تضم العديد من مدارس التعليم الفني بالإسكندرية طلابًا مبتكرين ومخترعين في مختلف المجالات، فبالرغم من الإمكانات الضعيفة، إلا أنهم استطاعوا أن يكونوا نموذجًا للشباب المصري الطموح الذي لا تعوقه أية مصاعب نحو التقدم والنجاح، مهما كانت هذه الصعوبات، سواء كانت ظروف مادية أو غيره، وحتي عدم دخولهم إلي الثانوية العامة ودخولهم إلي التعليم الفني.
روان خالد، طالبة بالصف الثاني بمدرسة مصطفي كامل الثانوية الصناعية بنات بالإسكندرية، فضّلت التعليم الفني علي التعليم الثانوي لكي يكون لديها متسع من الوقت لتعمل وتصرف على نفسها وتدفع نفقات تعليمها من ناحية، وحتي يكون لديها الوقت الكافي لتنفذ مشروعها واختراعها التي لطالما حلمت بتحقيقه، والمشروع عبارة عن "مرتبة منبه" تعمل علي مساعدة الصم وذوي الإعاقات المختلفة والأشخاص الذين نومهم ثقيل، وأيضا الأشخاص الذين يعانون من الأرق والمرضي النفسيين.
تقول روان، إنها متصاعدة من مسابقة "أنتل أيسل" من مدرسة فيكتوريا كوليدج، وأن مشروعها "نام واطمن علي مواعيدك" هو عبارة عن مرتبة منبه تساعد الصم والأشخاص الذين نومهم ثقيل، حيث تحتوي علي مكبرات صوت وهزاز قوي يعمل علي تنبيههم لمواقيت الصلاة والعمل، ويمكن استخدام المرتبة للأشخاص الذين يعانون من الأرق والمرضي النفسيين من خلال تشغيل موسيقي قبل النوم بمواعيد محددة، ويمكن استخدامها أيضا للأطفال بتشغيل قصص أطفال تساعدهم علي النوم، كما يمكن تشغيلها للعروسين في ليلة الزفاف، لافتة إلي أنها وضعت خاصية "الهزاز" في المرتبة وهي عبارة عن هزات ليست قوية حتي لا تؤذي الأشخاص وهي من أجل ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم لتشعرهم بهزة في المرتبة لإيقاظهم.
وتضيف الطالبة المخترعة، أنها كانت تريد الالتحاق بالتعليم الفني منذ البداية حتي يكون لديها وقت للعمل ولتنفيذ المشروع، حيث كانت الفكرة لديها منذ ان كانت في المرحلة الإعدادية وبعد دخولها المدرسة بدأت في تنفيذها، وذلك بمساعدة مشرف النشاط بالمدرسة هاني أحمد، مشيرة إلي أن فكرة المشروع وُلدت إليها عندما شاهدت والد إحدي صديقاتها الذي حدثت له إعاقة مؤخرا وأصبح لا يقوي علي الحركة إلا قليلا وكانت تفوته الصلاة بشكل دائم حيث يعاني من بطئ في السمع، فمن هنا جاءت إليها الفكرة لكي تساعده علي الانتباه لمواقيت الصلاة.
وتابعت أن المشروع بدأت في تنفيذه في بداية العام الجاري، حيث يوجد في مدرستها غرفة تسمي "غرفة الموهوبين" للتدريب وتنمية مواهب الطلاب في مختلف المجالات، مما ساعدها ذلك علي تنفيذ مشروعها، وقد حازت علي عدة تكريمات عليه، مشيرة إلي أن سعر المرتبة يتراوح ما بين 400 جنيه إلي 500 جنيه، لافتة إلي أنها في انتظار حصولها علي أي دعم أو تبني أحد رجال الأعمال لمشروعها كي تحصل علي براءة اختراع.
وفي هذا الصدد، قال فوزي علام، معلم خبير رياضيات بالمعاش، إن مدارس التعليم الفني بالإسكندرية تضم عدد كبير من الطلاب الموهوبين وهناك اهتمام كبير في الوقت الحالي بتنمية مهاراتهم أكثر مما كان في السابق، مضيفا أنه كان مشرفا علي برامج "Think Quest" و"Future City" و"ايسف ISEF" و"أنا فني أبني وطني"، وكانت تقام تلك البرامج بمقر مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، وهي خاصة بالطلاب المبتكرين بالتعليم الثانوي العام والفني، ومن يتم تأهله من الطلاب المشاركين يتم تأهيله ومشاركته في مسابقات دولية، مؤكدا أن طلاب التعليم الفني هم المستقبل ويجب الاهتمام بهم، وهناك العديد من المشروعات الشهيرة قام باختراعها طلاب بالتعليم الفني بالإسكندرية وتبناها رجال أعمال حتي خرجت إلي النور.
وأضاف علام، أنه لابد من الاهتمام الزائد بطلاب التعليم الفني ومشكلاتهم والتي غالبيتها ظروف مادية، فهناك العديد من الطلاب قد حصلوا علي مجموع عالٍ يمكّنهم من الدخول إلي الثانوية العامة ولكن حرمتهم الظروف المادية من تحقيق حلمهم ولجأوا للتعليم الفني، كما يجب الاهتمام بهم عقب تخريجهم والسماح لهم بدخول الجامعات وتوفير كليات مؤهلة لدخول الطالب الفني، حيث أن فرصهم بالجامعات محدودة، كما يجب علي الدولة أن تعمل علي توظيف خريجي التعليم الفني حتي يشعروا بأنهم يعملون بشهادتهم، فحاليا يتم عمل ملتقيات توظيف تنظمها مدارس التعليم الفني ولكن المشكلة تكمن في أن عمل هؤلاء الطلاب في تخصصاتهم في هذه الشركات والمصانع يتم من خلال تعاقد وليس تعيين وبالتالي من الممكن الاستغناء عنهم في أي وقت وتشريدهم.