لم يكن "أحمد.ع"، الطبيب البشري بالوحدة الصحية بسخا، يتخيل أن جريمته التي خطط لها ونفذها ببشاعة، سوف تنكشف، وأن الأمر سينتهي به محكوما عليه بالإعدام، حيث ظن أن أحدا لن يراه من سكان منطقته التي يقطن بها، فأقدم مطمئنا، بعد عودته من عيادته الخاصة، على قتل زوجته "منى السجيني"، صاحبة الـ30 عامًا، والتي تعمل في نفس مهنته "طبيبة تحاليل" ليقوم بعدها بذبح أبنائه الثلاثة "ليلى" 5 أعوام، و"عبد الله" 8 سنوات، و"عمر" 6 سنوات.
انتهى الأب، 42 سنة، من جريمته الشنعاء، وبعدها تعالى صوته بالصراخ من شقته قائلاً "مراتي وعيالي ماتوا لقيتهم مدبوحين فى الشقة"، وسرعان ما توالت الأحداث بحضور عدد من الجيران وحارس العقار، ثم وصول فريق من إدارة البحث الجنائي بكفر الشيخ، إلى مكان الواقعة، ومعاينة جثة الزوجة، وبجوارها جثث أبنائها وجميعهم مصابون بجرح ذبحي في الرقبة.
معاينة النيابة
سجلت المعاينة التي أجراها الضباط تحت قيادة اللواء "محمد عمار" مدير إدارة البحث الجنائي بالمديرية، عدم وجود آثار عنف أو بعثرة فى الشقة، مع سلامة منافذها، مما يشير إلى أن الجاني دخل بطريقة مشروعة، وبينما كان ضباط البحث فى مسرح الجريمة، حضر فريق من محققي النيابة بكفر الشيخ، وناظروا جثث الضحايا، وقرروا عرضها على الطب الشرعي لتشريحها لبيان أسباب الوفاة، كما طلبوا تحريات المباحث حول الواقعة، وتحفظوا على كاميرات المراقبة القريبة من مسرح الجريمة لمراجعتها وبيان ما إذا كان هناك شخص غريب قد دخل العقار فى وقت معاصر للجريمة، من عدمه.
بالتزامن مع معاينة النيابة كلف اللواء علاء الدين سليم، مدير الأمن العام ضباط قطاع الأمن العام، بالتنسيق مع ضباط كفر الشيخ لكشف ملابسات الواقعة، وجاءت خطة البحث كالتالي:"مناقشة قاطني العقار والحارس ومراجعة الكاميرات وإعادة مناقشة الزوج المبلغ عن الواقعة مرة أخرى".
وبعد مرور 8 ساعات من البحث والتحري توصلت القوات إلى أنه لا يوجد أي شخص غريب دخل أو خرج من العقار فى وقت معاصر للجريمة، أيضا سجلت التحريات أن الجاني دخل بطريقة مشروعة إلى الشقة، كما ثبت لهم أن الرواية التي قالها الأب بأنه غاب قرابة 15 دقيقة عن الشقة وعاد ليجد زوجته وأولاده مقتولين رواية غير صحيحة، وأشارت التحريات إلى أن الأب هو المشتبه به الأول، وتم استئذان النيابة العامة لمناقشته لكشف ملابسات الواقعة ودوافع ارتكاب المذبحة الأسرية.
اعترافات الطبيب
أثناء تحقيقات الشرطة، أنكر الأب في البداية علاقته بالجريمة، وبعد مواجهته بما توصلت إليه التحريات من أنه لا توجد دوافع للجريمة ولا توجد سرقة، ومن أقوال الشهود الذين أكدوا أنه لم يدخل أحد أو يخرج من العقار فى وقت حدوث الجريمة، بدأ الأب في الاعتراف بجريمته قائلا: "أنا اللى دبحت مراتي بسبب خلافات معها وقلت ادبح العيال كنت خايف عليهم من بعدي انا ومراتي". وجاء فى محضر الشرطة أن المتهم اعترف بتفاصيل الواقعة قائلا: "انا كنت خايف على العيال من بعدنا مين اللي هياخد باله منهم بعد ما أنا اتسجن قلت اقتلتهم هما كانوا نايمين محستش بأي حاجة دبحتهم بكل هدوء".
عقب تسجيل اعترافات المتهم بما جاء على لسانه فى محضر الشرطة، تم إخطار المحامي العام الأول لنيابات كفر الشيخ، وتم اقتياد المتهم إلى سرايا النيابة وسط حراسة أمنية مشددة، واعترف للمرة الثانية، وذكر أيضا دوافع جريمته للمحقق، وتم اقتياده إلى مسرح الجريمة، ومثل الجريمة وتم تسجيلها بالصوت والصورة، وأصدرت النيابة قرارا بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد.
تمثيل الجريمة
أمر المستشار أحمد شفيق، مدير بندر كفرالشيخ، تحت إشراف المستشار ياسر الرفاعي، المحامي العام لنيابة كفر الشيخ الكلية، بحبس الطبيب المتهم "أحمد س.ع"،4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامه بقتل زوجته طبيبة التحاليل، وأطفاله الثلاثة، بسلاح أبيض سكين، داخل شقتهم.
أولى جلسات المحاكمة
وحددت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات كفر الشيخ، برئاسة المستشار بهاء الدين المري، مطلع فبراير الماضي، أولى جلسات محاكمة الطبيب المتهم بقتل زوجته وأطفاله الثلاثة، في القضية التي حملت رقم 502 لسنة 2019، جنايات قسم أول شرطة كفر الشيخ، والمقيدة برقم 25 لسنة 2019، كلى كفر الشيخ.
رسالة موثرة من العدالة
وجه المستشار بهاء الدين المري، رئيس الدائرة الأولى بمحكمة جنايات كفر الشيخ، رسالة مؤثرة للطبيب قبل نطقه قرار المحكمة الخاص بأولى جلسات محاكمته، قائلا: "لقد جئت شيئًا إدًّا وعصفت في الإنسانية بأعز مقدساتها، واغتلت المودة والرحمة غدرًا، فلا فضلًا بينك وبين زوجك تذكرت، ولا الرحمة حتى التي تتراحم بها الخلائق والدواب عرفت طريقها إليك، ثم قسى قلبك بعد ذلك فقتلت نفسًا ثم ثانية ثم ثالثة ثم رابعة، في آن واحد في مكان واحد، ومن هم.. زوجك وأولادك!!".
وأضاف في حديثه للمتهم: "الدابة ترفع حافرها عن صغيرها خشية أن تصيبه، أما أنت فرفعت عليهم السكين، فكانت هي أرحم منك، إن المحكمة وهي بصدد المداولة لم تجد من سبيل للرأفة ولا متسع للرحمة، وإنما اتفقت آراء أعضائها على وجوب القصاص منك".
الإعدام شنقًا
وبعد مرور 65 يوما، قضاها الطبيب المتهم في الحبس أحالت محكمة جنايات كفر الشيخ برئاسة المستشار بهاء الدين المرى، وعضوية المستشارين، شريف قورة، ومحمد الشرنوبى، وسكرتارية محمد رضا، أوراق قضيته والمعروفة إعلاميا بـ"طبيب كفر الشيخ" إلى فضيلة المفتى لأخذ الرأى الشرعى.
تأييد الحكم
قضت محكمة جنايات كفر الشيخ بإعدام المتهم وذلك بعد ورود موافقة فضيلة المفتى على الحكم بالإعدام، والذي صدر برئاسة المستشار بهاء الدين المرى، رئيس المحكمة والدائرة، وعضوية المستشارين شريف قورة، ومحمد الشرنوبى، وسكرتارية محمد رضا.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
