عُرفت بين الأهالي المحيطين بها بخفة ظلها، ومصافحتهم ومداعبتها الدائمة لهم، مثلها مثل غيرها من الأطفال الذين يتحلون بالبراءة، إلا أن تلك البراءة سرعان ما تم اغتيالها وانطفأت شمعتها التي كانت تضيء شوارع المنطقة.
في منطقة الورديان، غرب الإسكندرية، وتحديدًا بمنطقة نجع العرب، تعيش الطفلة "سندس" ذات الـ 6 سنوات مع والدتها بعد أن فقدت والدها منذ 3 سنوات، وسرعان ما فقدت الطفلة اليتيمة هي الأخرى لتلقى مصرعها على يد جاني نزعت من قلبه الرحمة والإنسانية، ودون مراعاة لحرمة الشهر الكريم، وذلك طمعًا في حلق تحمله الطفلة في أذنها ظن أنه "ذهبي"، ليقع الخبر كصدمة علي أهالي المنطقة وجيران الطفلة اليتيمة الذين انفطرت قلوبهم عليها.
تفاصيل الواقعة كما يرويها سكان المنطقة، أنهم فوجئوا منذ 4 أيام وقبل الإفطار بقرابة ساعة باختفاء الطفلة "سندس"، والتي كانت معروفة بين أهالي المنطقة كونها طفلة يتيمة، وظن البعض أن أحدهم قد أعطف عليها بالإفطار كعادة أهالي المنطقة حيث جميعهم يعرفون بعضهم البعض ويمتازون بالطيبة، إلا أنه بعد الإفطار بحوالي نصف ساعة زاد قلق الأهالي لعدم ظهورها، الأمر الذي اضطرهم إلي البحث عنها في كل مكان بالمنطقة ومن خلال مكبرات الصوت عبر السيارات يجوبون الشوارع، وكذلك في الزوايا والمساجد، من أجل العثور عليها أو الاستدلال علي مكانها، كما لجأوا إلي الإعلان عن اختفائها عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إلا أنه في النهاية دون جدوي، فذهبت والدتها في اليوم التالي إلي تحرير محضر بقسم شرطة مينا البصل باختفاء نجلتها.
"سندس كانت يتيمة حيث توفى والدها منذ 3 سنوات تقريبا، وتعيش مع والدتها ولم يفتعلوا أي مشاكل من قبل ولم يكن لهم أي عداوة مع أحد" بهذه الكلمات بدأ مصطفى كامل، أحد أقارب الطفلة، يروي تفاصيل الحادثة لـ"أهل مصر"، مؤكدًا أن والد الطفلة قد توفي وترك لها رصيدًا كبيرًا من محبة الناس له والتي استمرت أيضا معها ووالدتها، مشيرًا إلي أنه في يوم الحادث كانت "سندس" ترتدي "حلق صيني"، وبعد أن اختفت عن الأنظار حاول العديد من أهالي المنطقة البحث عنها في كل مكان إلا أنهم لم يتمكنوا من العثور عليها، حتى تم تحرير بلاغ من قبل والدة الطفلة باختفاء نجلتها، لتبدأ بعدها تحريات الأجهزة الأمنية التي حضرت إلى المنطقة.
-حذاء الطفلة "كلمة السر"
"شبشب سندس كان الخيط الرئيسي في القضية والذي أرشد أجهزة الأمن للوصول إلي الجناة"؛ يقول "كامل"، أنه تم العثور على "فردة" فقط من حذاء الطفلة على سلالم العقار، ما أوحى بشبهة جنائية وراء الحادث، حتى تمكنت قوات الأمن بعد ذلك من الوصول إلى خيط مهم في القضية وهو طفل، حيث اتضح أنه ذهب إلى الطفلة قبل اختطافها ليبلغها أن والدتها أرسلته إليها لأخذها معه، مؤكدًا أن والدة الطفلة نفت ذلك في مواجهة مع الطفل أمام الشرطة، ليتضح بعد ذلك أن الطفل ادعي ذلك كذبا.
وطالب كامل، بالقصاص من الجناة وجميع المتورطين في قتل "سندس"، قائلا: "مش طالبين غير القصاص وبالقانون من الجاني وكل من له صلة بالجريمة أيا كان سنه ومهما كان منصبه، وإحنا راضيين بقضاء الله وقدره".
-في انتظار تصريح الدفن
أما طه الجعفري، أحد سكان المنطقة، فيقول إن الطفلة "سندس" كانت متواجدة معه في اليوم التي اختطفت فيه، وذلك قبل صلاة العصر، أي قبل اختفائها بساعتين تقريبا، وتفاجئوا بعد ذلك بنبأ اختفائها قبل الإفطار بنحو ساعة ولم يتمكنوا من العثور عليها، وبعد 3 أيام من اختفائها فوجئوا بعثور الأجهزة الأمنية علي جثتها في "منور" عقار بشارع رقم 5 وهو الشارع المجاور لمكان سكن الطفلة.
وأضاف "الجعفري": "الخبر كان بمثابة صدمة كبيرة لنا، خاصة وأن الطفلة من أسرة لم يكن لها أي عداءات مع أحد، ولكن قوات الشرطة في وقت وجيز ألقت القبض على بعض الأشخاص الذين اعترفوا بتفاصيل الجريمة، ولازالت الأجهزة الأمنية تكثف جهودها حتى اللحظة للوصول للجناة الحقيقيين"، مضيفا أنه منذ العثور على جثة الطفلة سندس والجميع ينتظر تصريح دفنها، في الوقت الذي ينتظرون جميعا القصاص العادل من مرتكبي الجريمة وعودة حق تلك الطفلة اليتيمة.
وكان اللواء محمد الشريف، مدير أمن الإسكندرية، تلقى إخطارًا من مأمور قسم شرطة مينا البصل، يفيد بورود بلاغ من سيدة تدعى "ن م ا" 33 سنة، ربة منزل، مقيمة بالعقار رقم 89 شارع 6 بمنطقة نجع العرب دائرة القسم، بتاريخ 3 يونيو من العام الجاري، يفيد بتغيب طفلتها "سندس ا م"، البالغة من العمر 6 سنوات، عن المنزل بتاريخ 1 يونيو، ولم تتهم أحد بالتسبب فى ذلك.
وفى وقت لاحق تبلغ لقسم شرطة مينا البصل، بالعثور على جثة الطفلة المتغيبة بمنور العقار 96 بشارع 5، بالمنطقة المشار إليها، دائرة القسم.
انتقل مأمور وضباط قسم شرطة مينا البصل وبرفقتهم سيارة الإسعاف إلى محل البلاغ، وتبين بالفحص وجود جثة الطفلة المذكورة، مسجاة على ظهرها بمنور العقار المشار إليه، ترتدي كامل ملابسها، بمناظرتها تبين إصابتها بكدمات متفرقة بالجسم.
وأمر مدير أمن الإسكندرية، بتشكيل فريق بحث جنائي، بمشاركة قطاع الأمن العام وإدارة البحث الجنائي، لضبط مرتكبي الواقعة.
وتم إخطار النيابة العامة، وتحرر محضر إداري بقسم شرطة مينا البصل، وكلفت إدارة البحث الجنائي بالتحري عن الواقعة، وأمرت بنقل جثة الطفلة لمشرحة الإسعاف بكوم الدكة، وجاري العرض على النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.