اعلان

في الذكرى الثلاثين لعودة "طابا".. تعرف على المصري الذي مسح رئيس إسرائيل حذاءه وانتحر ضباط الموساد بسببه

كتب : سها صلاح

في الذكرى الثلاثين لاسترداد مصر لطابا نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، كشفت عن إحدى القصص المصرية التي لم ينساها الموساد، فعقب هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر بـ 9 أيام أرسلت "تل أبيب" لجمعة الشوان وكان حينها جاسوساً للمخابرات المصرية داخل إسرائيل وكان يخشى إعدامه حيث شك للحظات أنه تم اكتشافه، لكنه عاد إلى القاهرة بأحدث جهاز إرسال عرف باسم "البطة السمينة" يرسل رسائل في 6 ثوان.

وفي ليلة سفره زاره "شيمون بيريز" رئيس إسرائيل حينها وأخرج الجهاز من علبته، وكان عبارة عن فرشاة مسح أحذية، وقال لضابط موساد آخر: "هل تعتقد أن مصر خالية من فرش مسح الأحذية حتى يشتريها ولا يستعملها، مؤكداً أن الحيلة لن تنفع مع ضباط الجمارك في مطار القاهرة، وفك الفرشاة وقام بنفسه بمسح حذاء "الشوان" حتى تصبح مستعملة، في الساعة الـ11.15 قبل ظهر الأربعاء 22 ديسمبر سنة 1976 انكشف سر الهوان، أرسلت المخابرات المصرية برقية موجزة للمخابرات الإسرائيلية كتبت فيها "من المخابرات العامة المصرية إلى المخابرات الإسرائيلية، نكرر شكرنا على إمدادكم لنا بأدق وأخطر أسراركم، التي كشفت لنا المزيد من عملائكم داخلياً وخارجياً وذلك على مدى سنوات، وإلى اللقاء في معارك ذهنية أخرى، بمجرد وصول الرسالة أطلق ضباط الموساد، الذين تولوا تدريبه والإشراف عليه هناك النار على أنفسهم، وتم الكشف عنه كجاسوس مصري داخل جهاز المخابرات الإسرائيلية في 1978".

من هو "جمعة الشوان"

أهم أبطال حرب 6 أكتوبر، واسمه الحقيقي " أحمد محمد عبد الرحمن الهوان" والذي ساهم في انتصار الجيش المصري خلالها من خلال عمله كجاسوس مزدوج ولم يكتشفه الموساد الإسرائيلي طوال فترة عمله، ولقد كشف "الشوان" قبل وفاته تفاصيل حياة الجاسوسية، وكيف أن الموساد الإسرائيلي وضع في طريقه أجمل الفتيات لتجنيده وأغدقوا عليه بالمال، لكنه فضل أن يفضح سر اتفاقه معهم للمخابرات المصرية.

ولد في مدينة السويس المصرية، في أسرة مكونة من 9 أفراد، عمله في ميناء السويس منذ وصوله الـ 14 من عمره ساعده في تعلم لغات متعددة وقبل أن يكمل عامه الـ 19 كان صاحب شركة سياحة تنظم أفواجاً للسياح القادمين إلى مدينته الصغيرة. ظل الهوان يعمل حتى العام 1967، حينها حولت النكسة مدينة السويس إلى ما يشبه بمدينة الأشباح فخسر عمله وقرر البحث عن عمل آخر خاصة أن معظم أهاليه تعرضوا للتهجير في أعقاب نكسة 67.

كيف بدأت قصته كجاسوس

بعد النكسة حاول "الشوان" البحث عن صديق يوناني له يدعي "باماجاكوس" كان قد أقرضه في السابق 2000 جنيه إسترليني، لفتح مشروع صغير، لذا بحث عنه ليسترد الاموال بعد النكسة لكن حينما وصل إليه وجده مفلساً ولم يستطع رده امواله له، حينها تعرف على "جوجو" التي أصبحت فيما بعد عنصراً أساسياً في تجنيده، تعرفت عليه بصفتها ابنة واحد من أشهر وأغنى رجال الأعمال في مانشستر، وتطورت علاقاتهما حتى طلبت منه الزواج، ومقابلة والدها لطلبها منه وهناك كانت قد دبرت كل شيء،وافق والدها على إتمام الزواج شريطة أن تعيش معه في قصره وأن يعمل الشوان في إحدى شركاته، رغم علمه بأنه كان متزوجاً ولديه ابن وابنة يعيشان في مصر.

وعندما كان ينتظر "جوجو" في بلجيكا التقى به شاب عرفه بنفسه باسم إبراهام، ودعاه إلى سهرة خاصة، ثم عرض عليه وظيفة بمرتب خيالي، قدره 5 آلاف جنيه إسترليني شهرياً، لكن جواز سفره كان في حوزة القبطان الذي يعمل على متن سفينته، ولكن الشك راود "الشوان" بأن كل هذه التسهيلات لن تكون دون مقابل، خاصة أنه طلب منه قائمة بأسماء أهم أقاربه وأصدقائه في السويس كنوع من الضمانات.

وبالفعل عرض إبراهام وصديقه على "جمعة الشوان" تأسيس شركة شحن في القاهرة، وأعطياه 185 ألف دولار كمصاريف للتأسيس، على أن تكون أول مهمة شراء مجموعة من السفن كانت قد تعرضت للغرق في أعقاب النكسة، وهناك تأكد الهوان بما لا يدع مجالاً للشك أن إبراهام عميل في الموساد الإسرائيلي.

وعند وصوله للقاهرة بحث "الشوان" على أي شئ يدله على مكتب الرئيس المصري "جمال عبد الناصر"، سخر منه رئيس المباحث كثيراً لمة 3 ايام، لكنه أصر وكان يحمل معه الحقيبة وبها 185 ألف دولار، بعدما تأكد أن أحداً لن يعثر عليها لأن إبراهام أخفاها بشكل لا يصل إليه أحد حتى أن أحداً في المطار لم يكتشفها.

ثم رحل من المباحث إلى أمن الدولة ومنها إلى الرئاسة حتى تمكن من مقابلة عبدالناصر، ليحكي له ما جرى فيحيله إلى المخابرات العامة ويؤكد أن ما حدث معه كان محاولة لتجنيده، ويقول في آخر اللقاء "مصر بحاجة إليك يا سيد هوان".

واتفق حينها مع المخابرات المصرية ولعب دور عميل مزدوج في شقة فاخرة في وسط البلد أسس الهوان الشركة كما طلب منه إبراهام، شركة وهمية لا نشاط لها لكنه عين فيها طاقماً من الموظفين الذين يجيدون اللغات المختلفة كنوع من التغطية.

وكان "ابراهام" يكافئه من الموساد بـ50 أو 100 دولار على النكتة الواحدة، بعدما طلبوا منه جمع نكات المصريين لتحليل مزاجهم النفسي في السنوات الست التي سبقت حرب أكتوبر، وخلال فترة تجنيده التي تجاوزت 11 عاماً زار تل أبيب 38 مرة وكرمته جولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية، بعد نجاحه في اجتياز اختبارات جهاز كشف الكذب على مدى 4 ساعات.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً