"أكراد أفريقيا" بديل داعش في الشرق الأوسط.. أمريكا عقدت "صفقة سرية" بين الطوراق والتنظيم الإرهابي لإخلاء دير الزور.. والمقابل تجنيد الأكراد للحرب بالوكالة ضد إيران

كتب : سها صلاح

تعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية «إرهابية» بسبب علاقتها المفترضة مع حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل على الأراضي التركية منذ 1984، ومن الصعب معالجة منظور جنوب إفريقيا تجاه إقامة دولة كردية مستقلة دون معالجة التوقعات الإستراتيجية لجنوب إفريقيا للعالم بأسره ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، ومع ذلك ما يهمّ هو إلى أي مدى يمكن للأطراف الرئيسية في النزاع الحالي في الشرق الأوسط أن تستفيد من رؤية وممارسات جنوب أفريقيا في تعزيز الوحدة الوطنية والتكامل الوطني.

إن «العراق الجديد» يُنظر إليه حقاً كدولة ضعيفة، ومع ذلك كانت علاقات جنوب أفريقيا مع الشرق الأوسط قائمة على مصالح إستراتيجية «سياسية واقتصادية» مشتركة نسبياً، بالإضافة إلى ذلك، أعربت جنوب أفريقيا عن رغبتها الواضحة في منع الصراعات المسلحة، وبالتالي فضلت اللجوء إلى القرارات السلمية للنزاعات الإقليمية، خاصة فيما يخص الأكراد أو ما يطلق عليهم «الطوارق».

وكانت سلطات جنوب أفريقيا الجديدة المناهضة للفصل العنصري حريصة على الحفاظ على المزايا التي تشملها سياسة جسد التعددية في جنوب أفريقيا وتعزيزها، ومن المسلم به أن القضية الكردية لتقرير المصير اتخذت أولوية على جدول أعمال جنوب أفريقيا، وغني عن القول أنه عند التصديق على قرار المؤتمر الوطني الأفريقي، أكدت كلمات هذا القرار دعم نضال الشعب الكردي من أجل الحريات السياسية والحقوق والسلام والعدالة في الشرق الأوسط.

وعقب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، شعر الأكراد بخيانة «واشنطن» لهم، خاصة عقب تهديدات تركيا بتدمير الأكراد في الشرق الأوسط، حينها رد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهديد أنقرة بكارثة اقتصادية إذا شنت هجوماً ضد الأكراد بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

ولكن الخطر القادم حالياً ليس من سوريا أو العراق بل من «أكراد أفريقيا» الذين يسعون بقوة الآن لتوحيد الصف لتكوين جبهات قتالية لمساندة إخوانهم في سوريا والعراق، وما يشجع ذلك ما قاله سفير جنوب أفريقيا في الأردن أن بلاده ستشجع رجال أعمالها على الاستثمار في إقليم كردستان لضمان استقرار إفريقيا، ومع ذلك فإن هدف الحفاظ على خطة إنمائية جديدة في كردستان العراق وإبداعها في الوقت الحالي محفوفًا بالمزيد من المخاطر والتحديات، خاصة في أعقاب إعادة نشر القوة العراقية في كركوك وفي ما يسمى بـ «المناطق المتنازع عليها».

خطر الأكراد في أفريقيا

وقال موقع «ريزينج باور الاستخباراتي» إن مالي هي الدولة الوحيدة في أفريقيا التي لا يعرف حدودها على وجه التحديد، وكذلك سكانها.

والآن تبدو مالي وكأنها في طريق التقسيم السياسي بعد أن ظلت مقسمة واقعيا، بين قبائل الطوارق والعرب في منطقة أزواد في شمال البلاد، وقبائل أفريقية في الجنوب مع امتداداتها إلى ما وراء نهر السنغال.

تقفز مالي، الدولة المغلقة في منطقة الساحل، الآن إلى الواجهة، بعد أن اجتاح مقاتلون من قبائل الطوارق أو ما يسموا «أكراد أفريقيا» والعرب مدن شمال مالي، لتجتذب كذلك مجموعات لها ارتباطات وثيقة مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، جاءت في ركاب تنظيم «أنصار الدين» الأصولي المتشدد.

الآن تحبس منطقة الساحل أنفاسها ومعها أربع دول عربية أخرى، حيث يتوزع الأكراد بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وعربيا بين الجزائر وليبيا ومجموعة صغيرة منهم في المغرب، ومجموعات يتنقلون بين مالي وموريتانيا خاصة قبيلة «كنت».

وقال الموقع إن هناك الآن فصيلان أساسيان يعملان في المنطقة، وهما «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، وهي حركة يعتقد كثيرون أن غالبية مقاتليها من العرب، لكن هذا الاجتهاد ليس دقيقًا، ذلك أن الحركة التي تدعو إلى دولة في منطقة أزواد يهيمن عليها أكراد، على الرغم من أن قادتها يقولون إنها تتشكل من قبائل عربية إضافة إلى فولان وسنقاي وفلاتة، ويعتقد على نطاق واسع أن معظم مقاتليها من «الأكراد» يقودهم ضابط سابق تدرب في الجيش الليبي.

وهناك حركة «أنصار الدين» التي يقودها إياد آقا غالي الذي تولى بعد اتفاقية السلام عام 1992 بين حكومة مالي والأكراد، لكن بعد أن عاد إلى «التمرد» العسكري من جديد، كان متشبعا هذه المرة بفكر «السلفية الجهادية»، عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي الذي تلاعب كثيرا بورقة الأكراد وسعى دائما لتوظيفهم لصالح نظامه، عاد إياد غالي بعد فترة غياب غامضة، إلى منطقة أزواد واتخذ من سلسلة جبال أغرغار في شمال مالي مقرا له واستقطب كثيرين من الاكراد، الذي يعرفون أيضا باسم «الرجال الزرق» في تلك المنطقة.

هذه التطورات الدراماتيكية، جذبت تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي تصارع لأول مرة لرفع راياته السوداء، فوق بعض بنايات مدينة تمبكتو، جاءت عقب الانقلاب العسكري الذي قاده الرائد أمادو هايا سانوجو وأطاح بحكم الرئيس المنتخب أمادو توماني توري وسيطر على باماكو، لكن الجيش المالي سرعان ما انهزم خلال أيام في الشمال ليفسح الطريق أمام ما يشبه «الدويلة» بمنطقة أزواد في شمال البلاد، وهو الأمر الذي أدى إلى تزايد ضغوط إقليمية ودولية، على المجموعة العسكرية من أجل العودة إلى ثكناتها وإعادة الحكم المدني.

عمليا يسيطر مقاتلو الأكراد حاليا على كل الشمال الإفريقي، أي نصف مساحة مالي، وفور السيطرة على «تمبكتو» أعلنت حركة «أنصار الدين» فرض «الشريعة الإسلامية» على السكان، وهي توجد حالياً في حالة أقرب ما تكون للاشتباك مع الفصيل الآخر من الذي يهدف إلى استقلال منطقة أزواد بخلفية إثنية لا علاقة لها بالجانب الديني.

ويقول «ستيفان رينوا» الباحث الفرنسي والأستاذ الجامعي في باريس: لا أظن أن المنطقة المغلقة التي سيطر عليها الاكراد في شمال مالي ستصمد طويلا، هي ليست دولة ولن تحل المشكلة ولن تحجبها، إذ إن الرفض المتزايد والمؤكد للانقلاب العسكري والظهور الكبير لتنظيم القاعدة في مدن شمال مالي، محاولة فرض الشريعة الإسلامية طبقا لفهم جماعة أنصار الدين لن يجعل دولا إقليمية والغرب في موقف المتفرج، لكن هناك أمور يجب وضعها في الاعتبار، أولاً لن يتجرأ أحد بدعم هذه المنطقة التي أصبحت منفصلة الآن عن مالي، إذ اختفي نظام العقيد القذافي الذي كان يجد في مثل هذه التطورات فرصة لتسليح المتمردين في أي مكان للسيطرة عليهم، ودول المنطقة الأخرى لا تريد هذا الكابوس.

وحول موقف فرنسا والولايات المتحدة المرتقب قال رينوا إن فرنسا تعيش الآن أجواء تظاهرية ولن يغامر «ماكرون» بعمل عسكري في المنطقة، لكن ما هو الحل؟ هل هو تقسيم مالي؟ يقول «رينوا» ربما يكون هناك نوع من الحكم الذاتي للأكراد في شمال مالي، لكن مع ضغط قوي عليهم من أجل تخليهم تماماً عن مجموعات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وربما تكون هناك محاولة جديدة من الجزائر للوصول إلى حل، منذ عام 1992 كاد العالم أن ينسى مشكلة الأكراد، لكن انهيار نظام القذافي ومغامرة رائد عسكري في «باماكو» فتحا هذا الملف الشائك من جديد.

صفقة سرية عقدتها أمريكا مع أكراد إفريقيا

وما يسعى له الآن «أكراد أفريقيا» هو مؤازرة ذويهم في سوريا والعراق لاسترداد آبار النفط التي سلبت منهم وفقاً للموقع بعد الحرب العالمية الأولي، وبناء على ذلك عقدت الإدراة الأمريكية وفقاً لشبكة الـ«بي بي سي» صفقة بين أكراد أفريقيا وتنظيم داعش في دير الزور قبل إعلان أمريكا الانسحاب من سوريا، وجاءت تفاصيل الصفقة السرية خروج مقاتلي تنظيم داعش من دير الزور والعودة إلى الرقة بشكل سلمى دون الإعلان عن ذلك لإبعاد تركيا عن حجة ملاحقة داعش في «دير الزور» وتكمن أهمية تلك المنطقة للأكراد أنها أهم منطقة نفطية في سوريا، وبالفعل خرج قافلة الأيام الماضية في 50 شاحنة و13 سيارة تضم عناصر داعش وتم نقلهم إلى الرقة، وتمت تلك العملية مقابل موافقة أكراد أفريقيا الانصياع للأوامر الأمريكية.

وقالت الإذاعة البريطانية إن أمريكا لعبت من وراء الكواليس حيث خرجت من سوريا وتحاول حل أزمة اليمن ظاهرياً أما في الخفاء فتعاقدت مع «أكراد إفريقيا» لبناء جيش جديد يحارب بالكوالة لها في سوريا واليمن ضد إيران.

أدى هذا الاتفاق «القذر» إلى انتشار مقاتلي التنظيم داخل سوريا وخارجها، وتهديد العالم مجدداً، مما اضطر الموقعين عليه إلى محاولة إخفائه، لكن هيئة الإذاعة البريطانية تمكنت من الحديث مع عشرات الأشخاص من الذين كانوا إما على متن القافلة، وإما أنهم شاهدوا ذلك، إلى جانب رجال آخرين تفاوضوا لإنجاز الاتفاق.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
رئيس وزراء أيرلندا: الشرطة ستعتقل بنيامين نتنياهو إذا وصل أراضينا