"هناك صلابة وتلاحم بين الخطوط الثلاثة مع أن جمالية اللعب أو "التيكي تاكا" فٌقدت ، وسيصعبون المهمة على الفرق الأخرى في أدوار خروج المغلوب من بطولة دوري أبطال أوروبا"، هكذا أكال البرتغالي جوزيه مورينيو، المدير الفني السابق لأندية الريال وبورتو وتشيلسي وإنتر ومانشيستر يونايتد، المديح والثناء، لإرنستو فالفيردي، المدير الفني للبارسا، في تحليله لمباراة الكلاسيكو الأخيرة بين ريال مدريد وبرشلونة في الدوري الإسباني.
اللقاء انتهى بفوز زملاء الأرجنتيني ليونيل ميسي، بهدف نظيف، رغم الأفضلية الواضحة لزملاء راموس، في كل أطوار المباراة، ولكن هل يتمكن البارسا من استكمال مسيرته بعد اقتراب نهاية ميسي واحتضار "التيكي تاكا" بواقعية فالفيردي؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في التقرير التالي.
انتقادات كثيرة، وهجوم من وقت لآخر، تعرض لها فالفيردي، من قبل محبي ومشجعي الفريق الكتالوني، فتارة يقولون إنه قضى على كرة برشلونة الجميلة، ومرة أخرى يحملونه مسؤولية إصابة ميسي بسبب إشراكه بشكل مستمر، وعندما يخسر لقاء أو يتعادل مباراة، فإنهم يعللون الهزيمة بجلوس البرغوث على دكة البدلاء حتى الدقيقة 63 و15 ثانية.
قد تكون الحقيقة مُرة دائمًا، لذلك لا يرغب الجمهور في تصديقها، وهي أن ميسي الآن بالـ31 عامًا، ليس هو ميسي صاحب الـ21 عامًا، لن نراه ينزل إلى وسط الملعب ليستلم الكرة ويرواغ 7 لاعبين ويسجل هدف مارداوني آخر، كما أن برشلونة التيكي تاكا، لم يعد يملك بيب جوارديولا على حدود المستطيل الأخضر، كما أن تشافي وإنيستا لم يعدا في وسطه.
إذا ميسي 2019 لم يعد مثل ميسي 2009، كما أن برشلونة الآن لن يكون مثلما عليه قبل 10 أعوام، فإما المحاولة للعب بالتيكي تاكا، والفوز بالدوري والكأس محليًًا والخروج من دوري الأبطال من دور الـ8 أو نصف النهائي، كما حدث في السنوات الأربعة الأخيرة، أو اللعب بطريقة واقعية أكثر والتتويج بالتشامبيزليج.
في مباراة السبت الماضي، لم يكن برشلونة في أفضل حالاته، كما أننا ولأول مرة وجدانه يتراجع للخلف بصورة غير طبيعية في معظم أوقات المباراة أمام الريال الهش، ولكن في النهاية نجح في تحقيق النقاط الثلاث، والفوز من معقل الميرنجي "سانتياجو برنابيو"، وهي نتيجة إيجابية، في كل الأحوال، بالرغم من فقدان التيكي تاكا.
الريال توج بـ4 ألقاب من الكأس ذات الأذنين، منها ثلاثة مع الفرنسي زين الدين زيدان، والجميع يتذكر كيف كان يلعب زيدان وسابقه أنشيلوتي، فهما لم يقدما الكرة الجملية التي تخطف قلوب المشجعين، ولكن كل ما في الأمر، الضغط على الخصم واللعب على الهجمة المرتدة، فالملكي معهما لم يكن بحاجة لهوس السيطرة على الكرة، الذي أصاب البارسا مع بيب، لكي يحقق إنجاز التتويج بـ4 بطولات في 5 سنوات.
نعود إلى حديث "سيبشيال وان"، الذي أكد على أهمية الكرة الدفاعية في الأدوار الإقصائية، لأنه أكثر شخصًا استفاد منها سواء مع بورتو عام 2004 أو الإنتر في نسخة 2010، والذي يميز فالفيردي على مورينيو، أن الأول ما زال يملك بعضًا من إرث حقبة جوارديولا، والمتمثلة في ميسي وبيكيه وبوسيكيتس.
الثلاثي الذي ينتشر في خطوط الملعب، يستطيع الحفاظ على الكرة أكثر فترة ممكن، وبالتالي قتل المباراة بعد إحراز هدف، كما حدث في مباراة الكلاسيكو، ويعرف فالفيردي جيدًا أن قيمة التكتل الدفاعي في نجاح أي فريق لحصد الألقاب، فنجد أن برشلونة ومنذ أمد بعيد، يلعب بسواريز في خط الهجوم، وراءه ميسي وديمبلي، مع اللعب بثلاثي في وسط الملعب وهم" سيرخيو بوسكيتس - إيفان راكيتيتش - أرتور ميلو"، بجانب الرباعي الدفاعي والحارس المتأقل "تيرتشيجن".
في 90 دقيقة لم يخلق البارسا أكثر من 4 فرص أمام الريال، في المقابل حاول الملكي أكثر من مرة، رأينا لأول مرة مرة ميسي يعود ليدافع، كما أننا شاهدنا سواريز وحيدًا في وسط ملعب الخصم في أكثر من لقطة، كما أن الطرفين ألبا وريبرتو، لما يتقدما ويهاجما لإيقاف خطورة ريجيولون وفينسيوس، بعد مباراة الأربعاء في إياب الكأس، والتي شهدت تألق الريال برغم الخسارة بثلاثية.
إذًا كل الأمور متاحة الآن في كتالونيا، للتخلص من الإرث الثقيل لبيب، بالتزامن مع قرب إنتهاء الحقبة الخيالية للبرغوث الأرجنتيني، من خلال خلق طريقة لعب جديدة، ستضمن على الأقل الفوز بالألقاب، حتى وإن تخلى البارسا عن "التيكي تاكا"، الذي اشتهر بها في السنوات الماضية.
وفي هذا الموسم، ومن أجل التتويج بدوري الأبطال، سيعتمد فالفيردي على النواحي الدفاعية أكثر شيئًا ما، حتى لو جاء الأمر على حساب الفلسفة الكتالونية في الإستحواذ التي أسسها بيب جوارديولا، وساعده فيها ليونيل ميسي.