هل يبدو ما يحدث في الخليج العربي شرارة لحرب عالمية ثالثة كبرى ستحصد الأخضر واليابس، أم أنها فقاعات هواء يستخدمها كلا الطرفين الإيراني والأمريكي لكسب مصالح شخصية أخرى، هذا ما يمكن جمع خيوطه من خلال التقرير التالي، حيث استيقظ العالم اليوم ليجد اعلان جديد لواشنطن برفع درجة التأهب القصوى في العراق وسوريا بسبب مخاوف من تهديد وشيك من القوات المدعومة من إيران في إشارة لحزب الله في سوريا والشيعة الموالين لإيران في العراق.
ويتناقض هذا الإعلان مع تصريحات مسؤول عسكري بريطاني أمس قال أنه ليس هناك "تهديد متزايد" لقوات التحالف في سوريا والعراق، ولكن السفارة الأمريكية اليوم طلبت من موظفيها مغادرة العراق وعلقت خدمات التأشيرات العادية بسفارتها لدى بغداد وقنصليتها في أربيل ستصبح معلقة مؤقتاً.
وقد أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفات بي-52 وصواريخ باتريوت إلى الشرق الأوسط في استعراض للقوة في مواجهة ما قال مسؤولون أمريكيون إنه تهديد للقوات والمصالح الأمريكية في المنطقة.
ما علاقة العراق بالحرب بين إيران وأمريكا؟
كشف معهد واشنطن للدراسات أن إيران قامت بتكرار صيغتها من لبنان وسوريا واليمن بإرسال صواريخ بعيدة المدى إلى العراق، فالصواريخ والقذائف الإيرانية بعيدة المدى تسمح لها بتهديد القوات الامريكية والسكان على بعد مئات الكيلومترات.
لذا حرص "مايك بومبيو" وزير الخارجية الأمريكي على الاجتماع مع رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي ليشدد على ضرورة ضمان العراق قدرته على حماية القوات الأمريكية بمنطقته بشكل مناسب، إلا أنه يبدو عل واشنطن أنها لا تثق في عدوها القديم التي تستعين به الآن لحمايتها، خاصة وأن "عبد المهدي" خرج بتصريحات عقب ذلك الاجتماع ليست مرضية تماماً لأمريكا قائلاً: " واشنطن شريك مهم جدا للعراق ولكن العراق مستمر في سياسته المتوازنة، التي تبني جسور الصداقة والتعاون مع جميع الأصدقاء والجيران، ومنهم الجارة إيران".
اقرأ أيضاً.. الخارجية الأمريكية تدعو موظفيها غير الأساسيين لمغادرة العراق
هل إيران ذريعة لشئ أخر في رأس ترامب؟
قبل غزو العراق في مارس 2003، سربت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن تقارير مخابراتية مفبركة وإطلقت تحذيرات بشأن تهديدات لا أساس لها أو المبالغة في تصوير قدرات العراق، ثم غزت امريكا العراق وانكشفت الحقيقة عقب ذلك بفترة طويلة.
الآن تبدو الصورة شبه متطابقة على ما تقوم به إدارة الرئيس دونالد ترامب وصقورها من الراغبين بشدة في دخول حرب مع إيران وأبرزهم الآن جون بولتون، مستشار الأمن القومي الذي لعب دوراً بارزاً في حرب العراق أيضاً مع بوش.
اقرأ أيضاً.. سيناتور أمريكي يرسم خطة إسقاط النظام الإيراني بالضربة القاضية
وقال باحث الأمريكي في الأمن القومي بمقالة على موقع "لوبي لوج" الأمريكي، أنه بالرغم من الدروس التي تعلمناها من غزو العراق، إلا أنها تتكرر الآن مع إيران ولكن ليس لغزو إيران الحقيقة أنها لحماية مصالح إسرائيل في الشرق الأوسط، خاصة في فلسطين لقرب اعلان صفقة القرن و البعد الآخر في الجولان الذي مازال يتقاتل عليه حزب الله مع إسرائيل، بعد إعلان امريكا الأخير عن وضع الجولان تحت السيادة الإسرائيلية.
واضاف المقال أن سبب من الاسباب الأخرى هو امتصاص أموال الخليج في شراء أسلحة بعد الضغط على السعودية والإمارات وتوريطهما في الحرب خاصة وأن هناك ما يشاع حول أن إسرائيل هي من استهدفت ناقلات النفط الأربعة في ميناء الفجيرة الإماراتي لإلصاقها بإيران لتوريط دول الخليج في الحرب.
اقرأ أيضاً.. إيران توقف التزاماتها بالاتفاق النووي.. رسميا
وقال كاتب المقال لنتوقف لحظة ونتساءل ماذا ستستفيد أمريكا من تدمير إيران؟، لو افترضنا بافعل نشوب الحرب وأن إيران صمدت وقاتلت وأوقعت خسائر كبيرة في القوات الأمريكية وأضرت بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، لكن في النهاية ستكون الغلبة العسكرية لأمريكا كما يقول الواقع لذا سيتم القضاء على إيران حتى وإن اتخذ الأمر وقتاً طويلاً ، إذن ما الاستفادة التي ستعود على أمريكا من هذا الأمر؟
الأمر بالفعل ليس كما يبدو إنها ليست حرب بين إيران و امريكا أو بالأحرى ليس الهدف منه أن تحارب أمريكا بل الهدف أن تحارب دول الخليج لحماية مصالحها في النفط في دول الشرق الأوسط في اليمن وسوريا والعراق وغيرهم، فالرئيس ترامب لديه ذكاءاً أكثر من "بوش الابن" فالأخير استخدم القوات الأمريكية في حروب للاستيلاء على المال والنفط لكنه خسر اموال وارواحاً بشرية في حربه بالعراق وغيرها، لكن الرئيس الأمريكي الحالى يحصل على المال والنفط بطرق غير مباشرة من خلال دول الخليج.
لذلك فكل مايحدث الآن ما هو إلا رسائل اطمئنان من امريكا لدول الخليج لتقول لهم نحن في ظهوركم، لكننا لن نخوض حربًا لا ضرورة لها من أجل دول الخليج دون وجود مصلحة تتطلب خوض مثل هذه الحرب.
خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تاجرعلني، يتعامل بحسابات الربح والخسارة، ولا يتعامل من منطلق استراتيجية عسكرية،ولن ينجر بسهولة لحرب قد تنهي طموحاته في الترشح لولاية ثانية، خاصة وأنه وعد الشعب الأمريكي خلال ترشحه للولاية الأولى أنه لن يدخل في أي حروب عسكرية ولكن "أمريكا أولاً" ولن نسمح بتهديد مصالحها في المنطقة.
ولو أن أمريكا ستهاجم إيران حقاً لأقدمت على الدخول بقوة إلى سوريا، لكنها على العكس سحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية، وتركت لروسيا التحكم في طبيعة التواجد الإيراني هناك بما لا يتعارض مع الأمن الإسرائيلي الذي يحتل الأولوية الأولى لدى الولايات المتحدة الأمريكية.