اكتشافات الغاز الجديدة في مصر ستكون جزءًا من تحول كبير ومهم في مجال الطاقة والجغرافيا السياسية، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وقالت الصحيفة في تقرير مطول لها عن اكتشافات الغاز المصري في بالبحر المتوسط إن "مصر لديها شعاع أمل يأتي من مئات الأميال في المياة الإقليمية".
وقالت الصحيفة إن هذا الأمل يأتي من الاكتشافات غير المتوقعة من الغاز الطبيعي، والتي تساهم في مساعدة الاقتصاد المصري وبناء علاقات تجارية جديدة مع جيرانها مثل إسرائيل والأردن، كما ينعش نفوذ مصر وسلطتها في المنطقة.
"اكتشفات الغاز المصري الجديدة ستكون جزءا من تحول كبير ومهم في مجال الطاقة والجغرافيا السياسية"، بحسب الصحيفة.
وتقول نيويورك تايمز إن الغاز الطبيعي الذي كان منذ فترة طويلة ابن عم فقير للنفط، يكتسب أهمية وأصبح أداة للدول لتقوية النفوذ والهيبة.
وساهم التقدم في استخدام الغاز المسال وقودًا عالميًا، في تعزيز يد الدول التي لم تكن حتى وقت قريب من مصدري الطاقة الرئيسيين بما فيهم الولايات المتحدة والآن مصر.
وقد يكون التدفق في الغاز الجديد خبرًا سيئًا للمصدرين التقليديين للغاز وخاصة روسيا، والتي كان يجب عليها خفض أسعار الغاز لتحافظ على مبيعاتها إلى أوروبا.
ولدى الكثير من الدول الأوروبية أمل لتقليل اعتمادهم على الغاز الروسي كما أنهم حريصين على التعامل مع موردين جدد مثل مصر، بحسب الصحيفة.
وقالت نيويورك تايمز إنه خلال السنوات الأخيرة أصبح إقليم شرق البحر المتوسط واحد من أفضل المناطق في العالم في عمليات التنقيب عن الغاز والبترول في البحر، من خلال سلسلة من الاكتشافات العملاقة بالمياة الإقليمية في إسرائيل وقبرص.
"وفي عام 2015 فازت مصر بالجائزة الكبرى بعدما أعلنت اكتشاف حقل الغاز العملاق ظُهر، والذي يعد أكبر حقل غاز في منطقة الشرق الأوسط"، وفقًا للصحيفة.
ويبلغ إنتاج مصر من الغاز حاليًا 6.3 مليار قدم مكعب يوميًا بزيادة نحو 30% منذ يونيو 2016، ليجعلها واحدة من أكبر المنتجين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بحسب التقرير.
وفي يناير الماضي لأول مرة منذ سنوات عدة صدرت مصر كميات من الغاز أكثر ما استوردت، وتقول الصحيفة "التصدير لا يزال يمطر، لكن المواطن المصري لم ير بعد كثيرًا من الفوائد، في حين أن الحكومة المصرية لديها أمال في طفرة في صادرات الوقود".
وتخطط شركات النفط في توسعة إنتاجها من الغاز بزيادة أكثر من 40% في مصر هذا العام.
ونقلت الصحيفة عن كلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية للطاقة، قوله إن "مصر واحدة من أفضل الأماكن للتنقيب بجانب قبرص وإسرائيل، ليس فقط بسبب الاكتشافات ولكن لأنها قريبة من أوروبا وأوروبا ترفع استخدامها من الغاز".
وأضاف ديسكالزي، التي تطور شركته حقل ظُهر العملاق إن "مصر لديها كل المقومات لتصنع النجاح".
وتقول الصحيفة إن عمالقة الطاقة في العالم يتهافتون على مصر، لأن الحكومة في 2015 رفعت السعر الذي ستدفعه للشركات مقابل الغاز إلى أكثر من الثلث.
"اكتشافات الغاز هي هدية ضخمة، لكن إذا استلمت هدية من الله، يجب عليك أن تستخدمها بحكمة"، هكذا يعلق أحمد هيكل، رئيس شركة القلعة القابضة.
وخلال أخر عامين استثمرت شركة بي بي البريطانية أموالًا أكثر في مصر عن أي دولة أخرى، كما أنها ستضيف 1.8 مليار دولار هذا العام، كما يتوقع أن تضع كل شركات البترول 10 مليارات دولار في مصر هذا العام.
وبحسب الصحيفة فإن ثروة مصر الجديدة من الغاز مدعومة بحقيقة أنها تمتلك أكبر وحدتي إسالة غاز في الشرق المتوسط.
ويوجد بمصر مصنعان لإسالة الغاز الطبيعي، الأول مصنع إدكو، المملوك للشركة المصرية للغاز الطبيعي المسال، ويضم وحدتين للإسالة، والآخر في دمياط ويتبع شركة يونيون فينوسا الإسبانية الإيطالية ويضم وحدة واحدة.
وفقًا لنيويورك تايمز فإن شركتي شيل وإيني، اللتان تمتلكان حصة في وحدتي الإسالة، تخططان لجعلهما يعملان بشكل كامل هذا العام، كما تأملان أيضا لاستخدامهما في إعادة تصدير الغاز المنتج إلى الدول المجاورة والتي لا تمتلك وحدات إسالة.
"نحن نرى فجرًا جديدًا في مصر"، هكذا علق مايكل ستوبارد، كبير الاستراتيجيين لأسواق الغاز العالمية في ""IHS Markit المتخصصة في بحوث الطاقة.
وقالت الصحيفة إن ازدهار الغاز في مصر قد يساعدها من ناحية الجغرافيا السياسية، كما سيساعدها في تقوية العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل والأردن، بينما ستصبح شريكا ضروريا لأوروبا.
وفي منتصف يناير الماضي أعلن وزراء البترول والطاقة بسبع دول من دول شرق المتوسط، اعتزامهم إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط "EMGF"، بهدف دعم التعاون بين هذه البلدان.
وفي يناير نفذت مصر اتفاقًا لتوريد نصف احتياجات الأردن من الغاز الطبيعي عبر أنابيب، كما تعمل على استعادت التصدير إلى لبنان من خلال خط غاز آخر والذي تعطل لسنوات.
ويقول التقرير إن اكتشافات الغاز الجديدة لمصر قد تساعد في استقرار مصر المثقلة بالديون ماليًا، فضلًا عن مساعدتها في تقليل تلوث الهواء.
وحذر خبراء الطاقة من أن مصر قد تهدر ثروتها من الغاز في حال لم تنفذ الحكومة خفضها لدعم الطاقة والكهرباء لكي تسيطر على استهلاكها من الطاقة.
وتنفذ مصر خطة لخفض الدعم عن الطاقة، ومن المقرر بنهاية العام الجاري أن ترفع الحكومة الدعم عن أغلب المواد البترولية.