2009 شاهدنا عودة التعذيب السائد في الفترة الأولى مرة أخرى، إذ وقع اغتصاب للرجال المعتقلين في سجن "كهريزك" في ضاحية طهران ووفاة عدد من السجناء تحت التعذيب.
**ماذا تفعل حالياً بعد هذه تجربة في السجن والمضايقات التي مريت بها؟
كانت تجربة السجن مريرة لكنها أيضًا علمتني الكثير، أضف إلى ذلك الضغوط التي كنت أتعرض لها من قبل الاستخبارات والسلطة القضائية، وهي في الواقع تابعة للأجهزة الأمنية، وكذلك أبنائي الاثنين حيث سجنوا في العام 2008 ابني الذي كان طالبا في سوريا، وكاد يسلمه النظام السوري إلى إيران لولا جهود المنظمات الحقوقية العربية والأجنبية وبعض الناس الشرفاء في سوريا نفسها.
وكانت تلك فترة مؤلمة لي ولأمه حيث كنت أتمنى أن أُسجن أنا وليس ابني الذي سجن بسبب نشاطي أنا،كذلك تم حرمان ابنتي من دراسة الماجستير في جامعة طهران في العام 2006 رغم معدلها الممتاز،وأنا وبعض الرفاق الأهوازيين نعمل ضمن "مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران" للحد من هذه الظاهرة اللاإنسانية التي تستهدف العرب أكثر من غيرهم في إيران. كما أكتب في الصحافة والمواقع العربية والفارسية وأقضي بعض الوقت لقراءة وكذلك تأليف الكتب التي لطالما مواضيعها شغلت بالي، كما أنشط إعلاميا وسياسيا ضد النهج الاستبدادي والعنصري الذي ينتهجه النظام الإيراني تجاه الشعوب غير الفارسية وخاصة الشعب العربي الأهوازي.