أطلقت الطائرات الإسرائيلية هجمات صاروخية و هي الأقوي منذ 2014 ضد "القطاع" هذا السياق يبدو متسقاً مع طبيعة الأمور بين القطاع منذ سيطرة "حماس" عليه وتل أبيب، ولكن نظرة أكثر غوراً إلى ما حدث ربما تكشف إستبعادات أخرى.. فما هي إخلاء عن طريق الخطأ .
وفقاً للجيش الإسرائيلي، وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" فإن "الصاروخين اللذين أُطلقا من قطاع غزة نحو تل أبيب" على الأغلب "تم إبعاد بطريق الخطأ" هذا التقييم المبدئي للجيش الإسرائيلي مؤكداً احتمالية حدوث الإطلاق في أثناء "عملية صيانة دورية" كان يقوم بها أفراد من "حماس"
و هذا التقييم من جانب الجيش الإسرائيلي تم بمجرد إطلاق الصواريخ ، أي قبل عدة ساعات من بدأ الطائرات الإسرائيلية إقتحامتها المكثفة على أكثر من 100 هدف داخل "القطاع"
و بحسب تقرير الصحيفة ، نفي حاجز من "حماس" و "الجهاد"
على الجانب الآخر و منذ اللحظة الأولى لإطلاق الصاروخين، اسرعت "حماس" بنفي قيامها بمهاجمة تل أبيب، مؤكدة أن الصاروخين أُطلقا في أثناء اجتماع لقادة "حماس" مع وفد أمني مصري.
وقال الجناح العسكري لـ "حماس" في بيان "تؤكد كتائب الشهيد عز الدين القسام" عدم مسؤوليتها عن الصواريخ التي أُطلقت الليلة باتجاه العدو، خاصة أنها أُطلقت في الوقت الذي كان يُعقد فيه اجتماع بين قيادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" و"الوفد الأمني المصري" حول التفاهمات الخاصة بقطاع غزة.
و من جانبها، إقالة حركة الجهاد الإسلامي وبقية الفصائل الفلسطينية داخل "القطاع" مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخين. ورغم توضيح بأن الصاروخين انطلقا بطريق الخطأ، والنفي القاطع من "حماس" وبقية الفصائل، سكب الطيران الحربي الإسرائيلي هجمات مكثفة استهدفت أكثر من 100 هدف بقطاع غزة، في اقوي قصف يتعرض له القطاع منذ الحرب بين الطرفين في صيف عام 2014.
فتِّش عن الانتخابات!
لا بد إذن من توضيحا مفسراً آخر لذلك التصعيد الإسرائيلي، الذي يبدو غير مُبرر ويأتي في توقيت كثر الحديث فيه عن صفقة القرن التي تسعى "الإدارة الأمريكية" برئاسة ترامب إلى تنفيذها، حسب ما هو معلن.
ربما يخفي التفسير إذا ما ظهرت ردود فعل "جميع الأحزاب" والتيارات والسياسيين في تل أبيب والتي استعجلت جميعاً، بمجرد انطلاق صافرات الإنذار في المدن الإسرائيلية، بإصدار بيانات تندد بـ "الهجوم على إسرائيل" تستدعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ "التعامل بحسم مع حماس" ، كما لو أن "نتنياهو" يتعامل "بتيسير" مع الجانب الفلسطيني.
على سبيل المثال، "نفتالي بينيت" رئيس حزب اليمين الجديد قال "للقناة الإسرائيلية 12" إنه "حان الوقت للتعامل مع المنظمات الإرهابية".
ومن جانبه، قال "بيني غانتز" رئيس تحالف "أزرق أبيض" والقائد السابق للجيش، إن "إطلاق الصواريخ يستلزم رداً جاداً" بحسب "جيروزاليم بوست" باستدعاء بـ "قطع رأس حماس"
كما أضاف "غانتز " في بيان له ، تبدو لهجته غير متناسبة مع "حادث غير مقصود"
و حان الوقت للتصرف مع "حماس" وقطع رأسها مطالباً "نتنياهو" بتكليف الجيش البدء فوراً في برنامج القضاء على "حماس"
موشي يعالون السياسي التابع لتحالف "أزرق أبيض" أيضاً ،انضم إلى حفلة المطالبة بالتصعيد ضد "حماس" و "القطاع"
"إطلاق الصواريخ الليلة حدث خطير ، وهو استمراراً للإرهاب غير المقبول.
وهو موهيئ بالأساس نحو المستوطنات المجاورة لقطاع غزة مضيفاً أنه واثق بقدرة جنود وقيادات الجيش على اتخاذ الرد المناسب على هذا النوع من "الاعتداء على سيادتنا" أما وزير المالية وعضو المجلس الأمني في الحكومة الحالية ، فقد قال في بيان إن "الحادث الخطير سينتج عنه رد مناسب".
وملاحظٌة اللهجة الأكثر هدوءاً لأحد حلفاء "نتنياهو"
والتي بدت نشازاً وسط بيانات التنديد والتصعيد من جانب منافسي "نتنياهو" في الانتخابات التي باتت على الأبواب و على "نتنياهو" أن يستيقظ.
"إيلي يشاي" رئيس "حزب ياكاد" ، كان أكثر شدَّة في هجومه على "نتنياهو" حيث قال في بيان إن نتنياهو والمجلس الأمني لا بد أن "يستيقظا" ، ليمهل الخطر القائم الآن.
أما "أفيغدور ليبرمان" رئيس حزب إسرائيل بيتنا ، فقد طالب إسرائيل بـ "العودة إلى سياسة عقاب المسؤولين" ومن جانبه ، قال "أورين هازان" عضو "الليكود" السابق ورئيس حزب تسوميت في بيان ، إنه "لا يجب على إسرائيل الاستسلام للمنظمات الإرهابية".
و التأكيدات المصرية بعدم رغبة "حماس" في الارتقاء
على الجانب الآخر وعلى النقيض تماماً ، من بيانات التهديد والوعيد التي بدت موجَّهة نحو الناخبين ، و أكد "الوفد الأمني المصري" الذي كان يجري لقاءات مع قادة "حماس" حول ترتيبات الأوضاع في "القطاع" ، قبل مغادرته الجمعة 15 مارس2019.
و حرصت "حماس" و بقية الفصائل على عدم الدخول في "مواجهة عسكرية" مع إسرائيل ، و القصف الأعنف منذ 2014 سببه انتخابي ، وضعُ تلك الحقائق وردود الفعل معاً ، والمتمثلة في "إعتراف" الجيش الإسرائيلي بأن إطلاق الصواريخ حدث بطريق الخطأ ، وذلك منذ الوهلة الأولى وقبل رد الفعل ، ونفي الفلسطينيين في القطاع السعي إلى الارتقاء مع إسرائيل ، إضافة إلى مسارعة السياسة في "تل أبيب" للتنديد بما حدث .
واعتباره "هجوماً خطيراً" على أمن وسيادة إسرائيل وإلقاء اللوم على "نتنياهو" للتسهيل في التعامل مع "حماس" كل ذلك يجعل الصورة أكثر وضوحاً ، فقبل نحو 3 أسابيع من "الانتخابات الإسرائيلية" ، تبدو فرص "نتنياهو" في البقاء بمنصبه ضعيفة (نظرياً على الأقل) ، بسبب إتهامات الفساد التي تلاحقه، وكذلك "طول مدة بقائه في السلطة" وهذا يفسر الصورة وراء حجم وعدد "الهجمات الصاروخية" على (غزة) ، وهي رغبة "نتنياهو" في إيصال "رسالة قوية" إلى (الناخبين) ربما تسهم في تحسين وضعه الانتخابي بالتاسع من أبري 2019.