قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي، برفض الدعوى المقامة طعنًا على نص الفقرة قبل الأخيرة من المادة 110 من القرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات التي تنص على الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أعضاء هيئة التدريس وتصل إلى حد العزل بحكم من مجلس التأديب أو الحرمان من المعاش أو المكافأة.
وأكدت المحكمة دستورية نص الفقرة المطعون عليها، والتي أحالتها إلى القضاء الدستوري، المحكمة الإدارية العليا.
واستندت المحكمة في حكمها الصادر اليوم السبت، إلى أن الدستور حرص في المادتين (19 و21) على التأكيد على حق كل مواطن في التعليم، وأكد كفالة الدولة توفير التعليم الجامعي المجاني وفقًا لمعايير الجودة العالمية، كما عنت المادتين (4، 9) من الدستور بتأكيد التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، باعتباره أساسًا لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية.
وأكدت أن التعليم كان ولا يزال من أكثر المهام خطرًا، وأعمقها اتصالاً بإعداد أجيال يتدفق عطاؤها، وتكون قادرة، علمًا وعملاً، على أن تصوغ لتقدمها أشكالاً جديدة ترقى بمجتمعها، فلا يكون راكدًا أو آفلاً، وكان الأصل أن تتكامل العملية التعليمية، وتتعاون عناصرها لتقيم بنيانها بآفاق العلوم، ونفاذًا إلى حقائق العصر ومتطلباتها، ارتباطًا بالتنمية بمناهجها ووسائلها، وتحريًا لعوامل القوة ومظاهر انحلالها، وقوفًا على موازين الصراع وعوامل الوفاق، وإدراكًا لقيم الحق والخير والجمال، وتدبرًا لنواحي التقدم ومناحي القصور، والتزامًا بضوابط الأمم المتحضرة في صونها لحقوق مواطنيها وحرياتهم، وإطلالاً على ألوان الإبداع وأشكال الفنون تزودًا بها، وانحيازًا للقيم الجوهرية التى تكفل للوطن وللمواطن آفاقًا جديدة لا ينحصر محيطها، بل تمتد دائرتها إلى غير حد، إيمانًا بغد أفضل واقعًا ومصيرًا.
وانتهت المحكمة إلى أن سعي بعض أعضاء هيئة التدريس فى الجامعات إلى ترك أمانة عملهم في تنشئة شباب الوطن، وغرس قيم الحق والعدل فى وجدانه، وترقية تفكيره، وتوسعة مداركه، وتجهيزه لحمل أمانة النهوض بالبلاد، والعمل على رقيها وتقدمها، في إطار من احترام قيم المواطنة والمساواة، واستباحوا هدم ما حرص الدستور على تشيده وكفالته، وسعوا إلى إعطاء الدروس الخصوصية، ضاربين عرض الحائط بتكافؤ الفرص، ليضحى، بمسلكهم المعوج هذا، معيار التعلم والنجاح القدرة المالية لا الكفاءة ولا الموهبة ولا الكد والاجتهاد، فإذا ما قدر المشرع لإثمهم، بمقتضى النص المحال، جزاء العزل من الوظيفة، فإنه لا يكون مجاوزًا نطاق سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، وغايتها دومًا تحقيق المصلحة العامة وحماية المجتمع، وكفالة الالتزام بضوابط الدستور دون غلو ولا تفريط.