تسبب تصريحات وزير المالية السوري، مأمون حمدان، بأنه يقف في الطوابير للحصول على أنبوبة غاز موجة عاصفة من الانتقاد، بعدما باتت أزمة مواد التدفئة التي تطحن سوريي الداخل ومعهم مهجرو ونازحو مخيمات اللجوء، ليست مجرد مشكلة اقتصادية يمرّ بها النظام السوري، بل تعدّت ذلك الجانب، لتكشف عن أزمة في إدارة البلاد، فبعد وفاة أكثر من 20 طفلاً سوريا في مخيمات اللجوء، بسبب البرد الشديد، وبعد قيام شخصيات محسوبة على النظام السوري، من فنانين وشخصيات مستقلة وصحافيين، بالاحتجاج شديد اللهجة على تدني الخدمات المقدمة للمواطنين، بسبب الفساد الذي يضرب أركان النظام، خرج وزير المالية السوري، مأمون حمدان، ليقول إنه كغيره من السوريين، يقف "في الطوابير للحصول على أنبوبة غاز".
أدّت هذه "الكذبة الممجوجة" بتعليق ناشطين غالبيتهم من أنصار النظام السوري، إلى موجة من السخرية الحادة، وبعضها تناول الوزير المذكور بعبارات حادة للغاية، خاصة وأن الوزير المذكور قد صرّح منذ أيام، بعدم وجود أزمة غاز أصلا، بل عدم وجود طوابير للحصول على تلك المادة!
وجاء تصريح وزير المالية، تعليقا منه على أزمة (الغاز) في سوريا، والتي اشتدّت في الأسابيع الأخيرة إلى الدرجة التي بدأ بعض أنصار النظام السوري، يخاطبون بشار الأسد، بعبارات كان من المستحيل أن يتفوهوا بها، في فترات سابقة، من مثل ما كتبه المعالج الطبيعي نبيل حمدان: "سيدي الرئيس، هل أنت نائم عمّا يحصل؟". ثم تراجع، تحت الضغط والتهديد، عن تعبير "النائم" وعدّل في منشوره، عدة مرات لينال الرضى، وفشل!
وكرر وزير المالية ما سبق وقاله رئيس برلمان النظام، من أن الأزمة التي تعيشها سوريا، حاليا، بسبب أزمة غياب مواد التدفئة، هي أزمة "مصنوعة في الخارج" و"تدار" من قبل أقلام فيسبوكية خارجية، معتبراً أن تألم السوريين من لسعات البرد القارس، هو الآخر، مؤامرة خارجية! في الوقت الذي يعتقد به أنصار النظام، خاصة، قبل معارضيه، بأن أزمة الغاز والمحروقات، سببها الوحيد "تجار الحرب السورية" الذين يعتاشون بقربهم من الأسد وولائهم له، على دماء السوريين وجُلودهم.
وزير المالية المذكور، مشهودٌ له بالإنكار الذي هو جزء من بنية النظام في سوريا، حيث عدم الاعتراف بالظاهرة، ضرورة لعدم الاعتراف بأصحابها، وهكذا فإن "عدم" وجود أزمة غاز ومواد تدفئة في سوريا، بحسب زعم الوزير الذي تكشف زيفه حالات موت أطفال برداً ونقل كبار إلى المستشفيات جراء تعرّضهم للسعات الصقيع، مصدره عدم الاعتراف أصلا بوجود سوريين، كما يحلو للبعض أن يعبّر ساخراً من إنكار الوزير للأزمة.
حمدان هذا، وزير مالية النظام، لديه سابقة أشدّ فتكاً من سابقة إنكاره وجود أزمة غاز. ففي شهر سبتمبر من عام 2017، وفي إحدى جلسات برلمان النظام، وقف على المنبر وخطب بأنه لا وجود للجوع في سوريا! قالها حرفياً، في الوقت الذي كان يحلم به سوريو الداخل، برغيف الخبز، في نومهم.
لا أزمة غاز، ولا وجود للجوع، في سوريا، يقول معلّقون إنها ليست نفياً للأزمة، بل هي نفي لأصحابها، وعدم الاعتراف بوجودهم أصلاً. فمن هو غير موجود، بالنسبة لنظام الإنكار، فلن يحس بالبرد، ولا بالجوع. بدليل أن وزير المالية نفسه "يقف على الطوابير" للحصول على أنبوبة غاز!
فرية أثارت ضحك أنصار الأسد وبكاءهم: إذ إن عضّة البرد التي أكلت أجسادهم، تبيّن أنها مجرّد حيلة فيسبوكية مدارة من الخارج، وما عليهم كي يشعروا بالدفء، سوى أن يهاجروا من مواقع التواصل الاجتماعي، مثلما هُجِّر معارضو الأسد من المواقع التي كانت مسقط رؤوسهم.