نكشف أسماء أربعة أعضاء بمجالس إدارات البنوك للتساهل في مديونية شركة "باسل الباز"
برلمانيون: "تعارض المصالح" يهدد الاقتصاد الوطني.. ويطالبون رئيس الوزارء بالتدخل السريع للقضاء على فساد القطاع المصرفي
حالة من الغموض الكبير أثيرت خلال الأيام الماضية، مع بدء ظهور أزمة تورط قيادي مصرفي كبير بمساعدة زوجته في التفاوض باسم إحدى الشركات التي تمتلك مديونية كبيرة لدى عدة بنوك وتحتاج لسدادها، إلا أنها لا تمتلك القدرة المالية للقيام بعملية السداد، وهو الأمر الذي تمكنت زوجته خلاله من استغلال سلطة زوجها في تعيين أعضاء لمجلس إدارة الشركة التي تتولى التفاوض مع البنوك، والتي تم انتدابها للتفاوض لحل الأزمة، في مجالس إدارات البنوك ذات المديوينة من أجل التساهل في عملية السداد.
وتحاول "أهل مصر" فى هذه السطور اللكشف عن كل ما هو جديد في إطار دعمها للحكومة المصرية لإزلة كل أواصر الفساد داخل القطاع المصرفي المصري، باعتباره الشريك الأساسي في عملية الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المصرية حاليًا، وفضح أي محاولات يائسة للعمل ضد الدولة لحماية الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل الإشادات الدولية فيما وصلت إليه العملية الإصلاحية لمصر خلال المرحلة الحالية.
وحصلت "أهل مصر" على طلب إحاطة تقدم به البرلماني الدكتور إبراهيم حجازي عضو مجلس النواب للدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، للكشف عن حقيقة مساعدة زوجة مصرفي كبير لإحدى الشركات العالمية في مجال الاستشارات الاقتصادية والتمويلية للتفاوض مع البنوك المصرية والحصول على منح تدريبية من البنوك، مقابل الحصول على أرقام مالية، ونسبة رقيمة من قيمة الحصول على قروض أخرى.
اقرأ أيضا.. طارق عامر يترأس وفد مصر في اجتماعات مجلس محافظي البنوك بغينيا
وكشف "حجازي" في طلب الإحاطة الذي تقدم به لرئيس مجلس النواب، أن القيام بتلك الوقائع تكشف عن مخالفة القانون رقم 106 لسنة 2013، والذي ينص على "تعارض المصالح إما مطلق أو نسبي لأي شخص تربط صلة قرابة بالمسئول الحكومي حتي الدرجة الرابعة.
وطالب رئيس مجلس الوزارء بالكشف عن معايير اختيار قيادات البنوك، خاصة بعد تعيين أفراد من العاملين بالشركة كمديرين تنفيذين بمجالس إدارات عدد من البنوك الحكومية أو الخاصة، ما يدعو إلي وجود شبة فساد لدي القطاع المصري، يتطلب من الدكتور مصطفى مدبولي سرعة التحرك واتخاذ الإجراءات لحماية القطاع المصرفي.
كما حصلت "أهل مصر"، على نسخة من المذكرة التي تقدم بها عضو مجلس النواب، محمد فؤاد لهيئة الرقابة الإدارية، للكشف عن وقائع الفساد التي تحاصر القطاع المصرفي، وتحتاج لتدخل الجهات الرقابية.
اقرأ أيضا.. البنك المركزى يؤكد أهمية تطبيق التعليمات الرقابية على كافة البنوك بأسواق أفريقيا
وكشفت المذكرة التي تقدم بها البرلمان محمد فؤاد على بدء الأزمة مع تضخم ديون "الشركة المصرية للهيدروكربون" والتي يمتلكها "باسل أسامة الباز"، نجل المستشار السياسي للرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث إنه في أكتوبر 2018 اتفق "باسل" مع البنوك على جدولة ديون شركته والبالغة 450 مليون دولار، لكن مع حلول موعد أول قسط في مارس 2019 بقيمة 45 مليون دولار، عجز الباز عن السداد، وأخبر البنوك أنه نجح في تدبير 20 مليون دولار فقط وطلب مهلة، وهو ما رفضته البنوك، وقررت البدء في إجراءات الحجز على الشركة.
إلا أن الأمور تعقدت أمام "باسل الباز"، وفجأة ظهر وسيط هو رجل أعمال إماراتي ليخبره بأن "داليا خورشيد" الوزيرة السابقة وزوجة "طارق عامر" محافظ البنك المركزي، تريد مقابلته، وعرضت "داليا" علي "باسل" أن تقوم شركتها "مسار للاستشارات المالية" بتمثيله أمام كل البنوك والتي تقع بالطبع تحت إدارة زوجها "طارق عامر"، وستحل له الأزمة مقابل 3 أشياء:
1-حصولها على 275 ألف دولار "كاش".
2-حصولها على 50 ألف دولار شهريًا مقابل تعيينها مستشارة بالشركة.
3-حصولها على نسبة 3% من أي قرض جديد تقوم بتسهيله في المستقبل لباسل الباز.
أعضاء بمجالس إدارات البنوك للتساهل في مديونية شركة "باسل الباز"
ولاحظ أن أكبر عمولة متعارف عليها في السوق هي 0.5 %، وأن شركة "مسار" ماهي إلا واجهة لشركة "إيجل كابيتال"، والتي بالصدفة تترأس مجلس إدارتها داليا خورشيد، كما أن "إيجل كابيتال" تستحوذ على الشركات والمؤسسات لتطويرها ثم تبيعها مرة أخرى، وأن "إيجل كابيتال" غير مقيدة في البورصة المصرية.
وبالفعل وافق "باسل الباز" على شروط "داليا خورشيد"، والتي بالطبع نفذت ما وعدت به وتم تأجيل الحجز على الشركة، والذي فضح الأمر هو اكتشاف أن هناك أكثر من 10 أشخاص هم أعضاء في مجالس إدارات البنوك المانحة للقرض، وفي نفس الوقت أعضاء في شركة "مسار" التي تمتلكها "خورشيد"، مما يعني وجود فساد وتضارب مصالح، والذي من بينهم، ش.و مجلس إدارة بنك «SAIB»،وإ.ص بمجلس إدارة البنك العربي الإفريقي، وع.ف مجلس إدارة البريد المصري، وهؤلاء الثلاثة كانوا يعملون مع داليا خورشيد أثناء توليها وزارة الاستثمار، وم.أ بنك مصر، والذي تم تعينهم من قبل "طارق عامر"، رئيس البنك المركزي كأعضاء في مجالس إدارة تلك البنوك، ولم يقتصر الأمر على تلك الواقعة فحسب، بل إن هناك خطاباً رسمياً أقرب ما يكون إلى الابتزاز والبلطجة صدر من شركة الوزيرة السابقة موجهاً إلى كل البنوك الدائنة، تعرض فيه عليهم خدمات تدريبية مقابل مبلغ مالي كبير، ويشير الخطاب إلى تعاملاتها مع مؤسسات مصرية كبري على رأسها مؤسسة هامة ، ومجلس الوزراء، والبنك المركزي، ووزارة التخطيط، وهذا الكلام يوحي بأن "داليا"مركز قوة، ولديها علاقات وأنه يستحسن التعاون معها.
فساد العربي الإفريقي الباب لفضح سلاسل الغموض
البداية كانت بعد رحيل حسن عبد الله، وإعفائه من منصبه من قيادة البنك العربي الإفريقي بعد إثبات تورطه في مخالفات مالية جسيمة بلغت في مجملها 11 مليار جنيه أي ما يعادل "666 مليون دولار"، ومعه قيادات من المصرف العربي الدولي.
وكشف مصدر، أن العضو المنتدب السابق بالبنك العربي الأفريقي الدولي حسن عبدالله، منح كبار العملاء تسهيلات ائتمانية بلغت 9.2 مليارات جنيه، واستخدم جزءا منها في سداد تسهيلات وقروض ممنوحة لهم من البنك نفسه بقيمة 2.8 مليار جنيه، وبنوك أخرى بقيمة 191 مليون جنيه.
وأضاف المصدر أنه عمل على زيادة رؤوس أموال شركات قائمة بمخالفة القانون بقيمة 950 مليون جنيه، لسداد قيمة شراء أراض لهؤلاء العملاء، بقيمة 2.9 مليار جنيه.
ولفت المصدر إلى أن العضو المنتدب بالبنك العربي الأفريقي حصل على 5.2 ملايين دولار في العام 2018 دون وجه حق، بعد أن أجرى تعديلات على لائحة صندوق العاملين لصرف مستحقاته بالدولار بدلًا من الجنيه دون الرجوع لمجلس الإدارة.
وأشار المصدر إلى أنه حصل بمقتضى التعديلات على 19.3 مليون دولار بزيادة 11 مليونًا ليصل إجمالي ما حصل عليه من أموال دون وجه حق إلى 24.5 مليون دولار.
ووفقًا للخطاب الموجه للبنك العربي الأفريقي، فإن 7 مديرين حصلوا على 119 مليون جنيه، بما يعد إهدارًا للمال العام، خاصة أن عملية الصرف تمت بالدولار، بخلاف لائحة البنك، وفقًا للمصدر.
وأوضح المصدر أن العضو المنتدب المدان قدم تسهيلات بـ80.9 مليون دولار، وتسهيلات أخرى بقيمة 250.1 مليون جنيه، مع اعتماد مخصصات بنظام الخصم على الدخل بقيمة 9.7 مليون جنيه، فضلًا عن منح قروض لشركة سياحية وتسهيلات ائتمانية، ومنح تسهيلات دون سدادها.
ومنح العضو المنتدب 5 شركات قرضًا بقيمة 180 مليون جنيه لشراء أسهم من شركات شقيقة لها، ولسداد مديونيات، وأنه تم تحويل جزء من القرض لمؤسسات خارجية غير معلومة، وفقًا للمصدر.
وكان البنك المركزي قد كشف في تقرير، موثق ما يثبت إهدار ما يتجاوز 11 مليار جنيه "666 مليار دولار" بالبنك العربي الأفريقي
والمصرف العربي الدولي، على يد عضوين منتدبين سابقين بهما، وفقًا لما قدمته إدارة الرقابة والتفتيش بالبنك المركزي.
اتهامات محافظ البنك المركزي
بعد أيام من إطاحة طارق عامر بـ"حسن عبد الله" من إدارة البنك العربي الأفريقي، ولم يتم فتح تحقيق في ملفات فساده، بدأت أزمة "داليا خورشيد" زوجة محافظ البنك المركزي.
أصل الحكاية
بدأت أزمة الوزيرة السابقة بعد أن منعت مؤسسة الأهرام طباعة عدد الأربعاء الماضي من صحيفة "الأهالي"، بسبب تحقيق صحفي عن شركة "إيجل كابيتال" للاستثمارات التي تسيطر على سوق الإعلام والدراما بمصر، وتديرها خورشيد، وكشفت عن عمليات فساد تقوم بها الوزيرة السابقة ومتورط بها زوجها، حيث استغلت نفوذه للضغط على البنوك لمنع الحجز على إحدى شركات الكيماويات المتعثرة، والتابعة لنجل "أسامة الباز" السياسي الأشهر بعهد الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، والمدينة بـ450 مليون جنيه، نحو 25 مليون دولار، عن طريق شركة استشارات تديرها الوزيرة السابقة.
ويُشير مراقبون إلى أن ظهور قضيتين في وقت واحد لكبار المصرفيين، ما هو إلا تصفية حسابات بين طرفين، في الوقت الذي يزعم محافظ البنك المركزي أن حسن عبد الله يقف وراء الحملة التي تستهدف تشوية صورته أمام الرأي العام.
وعلق الكاتب الصحفي "محمد النجار" على تلك القضية على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" قائلا: "عندما يختلف الشركاء تظهر الرائحة طارق عامر، وحسن عبد الله"، مضيفا: "الخلاف بين عامر وعبد الله، الذي كان صديقا شخصيا لعلاء مبارك، بدأ عندما أقال الأول الثاني من رئاسة مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي، ومؤخرا، اتهم عامر عبد الله بأنه استولى على مكافآت 24 مليون دولار بعام واحد، وحصل مع مجلس إدارة البنك على 112 مليون جنيه مكافآت بعام واحد، وحول 9 مليارات جنيه للخارج."
وواصل: "طارق عامر لم يتهم حسن عبد الله إلا عندما نشرت بعض المواقع وجريدة الأهالي تقارير أن زوجة طارق عامر استخدمت سلطات زوجها لتأجيل سداد وجدولة قرض لإحدى الشركات، كما فعلت ذلك مع شركات أخرى وهو أمر يشكل تضارب مصالح واضح.. هذا الخبر تسبب في مصادرة جريدة الأهالي 3 أعداد، بجانب خبر آخر عن العفو عن إرهابيين من كرداسة".
وشغل محافظ البنك المركزي المصري المنصب منذ 27 نوفمبر 2015، وذلك بعد استقالة المحافظ السابق هشام رامز من منصبه، وعمد "عامر" في خلافته إلى تبني سياسة العرض والطلب في التعاملات النقدية الدولارية مما تسبب في قفزة سعر الصرف الأجنبي من 7 جنيهات إلى 18 جنيهًا، وانشق الخبراء بين فريقين مؤيد للقرار واعتباره جرأة وشجاعة، وآخرون بأنه غير مدروس ويسبب كوارث اقتصادية، وهو ما بدأ في الواقع المعهود من ارتفاع في التضخم وعجز في الموازنة وانهيار العملة المصرية أمام الدولار الأجنبي.
عدم التجديد
انتشرت عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أخبار تفيد بأنه لا نية للتجديد مرة أخرى لمحافظ البنك المركزي، والذي يتبقى من مدته 6 أشهر، ويأتي القرار بعد أيام من حالة من الجدل داخل أروقة البرلمان ووسائل الإعلام ومواقع التواصل.
تكريم "عامر"
في الوقت الذي تحوم فيه الشبهات عن فساد محافظ البنك المركزي، إلا أنه تم تكريمه من المصرف الأفريقي بالأمس كأفضل محافظ للبنوك المركزية الإفريقية لعام 2019.
وتسلم "عامر" الجائزة خلال حفل أقيم في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية، وذلك على هامش رئاسته للوفد المصري المشارك في الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الأفريقي، بصفته محافظ مصر لدى البنك، والمنعقدة في مالابو خلال الفترة من 11 إلى 14 يونيو 2019.
وتمنح هذه الجائزة سنويًا لمحافظي البنوك المركزية ممن قاموا بإنجازات وإصلاحات هامة في السياسة النقدية والقطاع المصرفي في الدول الإفريقية.